مؤسسات التعليم العالي في بلادنا... نظرة تأمل

بقلم: نايف محمد محمود


تشهد الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة نهضة تعليمية متميزة تفتقر إليها كثير من دول العالم، والتي تتمثل بشكل جلي بالاهتمام بالتعليم العام، وكذلك التعليم العالي بما في ذلك الجامعات والكليات والمعاهد على اختلافها، وهذا هو دأب الشعب الفلسطيني عبر مسيرة نضاله الطويلة.
وبالرغم من تعدد الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والأهلية والخاصة على اختلاف توجهاتها العلمية والأكاديمية وحتى السياسية، إلا أن العديد من هذه المؤسسات التعليمية استطاعت أن تسجل انجازات مسبوقة بعد أن تخطت المحلية ودخلت الساحة الإقليمية، بل بدأت بخطى واثقة تسابق مؤسسات تعليمية ممثلة ذات تاريخ علمي طويل، وليس ببعيد عن ذلك جامعة الأقصى وجامعة بيرزيت وجامعة النجاح والجامعة الإسلامية.
فهذه المؤسسات استطاعت أن تسجل لها مكاناً بارزاً الى جانب الجامعات العربية والإسلامية العريقة، بل وبدأت تخطو خطوات واثقة على الساحة العلمية الدولية، حتى أصبح يشار لها بالبنان.
وليس بعيداً عن هذه التجارب الرائدة في مسيرتنا العلمية والأكاديمية، أثار انتباهي بعض الكليات المتوسطة في بلادنا التي استطاعت أن تزاحم كليات بل وجامعات أخرى سبقتها بسنين طويلة، فهذه الكلية الجامعية في غزة أصبحت مقصداً لكثير من الطلبة لما تميزت به من رقي وتطور، كما أن كلية مجتمع غزة للدراسات السياحية والتطبيقية في قلب مدينة غزة أصبحت قبلة لكل من يبحث عن التميز والتفرد من أبنائنا الطلبة نظراً لما تنفرد به من تخصصات فريدة متميزة، وطاقم أكاديمي وإداري على مستوى رفيع. وهناك الكثير الكثير من المؤسسات التعليمية في بلادنا التي يشهد لها بالبنان خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني.
تحدث لي صديق أثق به تمام الثقة عما تقوم به بعض المؤسسات التعليمية في بلادنا لتسهيل التحاق الطلبة بمقاعد الدراسة، فالمنح والإعفاءات لا تقتصر على الطلبة المتفوقين فحسب، بل تمتد الى حفظة القرآن الكريم، وأبناء الشهداء والأسرى، وذوي الاحتياجات الخاصة، والطلبة المحتاجين وغيرهم الكثير.
ولقد تعجبت من حجم التسهيلات التي تقدمها بعض المؤسسات التعليمية في بلادنا ومنها كلية مجتمع غزة للدراسات السياحية والتطبيقية التي مدت أيديها وفتحت أبوابها لجميع الطلبة على اختلاف مشاربهم، خاصة ممن يعانون من أوضاعاً اقتصادية لا تسمح لهم بالالتحاق بكليات وجامعات أخرى، حيث تقوم بتقديم إعفاءات لهم تصل الى خمسين بالمائة من قيمة الرسوم، بل وتقسط بقية الرسوم بشكل مريح للكثير من الطلبة الذين تعسرت أحوالهم المالية، أما المتفوقين فهي تساعد البعض منهم بالبحث عن عمل له سواء داخل أروقة الكلية أو خارجها.
طوبى لكلية مجتمع غزة للدراسات السياحية والتطبيقية هذه المؤسسة العلمية والأكاديمية التي أراد لها مؤسسوها والقائمون عليها، - والكلام مقتبس من مقال للزميل يحي رباح- أن تكون خلية حية ونابضة في مجتمع قطاع غزة، ليس فقط على المستوى العلمي والأكاديمي، إنما على صعيد التماس اليومي المباشر مع المجتمع، مع نسيج المجتمع، من خلال المشاركة الفاعلة والمستمرة في قضاياه وفعالياته الثقافية والاجتماعية والوطنية، فحققت من خلال ذلك حضورا قويا في سنوات قليلة، لأنها – أي كلية مجتمع غزة للدراسات السياحية والتطبيقية – حققت شرطا رئيسيا من شروط نجاح المؤسسات التعليمية والأكاديمية الراقية، بأن يكون لها دائما بعدها الاجتماعي، وليست محبوسة داخل الأسوار والأفكار الميتة.
إن مؤسساتنا التعليمية سواء كانت جامعات أو كليات أو معاهد، هذه الصروح الشامخة التي احتضنت العلماء وطلاب العلم، وخرجت الأساتذة والمثقفين، وصنعت القادة والمفكرين، ورفعت أجيال ومتعاقبين تستحق كل التقدير والاحترام والدعم خاصة إذا كانت على شاكلة كلية مجتمع غزة للدراسات السياحية والتطبيقية التي أصبحت منارة للعلم الى جانب مؤسسات عريقة في قطاعنا الصامد.
إن ما نراه من تميز في هذه الكلية، هو شيء مختلف عن الكثير من الجامعات والكليات والمعاهد، مما جعلها مقصدا لكثير من الطلاب المتميزين، فهي بطاقمها الإداري والأكاديمي وطلبتها مثل الشجرة اليانعة، والكل يعلم أن الشجرة إذا استغنت عن أوراقها التي كانت تكسبها هيبة وجمال لا تصبح شجرة.

بقلم: نايف محمد محمود
كاتب وأكاديمي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت