تضمنت خطة كيري الاقتصادية بنودًا غير مسبوقة هذه المرة تمثلت في ضخ 4 مليارات دولار من الاستثمارات من شأنها أن تزيد الناتج المحلي الفلسطيني بنسبة 50 % خلال ثلاث سنوات, وأن تخفض البطالة بنسبة الثلثين, وتزيد متوسط الرواتب بنسبة 40 %, بالإضافة أنها تتضمن السماح للسلطة باستغلال الفوسفات من البحر الميت, وإعطاءها حق تطوير حقول الغاز قبالة شواطئ غزة, وتطوير البنى التحتية في المنطقة " ج " ( الخاضعة تحت السيطرة الإسرائيلية), وأيضًا تتضمن الخطة دعوة الطرفين للشروع في التفاوض على الحدود والأمن ومطالبة إسرائيل بعدم طرح أو المصادقة على أي عطاءات للبناء في المستوطنات أثناء المفاوضات, وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المعتقلين ما قبل اتفاق أوسلو وعددهم مئة أسير.
العروض تبدو مغرية في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية, ولكنها لم تأتي بجديد للاقتصاد الفلسطيني, ولن تساهم في تحسين أدائه على أرض الواقع طالما لا يزال الاحتلال يتحكم في كل شيء, ومن خلال التجارب السابقة مع الاحتلال فإنه لم ينفذ الاتفاقيات السابقة, لذلك لا يوجد ضمانات حقيقية لتنفيذ هذه الخطة, ولكن ستكون هذه الخطة عبارة عن فخ لاستمرار المفاوضات.
كما أن التنمية الاقتصادية التي دعا إليها كيري في خطته هي استحقاقات فلسطينية في الأساس وتم الاتفاق عليها مسبقًا ولم تنفذ بسبب التعنت الإسرائيلي والتي تتعلق بتوسيع السيطرة الفلسطينية في المنطقة " ج " والأغوار والبحر الميت واستغلال الموارد الطبيعية والاستثمار فيها.
كما أن الذهاب للمسار الاقتصادي كمبادرة لاستئناف المفاوضات محكوم علية بالفشل مسبقًا, إن لم يكن متوازيا مع المسار السياسي, حيث الصراع مع الاحتلال اكبر من أربع مليار دولار بمعنى أن هذه الأموال لا تكفي لحل الصراع وحدها.
بالتالي يجب أن يسبق هذه الخطة وقبل الموافقة عليها والشروع في تنفيذها عده خطوات وهي :
• إنهاء حالة الانقسام, باعتبار أن استمرار حالة الانقسام في حد ذاته أمرًا غير محمودًا من كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتحمل آثارًا سلبية عديدة , ولا يمكن نجاح أي حل سياسي في ظل وجود الانقسام مما يتوجب إتمام ملف المصالحة والإسراع بتشكيل حكومة مؤقتة لحين إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
• مساندة عربية مالية وسياسية وتبني موقف عربي موحد وقوي بدون تقديم تنازلات حول حق العودة أو الانجرار خلف استبدال الأراضي.
• الضغط من قبل المجتمع الدولي على إسرائيل بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدس مع ضمان حل عادل لقضية اللاجئين وإطلاق سراح الأسرى .
ثم بعد ذلك يمكن الحديث عن الخطة الاقتصادية وتقديم مساعدات مالية للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني والعمل على تخفيض وطأة البطالة والحد من حدة الفقر , وزيادة الناتج المحلي الفلسطيني وزيادة الأجور, وإعادة تطوير حقول الغاز وتطوير البنى التحتية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت