من الطبيعي أن اخصص هذا المقال عن هزيمة حزيران، لكن ما قيمة الحديث عن الهزيمة وكأننا براء منها، وما قيمة الهروب للخلف إذا لم نتعض من التجارب ونستخلص العبر.
عندما تتحول الهزيمة لفكرة هي الطامة الكبرى، وعندما نبقى حبيسين صمتنا وخوفنا نكون قد أورثنا الهزيمة لأبنائنا وأحفادنا، علي أن اعترف أنني أعيش في هذا الزمن جدلية الرعب والجرأة رغم أن الكفة تميل لصالح الرعب، وما يرعبني هو قادم الأيام وخوفي أن أتحول لحيوان يقتات على الجيف، حيوان مرعوب وعاجز عن الحلم بمستقبل هو حق طبيعي لمن بشرهم بأهمية الكرامة الإنسانية كسياج للفلسطيني الذي لا زال يحلم ويعتبر أن حقه من يحلم.
من رحم الخوف تولد الجرأة، وكما ذكرت اعترف أنني خائف ولكن ليس لدرجة الرعب، لذلك قررت أن اطالب السيد محافظ بيت لحم بالرحيل، لأنني إذا فكرت عكس ذلك أكون قد حكمت على نفسي بأن أتحول لحيوان لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم، وأكون قد أصبحت كما الولد العاق الذي لم يحافظ على الثقافة التي تشربها أبناء جيلي جيل منظمة التحرير الفلسطينية تلك الثقافة التي علمتنا أن نرفع الصوت عندما يسود صمت القبور.
أرعبني أن يتحول محافظ بيت لحم الذي يفترض آن يكون خير ممثل للرئيس طرفا رئيسيا في إدارة صراع بعمق الفوضى والرعب في أوساط المجتمع، وأرعبني أكثر الصمت الذي هو لسان حال نخبة المجتمع في محافظة بيت لحم واخص بالذكر السلطة الرابعة التي فقدت البصر والبصيرة لتقاد للمذبح وهي صاغرة راضية لان بعض المستفيدين شرعوا لأنفسهم أن يكونوا أبواقا للمقامات العليا ونسوا أن الشمس لا تغطى بالغربال وان من حق كل إنسان أن يحافظ على مصالحة ولكن ليس على حساب المجتمع الذي وضع ثقته بالإعلاميين والصحفيين والكتاب.
أن يستهتر محافظ بيت لحم في عقول النخب فهذا مرفوض، وان يتحول محافظ بيت لحم لرجل مكشوف عنة الحجاب فهذا مستغرب لأننا بكل بساطة لسنا في زمن المعجزات، وحتى أكون ا كثر وضوحاً فقد صعقني كما العديد من المتابعين أن يتحول السيد المحافظ طرفاً في قضية بلدية بيت لحم التي تدحرجت لتكاد تحرق الأخضر واليابس ولتطال رأس السلطة الرابعة التي حكم عليها على صفحات الوكالات الإخبارية متجاوزاً بذلك القضاء الفلسطيني الذي نكن له كل الاحترام والتقدير، القضاء الفلسطيني الذي تم التدخل في مجرياته من قبل السيد المحافظ.
أريد أن أحيل القارئ الكريم وبالتحديد القيادة الفلسطينية لتصريحات السيد المحافظ لشبكة فلسطين الإخبارية بتاريخ 3-6-2013 والتي جاءت تحت عنوان" حمايل أكد أنة اعتقل على خلفية جنائية وليس صحفية: اعتقال مدير راديو بيت لحم 2000 "
: وجاءت نفس التصريحات وبشكل اخطر لوكالة معاً الإخبارية بتاريخ 4-6-2013 في تصريحات مثيرة للجدل" النائب العام: توقيف صحفي من بيت لحم بتهم جزائية".
تفاصيل ما جاء على لسان السيد المحافظ يدعوا للخوف من أن السلطة التنفيذية التي تتدخل في شؤون القضاء كيفت التهم للزميل الصحفي جورج قنواتي مدير راديو بيت لحم 2000 ، وان السيد المحافظ اتخذ موقفاً مسبقاً بان الزميل ألقنواتي مدان بثلاثة تهم وهي الضرب على وتر الطائفية والإساءة المباشرة بالقدح والذم بحق شخصية اعتبارية وهي رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بايون وانتحال وسرقة توقيع ومسمى فصيل عسكري وسياسي.
يتهم السيد المحافظ الزميل ألقنواتي بأنة عراب القضية وأنه صاغ البيان الذي يعود لكتائب شهداء الأقصى، وبالطبع أسهب المحافظ بكلامه عن حرية الصحافة وقال أن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.
قلت في بداية حديثي أنني مرعوب، والرعب الذي يجتاحني من تكييف التهم، فلا استغرب وضمن هذا الأداء أن يصحوا احدنا من النوم ليجد نفسه متعاطي أو تاجر مخدرات، ولن استغرب أن يقرأ الواحد منا خبراً أو تصريحا صحفياً لمسئول يقول أنة يمارس الدعارة أو يتعامل مع ما يسمونه الطرف الأخر، لن استغرب طالما هذا هو أداء رأس المحافظة الذي يفترض أن يحفظ كرامة الناس وحقوقها أن تتحول وكالة معاً التي تقول أنها مهنية ومحايدة لقلعة محكمة تنهال من خلالها التهم على الناس، هذه الوكالة التي لم تكلف نفسها وتشارك في الاعتصام التضامني مع الزميل ألقنواتي من باب تغطية الحدث ومتابعة الحقيقة عن كثب، حيث نشرت تقريرها في الوقت الذي كان الصحفيين يحملون اللافتات المنددة باعتقال ألقنواتي الذي أفرجت عنة بكفالة من قاضي المحكمة.
لا استغرب أن تقاد الصحافة للمسلخ ولا اقصد هنا صحافة المحافظ طالما أن الصحفي يأخذ موقفاً مسبقاً من زميلة ولسان حالة يقول ألقنواتي متهم حتى تثبت إدانته، لا استغرب أن تتحول الصحافة لسوق طالما أن اقل من 1% من العاملين في حقل الصحافة شاركوا في الاعتصام التضامني، كل ذلك يشعرني بالرعب وبالتحديد بعض الزملاء الذين قرروا عدم المشاركة في الاعتصام التضامني بقرار.
بين وقت وأخر نلتقي كصحافيين مع قادة الأجهزة الأمنية ونؤكد على سيادة القانون ونخرج من هذه اللقاءات مرتاحين، وفي كل لقاء مع السيد المحافظ نستمع منة لقصيدة عزل في الصحافة والحريات ولسان حالة نظري محض لا علاقة له بالواقع والممارسة العملية، لذلك من حقنا أن نسأل المحافظ ...... لماذا أصدرت هذه التصريحات وأوهمت المجتمع بأنك ألقيت القبض على رئيس عصابة؟؟؟؟؟ إذا كنت تثق بالقضاء الفلسطيني لماذا أصدرت حكمك ولم تنتظر أن يقول القضاء كلمته؟؟؟؟؟؟ وما هو رأيك بقرار القاضي الذي وجد أن " الغراب" لا يستحق التوقيف؟؟؟؟؟؟ وأما آن الأوان أن تتعامل معنا كبشر ولا تمتهن من كرامتنا؟؟
يا سيادة المحافظ الشعب يتضور جوعاً، وبعض الشعب يا سيادة المحافظ يفتش عن وجبة طعام بين النفايات، يا سيادة المحافظ شعبك يموت من القهر والإمراض المستوطنة تتفشى في أوساطة، يا سيادة المحافظ خذ ما شئت منا ولكن لا تستتيس عقولنا، أصبحت أتمنى يا سيادة المحافظ أن امشي في ظل رئيسة بلدية بيت لحم التي تأخذ كل هذا الاهتمام.
يا سيادة المحافظ لا مفر من الحقيقة والشفافية ونقد الذات، أنت وجدت في هذا الموقع وأنت مسئول عن كل مواطن في المحافظة سواء كان شخصية اعتبارية أو بائعة خضار جاءت من قرية في بيت لحم لتسوق بعض ما رزقها اللة ليطاردها عمال البلدية، أنت المسئول عن المحافظة ولا نطلب منك أن تكون كما عمر تخرج على الناس ليلاً لترعى مصالحهم، ولكننا نطلب منك أن تحمل شعلة العدالة بعيداً عن إثارة البلبلة في المجتمع.
بقلم- عطا مناع
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت