القدس المحتلة - وكالة قدس نت للأنباء
كشف تقرير داخلي أن الشرطة الإسرائيلية دفعت ملايين الشواكل على شكل تعويضات، لقضايا مدنية مرفوعة ضدها، بسبب الإهمال وسوء الأداء العام، خلال العام الماضي.
ووفقا للتقرير الذي أوردت صحيفة "هآرتس" الصادرة باللغة الانجليزية مقتطفات منه، فان الشرطة الإسرائيلية ما قيمته 27.761 مليون شيكل كتعويضات للإسرائيليين الذين تضرروا جراء اهمال الشرطة وسوء ادارتها.
ومن ضمن المبلغ الاجمالي هذا فان الشرطة دفعت تعويضات بقيمة 11.742 مليون شيكل وذلك بسبب فشلها (الشرطة)، في التعاطي مع الشكاوى والاتصالات التي طلب اصحابها مساعدة الشرطة.
وجاء نشر هذا التقرير، بعد حفل اقيم الخميس الماضي، تحدث فيه المفتش العام للشرطة الاسرائيلية، يوهانان دانينو، حيث خاطب الآلاف من أفراد الشرطة عن انجازاتها خلال العام الماضي. ولم يكن حينها قد استلم نتائج التحقيق الداخلي للشرطة في جريمة قتل الطفلتين ريماس واسناد، في قرية الفرعة البدوية.
وكانت والدة الطفلتين، تقدمت عدة مرات بشكاوى للشرطة الاسرائيلية حول اعتداءات زوجها على طفلتيها، فيما صرحت لـ "هآرتس" أن الشرطة رفضت التحقيق في شكواها، كونها فلسطينية متزوجة من اسرائيلي، يعيش في اسرائيل.
وفي أعقاب قتل الطفلتين، أعلن دانينو، أن الشرطة الإسرائيلية ستقوم بتنظيف "البيت". وقال: "لن نتخلى عن المهنية العالية، ولن تكون هناك أي تنازلات عند اي مستوى، حيث ان رجال الشرطة والضباط سواسية"، لكنه اضاف، بأن تصرف قسم الشرطة في عراد شكل انحرافا، لا يتفق مع المواصفات المهنية العالية المتوقعة من الشرطة والضباط في اسرائيل، وبخاصة في مثل تلك المنطقة الحساسة.
وأشارت الصحيفة، الى أنه حتى قبل قضية جريمة الفرعة، تلقى دانينو، وغيره من ضباط الشرطة الكبار في مكاتبهم، نسخا من تقرير قضايا الأضرار المدنية للشرطة الإسرائيلية لعام 2012، الذي يفصل تسويات القضايا المدنية ومدفوعات الشرطة للتعويض عن الاضرار الناجمة عن إهمالها وأدائها غير الملائم.
وأضافت الصحيفة ، بأنه على مدار السنوات الخمس الماضية، دفعت الشرطة تعويضات بقيمة 104 ملايين شيكل، بسبب الإهمال وسوء التعامل، اثناء تعاطيها مع قضايا المواطنين الذين احتاجوا الى مساعدتها.
واستطردت الصحيفة قائلة: "وراء تلك الأرقام تقبع القصص الفردية للأشخاص الذين دفعوا، وما زالوا يدفعون الثمن اليومي لاهمال الشرطة، وعدم اكتراثها بهم وبصحتهم".
واشارت الصحيفة قصة "ر" من القدس، الذي أمرت المحكمة المركزية، الشرطة بدفع مبلغ خيالي له، وصل الى 7,2 مليون شيكل. وأوردت أنه في ليلة حزيران 2009 قام يوئيل ألموغ دزهاناشفيلي (48 عاما) من القدس، بقتل الشاب المقدسي أمجد ابو خضير، في حي "كريات موشيه". وكان أبو خضير (33 عاما)، وهو أب لأربعة اطفال، قتل في ساعات الصباح الباكر في منطقة باب الخليل، بينما كان في طريقه الى العمل في القدس الغربية.
وبعدها قام القاتل بإطلاق النار على "ر" وهو شاب يهودي، يقيم في القدس، اصيب بجراح خطيرة، ويعاني من الشلل الى وقتنا هذا، حيث يعاني من إعاقة جسدية بنسبة 100 بالمئة. وحينها خلص تحقيق الشرطة الى ان دزهاناشفيلي يعاني من مرض عقلي، وعليه لا يمكن تقديمه للمحاكمة، ولذلك تم تحويله الى مصحة للأمراض العقلية.
غير انه سرعان ما تبين أنه كان بإمكان الشرطة تجنب عملية مقتل ابو خضير، ومحاولة قتل "ر"، حيث أنه في يوم وقوع الحادثة، قام طالبان من المعاهد الدينية القريبة، بإبلاغ الشرطة عن تصرف غريب لأحد حراس الأمن، الذي يعمل في حيهم، حيث اتصلا بالخط الساخن رقم 100، للابلاغ عن تصرفات الحارس، إلا انه طلب منهما التوجه شخصيا الى مركز الشرطة، في المسكوبية لتقديم شكوى.
وبعد قيام الطالبان بفعل ما طلب منهما، قرر ضابط الشرطة، الذي استلم البلاغ منهما، عدم التعاطي مع القضية، وأعطاهما رقم ضابط شرطة مجتمعي في حيهما. وبعدها قام الطالبان بالاتصال بالضابط المذكور عدة مرات، لابلاغه عما يثير مخاوفهما، غير أنه لم يتم توثيق الشكوى أو التعاطي معها، وبعد عدة ساعات اطلقت النيران لتقتل ابو خضير ولتصيب وتَشُل "ر".
وفي اليوم التالي من الحادثة، قال المتحدث بإسم الشرطة بأنها لم تتلق اي شكوى، غير انه قال لاحقا بأن الضابط المحلي الذي تسلم الشكوى، قرر بأنه من غير الملائم اعتقال رجل الأمن.
وبعد رفع القضية ضد الشرطة، والطلب منها تفسير ما حدث، قال الضابط، إنه لا يذكر الحادثة او الشكاوى التي تقدم بها طالبا المدرسة الدينية.
وبعدما ادركت الشرطة التضارب في الشهادات التي ادلى بها أفرادها، عرضت تسوية القضية مع "ر" لقاء دفع مبلغ 7,2 مليون شيكل، ومازالت القضية التي رفعتها عائلة أمجد أبو خضير قيد البحث في المحاكم الإسرائيلية.
وهناك قضية اخرى، تضمنت قيام الشرطة بدفع تعويضات، تعود الى آذار 2008، عندما حاول مخبران من قسم شرطة الجنوب، اعتقال مشتبهين بحيازة مخدرات، وقد ادعيا بأن أحدهما حاول مقاومة الاعتقال، مما دفع احد ضباط الشرطة لضربه على الطريق السريع.
وضرب المشتبه عدة مرات على رأسه، ما ادى الى ادخاله المستشفى فاقدا الوعي، بعد اصابته بجروح خطيرة، فيما عانى الضابط من جروح طفيفة، كانت على ما يبدو جراء ضرب المشتبه، وبعد اعتقاله، خضع المشتبه للعلاج في المستشفى لمدة ثلاثة اشهر توفي بعدها متأثرا بجراحه.
وقرر قسم التحقيق الداخلي في الشرطة إغلاق القضية، ضد الضابط الذي قام بالاعتقال، بسبب الشهادة المتضاربة، وكان ذلك بعد أن أدت التحقيقات الداخلية إلى إغلاق 19 قضية ضد الشرطي الذي نفذ الاعتقال، وعليه، قررت الشرطة ان تدفع لعائلة المتوفي 2.050 شيكلا من المال العام.
وعقبت الشرطة على ذلك بالقول: "الشرطة تنتشر لمدة 24 ساعة في معركة متواصلة حول نوعية الحياة والأمن للمواطنين، ومن الطبيعي، ان منظمة تضم الآلاف من ضباط الشرطة، وتقوم بآلاف العمليات اليومية، ان تقع في بعض الأخطاء أحيانا، ومع انها غير ذات أهمية، لدى المقارنة مع المجموع الإجمالي لعملياتها، فهي توضع في العملية القضائية الضرورية".