انسجاما مع رغبات رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو، وخطته المعروفة حول السلام الاقتصادي، وزير الخارجية الأمريكي السيد جون كيري يعلن بالفم الملآن ان فلسطين لا تساوي أكثر من أربعة مليارات من الدولارات، وحتى هذه المليارات الأربعة مشروطة بشروط مسبقة وضعها السيد كيري.
جاء ذلك في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد قبل يومين على ضفاف البحر الميت في الأردن.
سيزيد راتب الموظف بحوالي 40%، هكذا كان العنوان للعديد من المواقع الإخبارية الفلسطينية، في بشرى للفلسطينيين بأن ثمن موافقتهم على التخلي عما تبقى من وطن سيكون 40% زيادة في الراتب.
هذا هو ثمن احتفاظ دولة الاحتلال بالأغوار، وبالقدس، وبالمستوطنات الكبرى والتي ستلحقها الصغرى، وحق اللاجئين في العودة وكذلك في المياه وكل ما يمكن ان يتخيله المواطن الفلسطيني.
هذا كله أيضا مقرون بالموافقة على يهودية الدولة وتبادل للأراضي "بنفس المقدار والقيمة" بحسب الترويج الفلسطيني.
لكن "الوطن غالي"، أو ليس هذا ما تعلمناه منذ نعومة أظافرنا.
بالتناغم مع هذا الإعلان، لم يتردد العديد من رجال الأعمال العرب والفلسطينيين وزملائهم في دولة الاحتلال، عن الإعلان عن "جاهزيتهم" لضخ المليارات من الدولارات من اجل استثمارها في الدولة العديدة التي ستقام على ما هو أقل من 22%من الأراضي الفلسطينية في حالة اقتطاع القدس والكتل الاستيطانية وتأجير الأغوار.
لكن "الوطن غالي"، الم يتعلم هؤلاء في ذات المدارس، أم ترى لم يقرأ هؤلاء ذات المناهج.
بعض المحللين ونحن معهم، يعتقدون ان الأمور لم تكن أبدا بهذا القدر من الانحطاط في الوضع الفلسطيني أو العربي بالتعامل مع القضية الفلسطينية، ويوجه هؤلاء "سهامهم" إلى ما قيل انها مبادرة أو نداء أطلقه مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين مع نظرائهم في دولة الاحتلال، ويقارن هؤلاء بين ما كان وما هو كائن، وهذه الجرأة التي وصل إليها البعض في التعاطي بهذا الشكل من العلنية غير المسبوق مع دولة الاحتلال.
ترى هل "الوطن غالي"، أم هو غال فقط لفئة ولم يعد كذلك لفئات عديدة أخرى.
في الصغر، عندما كنا أطفالا وشبانا يانعين، تعلمنا بأن "الوطن غالي"، وان الوطن يستحق منا كل تضحية، وما زال من آمن بذلك، يقبع منذ عشرات السنين أو اقل أو أكثر في سجون الاحتلال، وما زال الآلاف يعاني من الجراح أو الإعاقة نتيجة هذا الإيمان، وهنالك الآلاف ممن غادرنا وترك هذا العالم، معتقدا بأن خلفه من سيحمل الرسالة ليكمل الطريق.
هل قال "احمد شوقي" وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه بالخلد نفسي، أم ترى لم يقل ذلك، هل تعلمنا أشياء لها علاقة بالخيال في المدارس، هل علمونا أوهاما راح ضحيتها خيرة شباب العرب وفلسطين، أم كانت تلك مجرد قيم وأكاذيب للاستهلاك ضمن مرحلة من المراحل؟
كيري الذي يعرض عل أبناء فلسطين ثمنا بخسا لوطنهم، ربما لا يدرك بأن الوطن أغلى من ان يباع أو أن تتم المساومة عليه، وهو من الواضح، لا يعلم بعد ما هي العقلية وما هي الثقافة التي نشأ عليها أبناء فلسطين برغم ما قد يبدو على السطح من منظر "باهت" يحمل في ظاهره "قبولا" لواقع لن يدوم، واقع مخادع لا ينم أبدا عن حقيقة ما تحت الرماد.
السيد وزير الخارجية الذي من الواضح انه يتبنى خطة نتانياهو الاقتصادية، يعتقد بأن من السهل بمكان ان يشتري فلسطين وقضيتها وتضحياتها بثمن بخس، وان إمارات الضعف التي تعاني منها فلسطين بسبب الاحتلال قد تقود الشعب الفلسطيني إلى التنازل عن أرضه وقيمه وتاريخه، وهو بهذا لا يدرك ان مثل هذه الفترات من "الموات"، مرت على الشعب الفلسطيني، إلا انها كانت تتبعها فترات من المد والعمل المقاوم الذي يجسد حيوية أبناء فلسطين، ورفضهم لكل مشاريع التسوية الهادفة إلى تسوية قضيتهم العادلة وخاصة فيما يتعلق بموضوع حق العودة.
من أوحى لكيري بفكرة "بحبحة" الوضع للمواطن الفلسطيني، وزيادة الراتب 40%، لا يدرك انه بذلك إنما خدع كيري، وانه سلمه رسالة زائفة لا تنم عن الحقيقة الكبرى التي تقول بأن شعب فلسطين لن يساوم على أرضه مهما كان الثمن.
فقط للتذكير، خلال فعاليات النكبة التي مرت قبل حوالي أسبوعين، كان الذين يشاركون في الفعاليات بمعظمهم من فئة الأطفال الذين لا يعرفون من فلسطين المحتلة عام 1948، سوى الاسم.
28-5-2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت