لماذا تتحامل الشعوب العربية على قطر

بقلم: رمزي صادق شاهين


ظاهرة تزداد يوماً بعد يوم ، وتتسع لتصل حدود التخوين العلني ضد دولة عربية خليجية ، هذه الظاهرة تحمل الكثير من الكراهية والنفور ، دولة صغيرة الجغرافيا وعدد سكانها لا يكاد يُذكر بين شعوب امتنا العربية ، لكنها أصبحت محل انتقاد شعبي ورسمي على مستوى وطننا العربي ، خاصة أن الشعوب العربية تعرف حقيقة نظام الحكم في هذا البلد ، وكيف تمت عملية الإطاحة بحاكم البلاد من قبل ابنه عام 1995م ، والطريقة التي يتم فيها الحكم الآن ، والدور الذي تقوم به هذه الدولة من أجل تقزيم دور الدول العربية صاحبة التاريخ والمؤثرة في القرار العالمي .

لقد اشتدت حالة الكراهية لدولة قطر نتيجة دورها الواضح والعلني في الكثير من القضايا التي جاءت سلبية ضد شعوبنا العربية ودولنا الشقيقة ، وللأسف الشديد كانت هناك حالة من الوقاحة في طرح قضايا أخرى تمس قضايا عربية هامة وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، وكيف يتجرأ حكام هذه الدولة على طرح مبادرات مشبوهة تهدف للقضاء على القضية الفلسطينية ، أو العمل على تهميشها أو خلق البدائل لها ، وكذلك المساهمة في إضعاف التمثيل الشرعي لشعبنا وهي م.ت.ف .

ولعل هناك عدد من القضايا التي سنحاول الإشارة إليها والتي زادت من حالة الكراهية لدولة قطر ، هذه القضايا التي أصبحت واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج إلى إثبات ، ولا يستطيع أحد إنكارها ، ومنها العمل على زعزعة استقرار بلدان عربية ، وإشعال الخلافات بأخرى ، تحت مسميات الربيع العربي .

علاقتها مع إسرائيل :
كلنا يعلم أن مصر والأردن وقعتا اتفاقية سلام مع إسرائيل ، وبشكل علني وواضح وأمام العالم أجمع ، وبرغم حالة الرفض الشعبي والوطني لهذه الاتفاقيات ، إلا أن كلتا الدولتين كان لها مواقف واضحة وعلنية للعلاقة بينها وبين إسرائيل ، لكن المصيبة أن دولة قطر هي من أوائل الدول العربية الخليجية التي أقامت مكتب تجاري بينها وبين إسرائيل بشكل سري ، وفي ظل أصعب الظروف التي مرت بها قضيتنا الوطنية ، والمصيبة الأكبر أنها تلبس ثوب الوطنية ، وتتحدث عن القضية الفلسطينية إنها ضمن أهم أولوياتها .
كما أن قطر الدولة الوحيدة التي زارها رئيس الكيان القاتل شمعون بيرس ، وتجول في شوارعها وزار أسواقها والتقط الصور التذكارية مع نساء حكامها ، وبادله الزيارة أمراء قطر وشيوخها بشكل علني .

رعايتها لقناة الجزيرة :
شكلت قناة الجزيرة القطرية حالة من الفوضى الإعلامية ، من خلال بثها لبرامج تعتمد على سياسة دس السم في الدسم ، وأهمها برنامج الاتجاه المعاكس ، شاهد على العصر ، وغيرها من البرامج المفتعلة والتي أرادت الجزيرة ودولة قطر منها تشويه الصورة وقلب الحقائق ، وتسليط الضوء على بعض القضايا الداخلية في الدول العربية ، وتناست أن هناك شعب في قطر ، لديه نفس المطالب الشعبية العربية ، كالعيش في ظل نظام سياسي غير دكتاتوري وعائلي ، نظام فيه تعدديه سياسية وحرية تعبير عن الرأي ، وهذا ما لن نشاهد الجزيرة تتحدث عنه في برامجها .

ولقد أدى أداء قناة الجزيرة المدفوع من قبل النظام القطري ، إلى حالة من الخلاف الشديد بدأ مع المغرب ، مصر ، الأردن ، وغيرها من الدول العربية التي رأت في الجزيرة وبرامجها تحريض واضح على أنظمة الحكم وتدخلت بشكل وقح في القضايا الداخلية لهذه الدول ، وقد تعاملت الدول العربية مع الجزيرة بشكل قانوني وأغلقت مكاتبها التي تستخدم كمكاتب للتجسس وكتابة التقارير الصحفية المفبركة .

المشاركة في العدوان على العراق :
كان لدولة قطر دور مهم ومركزي وواضح وعلني ، مع بداية العدوان الأمريكي على العراق الشقيق ، من حيث المساعدة الهامة والتسهيلات التي قدمتها دويلة قطر للقوات الأمريكية ، حيث منحت أرضها لتكون عبارة عن قاعدة أمريكية متقدمة في المنطقة ، ومنها تتم العمليات الأمريكية العسكرية ، وانطلقت منها الطائرات الأمريكية لقتل أطفال العراق وكان ملجأ العامرية ومشاهد قتل الأطفال فيه شاهد على الدور القطري المركزي لمساعدة الولايات المتحدة في ضرب دولة عربية شقيقة .

التحريض على الدول العربية :
تعامل حكام قطر بحالة من الاستعلاء مع بعض الزعماء والقادة العرب ، ومهما اختلفنا على معظمهم ، إلا أن قطر كان لها موقف علني في التحريض على هذه الأنظمة ، وفي إطار واضح من تلاقي المخططات مع الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث تم وضع مخطط تقسيم الوطن العربي ، وإشعال نار الفوضى الخلاقة ، وصولاً غلى الربيع العربي ، وهذا تم بإرادة أمريكية وبرعاية ودعم مالي قطري

رعايتها لأقطاب المعارضة العربية :
لاحظنا خلال العشر سنوات الأخيرة أن دولة قطر فتحت أبوابها لتكون ملاذ آمن لبعض أقطاب المعارضة في الوطن العربي ، وقد استخدم النظام الحاكم في قطر هذه المعارضة لتشكيل جبهة تحريض ضد الأنظمة العربية ورؤساء الدول ، ولم يكن هذا التحريض من أجل مساعدة الشعوب للتخلص من الأنظمة الدكتاتورية ، بل جاءت نتيجة استكمال مخطط الشرق الأوسط الجديد ، الذي تم وضعه إبان ولاية الرئيس أوباما الأولى وأشرفت على وضع خطوطه العريضة وزيرة الخارجية رايس .

تقسيم السودان :
قضية النزاع في السودان بدأت منذ سنوات طويلة ، وقد رعت الولايات المتحدة الأمريكية هذا النزاع ، وعمدت على ازدياده وتعميقه ، وقامت بدعم المتمردين في الجنوب ودفعت ملايين الدولارات وضخت السلاح لجماعات جون قرنق ، إلى أن جاءت قضية المفاوضات بين حكومة السودان والمتمردين في الجنوب ، وتحولت القضية إلى الدوحة لاستكمال المشروع الذي قام على تقسيم السودان ، وجعلها دولتين لشعبين في الشمال برئاسة عمر البشير المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين ، وجنوبيه بقيادة سلفاكير الصديق الحميم لإسرائيل .

المؤامرة على ليبيا :
استطاعت الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا إشعال فتيل الثورة الليبية في 17 ابريل 2011م ، وفي غضون ساعات كانت التحركات من أجل إسقاط نظام القذافي ، وبرغم أن ذلك هو مطلب للشعب الليبي لكن الطريقة والخطة لم تكن من أجل مصلحة الليبيين ، بل من أجل أن تغرق ليبيا في بحر من الدماء وتُصبح دويلات تحكمها مليشيات ، وبالنهاية تخضع للوصاية الدولية بقيادة الولايات المتحدة .
قطر كانت الراعي الأساسي لهذا المشروع ، فهي من دفع ثمن الصواريخ التي أُطلقت على ليبيا وقتلت الأطفال والنساء ، وهي من وفر الإمكانيات لانطلاق الطائرات الأمريكية لضرب الشعب الليبي وهدم البنية التحتية لليبيا ، حتى تصبح دولة بلا أي مقومات ، ويعيش شعبها على المساعدات ، ويُسرق نفطه وخيراته بوضح النهار وتُصبح ليبيا مستعمرة أمريكية للسيطرة على المغرب العربي .

موقفها من الثورة السورية :
الثورة السورية جاءت كنتاج طبيعي لسلوك نظام الأسد ، فهو نظام طاغي ومجرم ، لكن المطلوب ليس إسقاط هذا النظام ، بل القضاء على سوريا كدولة مهمة في المنطقة ، والقضاء على الجيش السوري ومعداته حتى لا يكون قادراً في أي لحظة لخوض معركة ضد إسرائيل ، أو بقاء الجيش السوري قوياً حتى يمنع يوماً من الأيام تمرير مخطط تقسيم سوريا لدويلات ، والهدف الأكبر هو بقاء الجولان بعيدة عن أي مطالبات من قبل الشعب السوري الذي سيُنهك من الحرب ، والتي ستتحول يوماً ما لحرب طائفية .

لم يكن الموقف القطري تجاه الثورة السورية ، يصب في مصلحة سوريا وشعبها ، بل من أجل أن يُصبح الشعب السوري منشغلاً في همومه الداخلية وببناء دولته ، وأن لا يطالب بحقه في استعادة أرضه التي تحتلها اسرائيل منذ عام 1967م ، كما أن الموقف القطري جاء ليكون إلى جانب مخطط الولايات المتحدة الهادف لتقليم أظافر إيران في المنطقة وهي الداعم ألأساسي لنظام الأسد ولحزب الله .

موقفها من القضية الفلسطينية :
لم يكن التدخل القطري في الشأن الفلسطيني بأي لحظة من اللحظات في صالح القضية الفلسطينية ، فأولاً وأخيراً يجب حماية اسرائيل ، ومهما كلف الثمن المادي والسياسي ، وكذلك يجب سحب البساط من تحت أقدام مصر الراعي الأساسي للقضية الفلسطينية ، وتاريخياً كان الشعب المصري مناصراً لقضيتنا ولشعبنا ، وأصبح الآن تحويل الملف الفلسطيني ليُصبح بيد قطر ، حتى تتمكن من تمرير أي مشروع من شأنه عدم حصول الشعب الفلسطيني على حقه كما يطالب ، بل من الممكن تمرير مشاريع جديدة لتصفيه القضية وإقامة كيانات فلسطينية متباعدة جغرافياً وسياسياً .

أخيــراً :
الشعوب العربية أصبحت واعية تماماً لما يدور حولها من أحداث ، فقد انتهى عصر التجهيل الحكومي للشعوب ، وأصبحت شعوبنا العربية تعلم الحقيقة وتعرف أين هي مصالحها ، ومن الذي يقف معها ومن الذي يحاول تمرير المشاريع الأمريكية في دولها ، لذلك أصبحت الشعوب العربية تتحامل على دولة قطر وعلى حكامها ، وعلى أي قضية يتدخلون بها ، لأن الشعب العربي لا يريد أن يصبح أسيراً لمشاريع مشبوهة تخدم اسرائيل والولايات المتحدة ، حتى لو كان ثمن ذلك مليارات الدولارات التي تحاول قطر أن تغري حكام المنطقة بها .

&&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي – غــزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت