من الضروري جداً أنّ يتفهم شركاء العملية السياسية الوطنية الفلسطينية، أنّهم أمام مخاض عسير وتحديات جمة، ليس في هذه المرحلة التي يعيشها الوطن وتتصاعد فيها حدة الأزمة السياسيّة فحسب، بل على طول الخط كون الملفات والبرامج الوطنية تحتاج إلى وحدة موقف وعمل مشترك يعكس وجه النظر الفلسطينية، ومن هنا لابدّ من تطويق الأزمة الراهنة وانتهاج سياسة حسن النية والمبادرة إلى تحريك الحلول عبر الحوارات والاتصالات لإنهاء هذا التشرذم والانقسام وتنفيذ ملف المصالحة أولا وقبل كل شيء، ومن ثم نشكل حكومتنا الوحدوية الوطنية على أسس متينة وسليمة لخروج وطننا إلى بر الأمان.
إنّ هذا العمل الوطني بالدرجة الأولى من صلب مهام ومسؤوليات رئيس مجلس الوزراء الجديد د. رامي الحمد الله، فهو الرئيس التنفيذي للجهاز الحكومي في الوطن، وهذا الموقع يحتم عليه أن يأخذ زمام المبادرة ويتواصل مع الأطراف ويساعد على حل هذه الأزمة وان مثل هذا التحرك سيحسب له ولا يحسب عليه، فمن غير المعقول أن تعطل القوانين والتشريعات والبرامج التي تتعلق بحياة جماهيرنا مما يعني تحجيم دور المجلس التشريعي وشل حركة الحكومة، بالمقابل وهذا ما لا يجب أن يرضخ له الطرفان في مرحلة بالغة التعقيد من عمر العملية السياسية، فعلى رئيس الحكومة الجديدة د. الحمد الله إلى المبادرة وإجراء الاتصالات مع كل الأطراف الأخرى وخاصة أطراف الانقسام ومسببي هذه الأزمة، لأن ذلك سيسهم بدرجة كبيرة في التقليل من الحساسية القائمة.
إن الصراحة البالغة التي ينبغي أن يبديها د. الحمد الله في تعامله مع أطراف الإنقسام سيؤكد حرصه الكبير على مستقبل الوطن ومصالح الجماهير فشخصيته التي نعرفها جميعاً بل لمحوريته وسعة تأثيره في الجميع بفضل العلاقات الطيبة التي بناها طوال تاريخه الأكاديمي والوطني، عبر مكاشفة وإبداء الاستعدادات والتحرك في احتواء هذه الأزمة والعودة بالوطن إلى مساره الصحيح, فلا يوجد خيار آخر أمام طرفي الإنقسام إلاّ أنّ يتقدموا نحو بعضهم البعض, ويكسروا حالة العناد كون استمرارها لا يمكن أنّ يخدم أو يساعد على حل هذه الأزمة القائمة ولا يمكن أنّ يأتي بنتيجة واضحة تطور الوطن وتغير حال المواطنين.
إن التعاون بين الكل السياسي وقواه الوطنية والإسلامية الفلسطينية وبكافة توجهاتهم، هو المفتاح لنجاح العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والخدمي والثقافي في الوطن، الذي يحتاج الآن إلى وقفة جدية وحازمة من الجميع في سبيل إعادة فلسطين إلى مستواها الحقيقي بين أحضان المجتمع الدولي، وإلا فان الكل الفلسطيني، إذا ما استمروا في تقاطعاتهم مع بعضهم واستمروا أعضاءهم وكادرهم وقيادتهم بإطلاق التصريحات والاتهامات التي تشير إلى هذا الطرف أو ذاك لسبب أو بدون سبب، مما يؤدي إلى تصعيد وتشنج المواقف وتثير الأزمات والاحتقانات التي تضر بالنتيجة بالمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، فعلينا جميعا أن نبعد شبح الأزمات عن مشهدنا الفلسطيني ونساهم في توحيد الصفوف ونبذ الخلافات فيما بيننا، والابتعاد عن التشنج المتبادل بين هذه وذاك، فنجاح العملية السياسية في الوطن مرهون بمشاركة الجميع بصنع القرار السياسي الذي لابد أن يخدم مصلحة الجماهير جميعا.
إن رؤيتنا للواقع الجديد في وطننا وتطوراته لا تنحصر بنظرة ضيقة تعكس الربح والخسارة السياسية ولا تنطلق من نظرة حزبية تركز المصالح الفئوية على حساب المصالح الوطنية بل إيماننا الراسخ بتأكيد المصلحة الوطنية العليا هو الأهم، وهو الكفيل في نجاح المشروع الديمقراطي الجديد والذي لا يهمنا من يحكم بل يهمنا كيف يحكم وكيف يخدم وكيف يضحي بمصالحه الخاصة من اجل مصالح الوطن والشعب.
*آخر الكلام:.
لابد من تلاحم فلسطيني وطني صميم حقيقي بين أبناء شعبنا وقواه الوطنية والإسلامية بعيداً عن الغلو والسباب والمهاترات والتي لا تنفعنا بأي حال من الأحوال.
إعلامي وباحث سياسي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت