لا يتخيل أحدكم أن يُكسر باب بيته يوما من الأيام ويُقتحم بيته من قبل نوعين من الكلاب , نوع دمها حار ولها أنياب ومخالب قاتلة ونوع دمها نجس وتحمل بنادق وقنابل قاتله , فالكلاب ذوات الدم الحار دربها كلاب دمها نجس وجعلوا منها حيوانات مفترسة ,إنهم جنود الصهاينة الذين يملئوا فلسطين بالموت والقتل و الدمار " ما يسموا أنفسهم قوات جيش الدفاع الإسرائيلي ونسميهم نحن قوات الجيش الصهيوني والشرطة الصهيونية , قوات خاصة بالجيش الصهيوني , تخصصت في هدم بيوت الفلسطينيين على مرآي من أصحابها وأمام أعينهم بعد أن تَدفع بالكلاب لتقتحم بيوتهم وتخرج من فيهم من أناس ادمين أبرياء همهم الوحيد العيش في امن واستقرار وسلام , وغالبا ما تقوم هذه القوات بإلقاء القنابل الصوتية والدخانية لإفراغ البيت من سكانه وبالقوة تهيئا لهدمه بالبلدوزرات أمريكية الصنع , هذا ما حدث الأسبوع الماضي ببيت "بدوان السلايمة" ,بوادي النار شمال القدس داخل الحي العربي الفلسطيني الذي نعرفه باسم ببيت حنينا.
في صباح يوم مقدسى اسكت هدير البلدزورات الصهيونية والآلات العسكرية هدوء حي الاشقرية بواد النار, ببيت حنينا الفلسطينية , انطلق الجنود والكلاب إلى داخل بيت السلايمه مستخدمين القنابل الصوتية و الدخانية فاخرج كل من بالبيت المقام على مساحة 250 مترا لعائلة السلايمه منذ العام 2000 , هذه العائلة المقدسية التي سكنت القدس أبا عن جد ,وعند إخراجهم بالقوة المسلحة انطلقت البلدزورات تنهش المبنى المكون من ثلاث طوابق وبين نهشها المبنى ونظرات أصحابه الذين ابعدوا عن البيت نظرات حسرة وآسي لما يحدث في وضح النهار وأمام العالم كله ’ فهذه الأم الجدة تبكي وتطلب من العرب التدخل وتقول أين انتم يا عرب ..؟ وهذه الابنة الصغرى تبكي كلما انكسر جدار أو ترامت مكونات غرفتها تحت جنازير الجرافات الصهيونية , وهذه زوجة "امجد" تضع كفيها على عينيها وتبكي بحرقة وألم فكل ما لها من فراش بيت دفن تحت الأنقاض, وهذا الصغير الذي بكي بوجع لأنه حماماته التي رباها فوق سطح البيت قتلتها البلدزورات الصهيونية وهو مازال يبحث عنها فوجد إحداها مصابة فأخذ يحضنها ويبكي أكثر , انه دراما العشق الفلسطيني للأرض ,ودراما حقيقية لم تصورها الكاميرات بكل تفاصيلها لان الحقيقة دائما ابلغ , ومهما حاول البعض تصويرها بالكاميرات أو بالكلمات فإنها تبقي نسخة جزئية من الواقع , فلم تحاول الكاميرات تصوير مشاعر الجدة في تلك اللحظة التي رأت بيت أولادها يهدم ولا تستطيع الكاميرات نقل تلك المشاعر بعمقها الإنساني لكنها تأتي ببعض من الحقيقة ونحن نكملها حسب عمق مشاعرنا وارتباطنا بالقصة .
ما أكثر الجرائم التي ترتكبها إسرائيل وجيشها الأحمق ,وما أكثر الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل عندما تدفع تلك الكلاب لتقتحم بيوت الفلسطينيين وتجر بأسنانها النجسة الفلسطينيين من أثوابهم إلى خارج البيوت, وما أكثر البيوت التي تهدمها جرافات إسرائيل , وما أكثر العوائل الفلسطينية التي باتت تحت السماء دون غطاء للعديد من الليالي , ولكل بيت قصة ولكل قصة ضحايا يكتوون بنار الحقد الصهيوني , وهذا بالفعل ما حدث لعائلة السلايمه التي أصرت على المبيت فوق الركام , المبيت فوق فراشهم الذي دفن تحت الأنقاض , أنها مأساة عائلة فلسطينية لا يمكن لنا أن نتصور عمقها إلا أن نعيش ذات الموقف الذي يعيشه هؤلاء المحرومين من بيوتهم , والمحرومين من أرضهم ,والمحرومين من مزارعهم , عائلة السلايمه اليوم نصبت خيمتها فوق الركام وفرشت مفارشها لأبنائها وأبناء أبنائها فوق الحديد المدمر وفوق الأتربة التي خلفتها الجرافات وقد لا تسلم , لان شرطة الاحتلال الصهيوني سوف تداهم تلك الخيمة من آن لأخر وتهدمها أيضا في محاولة لإجبار أصحاب الأرض للرحيل عن أرضهم إلى المجهول , فلا يعني إسرائيل أين يرحل الفلسطينيين , بل تتمنى اسرائيل أن يرحل الفلسطينيين إلى جهنم ويحرقوا بالنار أو يقذفوا إلى البحر ويغرقوا ويدفنوا في أعماقه , فما بالكم اليوم من هو الشعب الضحية...؟ , هل هو من يطرد من بيته وأرضه ومزرعته وخيمته ...؟ أم من يستوطن تلك الأرض من اليهود ويقيم عليها البنيان الصهيوني بالمجان .
هذه هي الجريمة التي ارتكبت الأسبوع الماضي في بيت مقدسى أشم ,خالد , باق ,عاصر التاريخ الفلسطيني واشتم رائحة الأقصى كل صباح ,وعانق قبة الصخرة المشرفة التي منها عرج رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كل مساء, أنها جريمة صمت العالم عنها كما صمت على كل الجرائم الصهيونية , فلو وقعت هذه الجريمة في بيت يهودي لقامت الدنيا ولم تقعد حتى إنشاء بيت آخر من الهبات والتبرعات والمشاركات من كل أنحاء العام , وستستمر الفضائيات الصهيونية وكل تلك الفضائيات الإعلامية المجندة لصالح الصهيونية ببث مشاهد تلك المشاهد المفبركة والمزيفة , أما الجرائم التي يرتكبها الصهاينة بحق الفلسطينيين وجريمة بيت عائلة السلايمه في واد النار , لم تبثها سوي بعض الفضائيات الفلسطينية ,ولم ينشر خبرها سوي بعض الجرائد والمواقع التي يديرها صحفيون أحرار مازالوا على العهد ومازال قَسمهم هو تحرير فلسطين , أنها جريمة أخري عندما يتجاهل الإعلام أهمية ما يحدث في القدس وكل الأراضي الفلسطينية , وانها جريمة إنسانية كبري ترتكبها الهيئات الأممية الإنسانية عندما تصمت عن تلك الجريمة وتتجاهل نقلها للعالم الحر بتفاصيلها الانسانية.
شبكة كتاب الرأي العرب
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت