هذا هو الواقع وهذا هو حالنا, وهذه هي حياتنا, وهكذا نحن نصبر ونتحايل ونتأقلم مع هذا الواقع اليومي, حتى وإن كان صعبا ومخيفا لأنه يتعلق باحتياجاتنا اليومية الأساسية والضرورية مثل الكهرباء, والنفط, والغاز, والأسعار وما يترتب عليها0فبالنسبة لانقطاع الكهرباء اليومي والدائم أصبحنا نضطر للنوم مبكرين ورغم أنوفنا, وأصبحنا مجبرين على أن نغض البصر عن دراسة أبنائنا الطلبة, وامتحانات والثانوية العامة القادمة, والمرضى الذين لديهم أجهزة كهربائية في البيوت تعمل على الكهرباء تساعدهم على الحياة, وارتفاع شدة درجات الحرارة, وقدوم شهر رمضان المبارك, وننظر بغيظ إلى هذا الحال ونجعله فال خير لكي نستطيع أن نعيش, وأصبحنا نأخذ الأمور بجانب من السخرية فنقول بتهكم عن محاسن الحرمان من الكهرباء، النوم الإلزامي والمبكر مفيد للصحة ويعوض أيام وليالي بل سنوات من السهر والدراسة ,ويريحنا من الكلام في الماضي والثرثرة, والمشاهدة الضارة للتلفزيون التي تؤذى العيون والصحة, هكذا نسخر من الكهرباء لبعضنا البعض مغالطين أنفسنا لعلنا نجد مايريحنا ويهدئ نفوسنا, ولعل هذا يصبح في القريب العاجل قصص من الذاكرة الفلسطينية مثل النكبة, والمجازر التي شهدتها فلسطين, والاعتداءات على غزة وقصفها بالفسفور0
وحتى السولار المستخدم لمحطة الطاقة عندما تحصل الأزمة وينقطع ويصعب الحصول عليه, ويبدأ الناس بالحديث بان في ذلك فائدة لإحياء التراث الفلسطيني القديم وذلك بالعودة إلى العمل اليدوي مثل أيام الآباء والأجداد في البلاد وقبل وصول الكهرباء , فلا مانع من استخدام لمضة الكاز إن وجد الكاز, ونقل الماء بالجرادل باليد من الجيران لتعزيز التعاون والتكامل بين الأسر بدلا من تعبئة الخزانات بالكهرباء, واستخدام اليد في الخياطة بدلا من الكهرباء, كما انه أفضل اقتصاديا للمنزل وذلك بتوفير ثمن الكهرباء بدلا من استخدام الأجهزة الكهربائية, وعدم شراء الخضار والفواكه واللحوم بكميات كبيرة, ويكون الشراء يومي اقل تكلفة وأكثر صحة لأنها غير مثلجة, هكذا يعبر الناس عن حالة التخلف والانقطاع عن العالم بطريقة ساخرة 0
أما عندما تحدث الأزمة في البنزين والسولار في بعض الأحيان ويتعثر الحصول على هذه المشتقات النفطية فيقول البعض معللا هذه المشكلة التي تظهر فجأة بأسلوب السخرية, بان السيارات كمالية وهى حالة من الترف ويمكن الاستغناء عنها, وهى سبب مباشر للازدحام, وتلوث البيئة, وللسمنة وأمراضها, كما أن المشي رياضة جيدة للجسم, ويساعد على زيادة العلاقات الاجتماعية ومقابلة الناس, وتذكر قصص الماضي والذكريات الجميلة0أما غاز الطهي ,اقصد العروس" الجرة" ولماذا هذا التبذير الغير ضروري ودفع مهر لها طالما الحطب موجود, وسيجمع فرن الطينة العائلة في ليلة رومانسية على شوي البطاطا والبندورة للأكل والضحك والذكريات الجميلة, وسيعيد لنا ذكريات أيام البلاد وبعدها أيضا لفترة ليست بالبسيطة, فهذا أجمل من الغاز فلا داعى للغاز ومخاسره, وإذا كان الجو ممطر فهناك البديل وهو بابور الكاز والكانون وهو إعادة لإحياء التراث الفلسطيني من جديد, فهل هناك أجمل من ذلك؟؟0هكذا أصبحنا نقنع أنفسنا بالتحايل والضحك،لنقبل بالواقع ونتأقلم معه ونرضى به رغم سوء الخدمات الموجودة بل وانعدامها أحيانا, ولم يعرف أولى الأمر منا أن تقبل الشعب للواقع بالإكراه وإنكاره من قبل المسؤولين في تصريحاتهم المختلفة وعدم البحث عن حلول للازمات ليس مفيدا, بل له آثار وسلبيات سيئة كثيرة, وان سياسة فرض الأمر الواقع وتجميلها في معظم الأحيان هي في الواقع هي سياسة غرس القهر, والخنوع ,والذل, والحرمان ,وعزل للإنسان عن العالم الخارجي المحيط به, وعن الحياة المدنية الحديثة المتطورة, وعصر التكنولوجيا, وهى أيضا إلغاء لفكر الإنسان وقيمه الجميلة, والنزول به إلى الدرك الأسفل, وإبعاده عن مجتمع التقنية والتنمية، وبذلك نصبح وكأننا أقرب إلى حياة الإنسان البدائي وكأننا نعيش في عصر الكهوف, والجهل, والتخلف, والظلام, إن لم تكن حياة الجهل والتخلف والاستعباد التي وقعت عقدا دائم معنا انتهت منذ قديم الزمان وليس لها اثر في زمن اكتشاف البخار, والكهرباء, والتلفون, ومن بعدها الراديو والتلفزيون, ثم عصر التكنولوجيا الذي نعيشه الآن وما جاء به من اكتشافات من تقنيات صحية, وطبية, وفنية, وتعليمية, وثقافية, وكهربائية, تعتمد كلها على آخر الاختراعات وتطويرها, فالاكتشافات الحديثة وما رافقها من تكنولوجيا متقدمة مثل الكمبيوتر الذي شارك بشكل اساسى وسرع في عمليات التنمية 0
لذلك لابد أن يتفهم الجميع احتياجاتنا واحتياجات الأجيال الشابة, وان يعملوا على إيجاد الحلول لكافة مشاكلنا حتى يشعر الإنسان بقيمته الإنسانية التي منحها الله سبحانه وتعالى له, ويجب إعطاء الشباب دورهم حيث هم قوة لايستهان بها وقادرين على قيادة المجتمع, وإيجاد الحلول لكثير من المشاكل التي تواجهنا, وألا سيصبحوا أسرى لواقعنا المؤلم والمظلم, وهذا يتطلب أن نتحرر من تمسكنا على صعيد الحركة أو الحزب, وأن نتطلع إلى التمسك والتمترس الأوسع إلا وهو الوطن, وحينها سنستطيع أن نصل لحقوقنا من تكنولوجيا وتقنية حديثة, وتعليم, وصحة, وكهرباء, وماء, ووقود وباقي الخدمات, وهكذا ستلحق فلسطين بالتكنولوجيا وستتغير صورتها وصورتنا0
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت