غزة – وكالة قدس نت للأنباء
يخشى أصحاب صناعة أثاث الخيزران في قطاع غزة على هذه المهنة من الانقراض بالمستقبل القريب، بعد انحصارها بشكل لافت، ليفقد الفلسطينيين واحدة من أهم الحرف اليدوية والتي تٌعتبر إرث حضاري لهم .
وتعتبر مهنة الخيزران بغزة، من الحرف اليدوية التقليدية التي اشتهرت بها العديد من المدن الفلسطينية، وكان الفلسطينيون قبل نكبة 48 يستوردون الخيزران من دول شرق أسيا مثل ماليزيا وسنغافورا عبر ميناء يافا.
وعندما وقعت النكبة الفلسطينية ولجأ الكثير من المهجرين لمدينة غزة، انتقلت معهم صناعة الخيزران لتنتشر في أوساط الغزيين وبقيت هذه المهنة تلقي رواجا وإقبالاً كبير.
ومع حلول الألفية الثانية أخذت هذه المهنة بالانحصار لعدة عوامل، منها دخول الأسواق صناعة الأثاث باستخدام أنواع عديدة من الأخشاب كما واجتاحت صناعات الأثاث المستوردة من الصين وغيريها الأسواق لتؤثر سلبا على صناعة الخيزران .
كما أدى الحصار الإسرائيلي منذ ما يقارب سبع سنوات لغزة إلى ارتفاع تكلفة صناعة الخيزران وشح المواد الخام المستخدم فيها، وعزوف المواطنين عن شرائها بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة .
الحاج زكريا المظلوم (70عاماً) ، والذي يعمل في هذه المهنة منذ ما يزيد عن 48 عاماً يقول لوكالة قدس نت للأنباء " الخيزران حرفة إبداعية تعتمد على مهارة الشخص، ونحن ننتج الكثير من الأثاث المنزلي باستخدام الخيزران مثل أطقم الكنب والكراسي وإطارات المرايا وترابيزات ونجف للزينة وجزامات وغيرها من الأشياء ".
ويوضح أن "الخيزران يدخل قطاع غزة حالياً عن طريق جمهورية مصر العربية عبر الأنفاق، بأشكال وأصناف عديدة منها ما يطلق عليه "الملكان، البلدي، الفرنساوي، والقش " وكل نوع له استخدام معين، ويتراوح سمك عيدان الخيزران بين 18 مليمتر إلى 7 سم تقريبا ، بطول 3 أمتار ، ويبلغ سعر العود الواحد ما يقارب30 شيكل ".
ويستخدم في هذه المهنة أدوات بسيطة "دباسة خاصة ، مقص، مطرقة، كماشة ، مادة شفافة تسمى (لكر) لدهان الأثاث لإضافة لمعان وبريق".
ويوضح الحاج زكريا ، الذي يمتلك محل صغير قبالة سوق "فراس" الشعبي بمدينة غزة ، بان المهنة أخذت بالانحصار، ويعاني من قلة إقبال المواطنين بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة "مشيراً إلى أنه تعلم هذه الحرفة من أخيه الذي يكبره بالسن في ستينيات القرن الماضي .
وتدخل صناعة الخيزران في مراحل عديدة حتى تصل إلى الشكل المطلوب، حيث يتم نقع عيدان الخيزران في الماء لمدة لا تتجاوز الساعة ، لإكسابها المرونة التي تمكن أصحاب هذه الحرفة من تشكيل ما يردون بعيدان الخيزران .
ويعد أكثر ما يميز الأثاث المصنوع من الخيزران أنه من الطبيعة التي خلقها الله حيث يعطي ذلك جمالا ويشعرك بجمال الطبيعة داخل بيتك ، كما ويُمكن مالكه من إضافة التعديلات عليه كلما أراد وتجديده باستمرار دون الحاجة لشراء أثاث جديد .
ويضيف الحاج زكريا ، أن "محله الصغير كان يعمل فيه ما يقارب عشرة عمال ، قبل الحصار الإسرائيلي لكن تراجع الإقبال على شراء أثاث الخيزران أثر على عدد العاملين بشكل كبير إلى أن وصل الحال به بالاستغناء عنهم ".
لكن الحاج المسن الذي هاجر من مدينة يافا ، وخوفاً منه على هذه الحرفة التي طال عمرها وعمره بها نجح بان يورثها لابنه يحيى المظلوم الذي وجدناه جالس على كرسي ويقوم بتربيط عيدان الخيزران ـ
ويقول يحيى وهو يمسك القش ويقوم بتربيط عيدان الخيزران لصناعة طاولة " اعمل قرابة 10 ساعات متصلة ، لكن لا اشعر بالملل ، فقد تعلمتها منذ الصغر وأنا لا انوي أن اتركها هذه المهنة يجب أن تبقي ".
ويبدو أن صناعة الخيزران تحتاج لتشجيع من قبل المؤسسات الثقافية والتراثية الفلسطينية قبل أن يسوء حالها أكثر مما هي عليه الآن وهذا ما ينتظره الحاج زكريا المظلوم وابنه المتمسكان بهذه الحرفة القديمة .
تقرير/طارق الزعنون
عدسة/محمود عيسى