لـم يعد إلا قلة من بيوت الفلسطينيين لا تتداول الأخبار عن محمد عساف ... هذا الشاب الظاهرة والذي ما أن يصـدح بموال ( أووف ) حتى يمسك بشغاف القلوب ؛ ويحلـّق بالأفئدة على كل رابية ووادي من الأرض الفلسطينية لكل من اكتحلت عيونهم برؤيتها زائرين أو عابرين ؛ وأفئدة الذين عاشوا أو ما زالوا يعيشون عليها ؛ وخطت أقدامهم على براريها وجبالها بحثاً عن النرجس والزعتر ؛ أو اختلط بترابها عرقهم ونزف الجراح من أيديهم أيام تعشيب الحقول والحصاد ومرط الزيتون ... ويعلو تحليقه بأفئدة أبناء اللاجئين والنازحين والمبعدين ممن وُلدوا خارج فلسطين ونحتوها في خيالهم أرضاً وعهداً وفقاً لما سمعوه من الآباء والأجداد وهم يتحلقون حول بعض من جمرات في ليالي شتاء المخيمات !!!
منذ بداية برنامج (محبوب العرب ARAB IDOL ) وظهور محمـد عسـاف بكل هذا الوَلـَه والوجـْد والشـَجَن الفلسطيني حتى أصبحت ساعات البرنامج كإجازة قسرية للأفراد وللأسر الفلسطينية في البيوت وحيثما أمكن التجمع ... تماماً كالإجازات القسـرية لأداء واجب اجتماعي في فـرح أو عـزاء ... وكـلا الواجبين يجمـع ؛ وكلاهمـا يكبح ؛ وغالباً فإن كلاهما يمسح ... يجمع ويكبح ويمسح ؛ يجمع المتوافقين والأضـداد في مجلس واحد؛ ويكبح ألسنة التنابز والتنافر حرصاً على التزام الوفاء لواجب سابق أو انتظاراً للسداد اللاحق ؛ وغالباً يمسح على الجراح بتدخل بعض العقلاء بين الأضداد بكلمات عاقلات تبلسم جرحاً ؛ أو تـُطفئ نار غيظٍ فينكسر حاجز لينتهي الأمر بصلـح ... ولو على مضـض !!!
واليـوم ونحن في ساعات هذه الإجـازة القسرية التي نتجمـع فيها لأداء واجـب هو أكبر من الفرح وأكبر من العزاء ... لأنه واجب فـوق الاجتماعي ؛ وفيه المشاركة ليست لسماع ما يطربنـا من محمـد عسـاف وصحبه بقـدر مـا هي إصغـاء لظاهرة يتألق فيها محمد عساف من أجل وطـن ولإسماع روايتنا لشعوب الدنيا بطريقة أخرى جديدة تضيف إلى سابقاتها وإن اختلفت عنها ... وفيها صَـدٌّ وإحباط للعاملين على طمس هذه الرواية وحرف الأنظار عنهـا ؛ وفيها تذكير لكل من أدار الدبـر لفلسطين بأقصاها وقيامتها بأن لا بوصلة لعربي أو مسلم إن لم تكن وجهتها فلسطين ... واليوم ونحن نتجمع لهذا الواجب فهـل سيخرج من بين تجمعنـا عقـلاء ينطقون بكلمات عاقلات تدفع بعضنا من مقاولي وأُمراء الانقسام نحو المصالحة ولو على مضض ؟؟؟
على كـل حال ... هي أيام ... وسينتهي البرنامج ؛ وسيخرج محمد عساف إلى فضاء وآفاق أكثر سعة ورحابة وتسامحاً من السعة والرحابة والتسامح في غـزة والضفـة ... وسنسمع صوته يصدح ويـُسمع في أماكن أكبر مما كان يـُسمع فيها قبل البرنامج ... ولكن لأننا واثقين بأن الفلسطينيين لم يكونوا في أي يوم منقسمين حول فلسطين ؛ وأن الانقسام الذي نعيشه لم يكن إلا في قرار وسلوك البعض ممن يرون في أنفسهم بأنهم فوق الوطن ؛ أو يرون بأن الولاء لمرضعيهم فوق الولاء للوطن ... ولأننا واثقين أن الولـه والوجـد والشجن الفلسطيني لن يفارق محمـد عسـاف ؛ فإننا واثقون بأن صوتـه إن لم يـُصالحهم وهو يصدح الآن ... فإن هذا الصوت المجبول بالوجـد والشجن الفلسطيني سيكون سـوطاً يـُلهب المتمسكين بالانقسام ويزيد من انكشاف عوراتهم ... وسيسوقهم نحو التصالح في قابل الأيام ولو على مضض !!!
ومرة أخرى :
شــكراً يا محمـد عســاف
و
خـرزة زرقـاء من كل بيـت فلسـطيني تصنـع قــلادة تـرد عنـك الكيـد والحسـد
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت