أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، الدكتور محمد مصطفى، أن غزة لم تكن يومًا مجرد "ملف إنساني"، بل تمثل قلب القضية الفلسطينية، مشددًا على أن لا استقرار في المنطقة دون إنهاء معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يرزحون تحت الحصار والعدوان الإسرائيلي المتواصل.
وخلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية في رام الله، قال مصطفى إن الأوضاع في غزة تجاوزت حدود الكارثة، مؤكدًا أن "المجاعة تضرب القطاع بشكل حقيقي، أطفال يموتون جوعًا، كبار السن ينهارون، والمرضى بلا دواء"، في ظل عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف المأساة.
دعوة لتحرك دولي عاجل وفعّال
حمّل رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية القانونية والسياسية والأخلاقية الكاملة عمّا يجري في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن بيانات الشجب لم تعد كافية، وأن ما يجري يستدعي "تحركًا دوليًا حقيقيًا وفتح المعابر بشكل فوري".
وكشف أن الحكومة الفلسطينية تعمل ميدانيًا عبر غرفة عمليات طارئة بقيادة وزارة الإغاثة، لتنسيق الاستجابة الإنسانية في الجنوب، إلى جانب الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر إعادة إعمار غزة في القاهرة بالتعاون مع الأمم المتحدة.
التحضير لمؤتمر دولي لتجسيد الدولة الفلسطينية
وأشار مصطفى إلى انعقاد مؤتمر دولي لتنفيذ حل الدولتين الأسبوع المقبل في نيويورك، بقيادة السعودية وفرنسا، بمشاركة الأمم المتحدة. ويهدف المؤتمر إلى دفع المجتمع الدولي نحو خطوات عملية تبدأ بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين، ووقف العدوان والمجاعة، وتوفير حماية دولية حقيقية للشعب الفلسطيني.
كما سيبحث المؤتمر دعم مشاريع استراتيجية كالمطار والميناء والمعابر، وتعزيز السيادة الفلسطينية على الموارد الطبيعية، ودعم الاقتصاد الوطني والانضمام الكامل إلى المنظومتين المالية والنقدية الدوليتين.
جهود إصلاح مالي ومعالجة الأزمة الاقتصادية
وفي الشأن الاقتصادي، أكد مصطفى أن الحكومة تسعى بشكل حثيث لتحرير أموال المقاصة عن شهور أيار/مايو، حزيران/يونيو، وتموز/يوليو، وذلك لتوفير رواتب الموظفين والوفاء بالالتزامات المالية. كما كشف عن خطة لإصدار سندات سيادية لتوفير مصادر تمويل إضافية وسداد الديون.
وأعلن عن إجراءات لتخفيف الأعباء عن الموظفين العموميين، من بينها تسهيلات مع شركات الكهرباء والاتصالات، تثبيت المستحقات المالية في قسائم الرواتب، وتسهيل التنقل اليومي للموظفين دون التأثير على الخدمات الحكومية.
كما تحدث عن تسوية مالية ناجحة مع شركات توزيع الكهرباء بقيمة 600 مليون شيقل، وتحقيق تقدم في محاربة التهرب الضريبي وزيادة الإيرادات المحلية.
تعزيز الصمود وتطوير البنية الوطنية
أقر مجلس الوزراء جملة من السياسات التنموية، شملت:
-
منح تسهيلات في تراخيص البناء لدعم صمود المواطنين في الأغوار الشمالية.
-
البدء بتنفيذ مراكز إيواء مؤقتة للعائلات النازحة من جنين وطولكرم.
-
المصادقة على نظام ترخيص مقدمي خدمات الثقة لضبط سوق التواقيع الإلكترونية وتعزيز الأمن السيبراني.
-
المصادقة على الوثيقة القياسية لشراء المستحضرات الصيدلانية واللقاحات لدعم الصناعات الدوائية المحلية.
-
توقيع مذكرة تفاهم مع الأردن لإنشاء مركز استجابة طوارئ موحد 911 في فلسطين.
وفي ختام الجلسة، أكد مصطفى أن الحكومة ستواصل مواجهة التحديات رغم الضغوط والحصار، متسلحة بإرادة شعبها ووحدته وصموده، داعيًا إلى استنهاض الطاقات العربية والدولية لدعم القضية الفلسطينية.