ان عملية إسقاط الهويات القومية والوطنية،وخلق اعداء وهميين وافتراضيين،يستهدف حرف الانظار عن الاعداء الحقيقيين الداخليين والخارجيين للأمة خدمة لأجندات واهداف مشبوهة يجري رسمها في دوائر البنتاغون والاستخبارات الغربية والصهيونية وتنفذها ادوات مأجورة معادية لكل ما هو قومي ووطني ومقاوم.وبقراءة معمقة لما يسمى زوراً وبهتاناً ببيان هيئة علماء المسلمين،والذي لا يمت لا للإسلام ولا المسلمين بصلة،فمن يدعو الى استباحة دم المسلمين والى الاقتتال بينهم،لا يريد خيراً ولا مصلحة لا للاسلام ولا للمسلمين،بل هو يريد مصلحة لجماعة لها اجنداتها واهدافها بريء منها الاسلام والمسلمين،فالمخطط الذي ينفذ والذي اشرف عليه "بيكر" و"هاملتون" مباشرة بعد فشل السياسة الخارجية الأمريكية عندما غاصت في وحل المستنقعين الافغاني والعراقي،هو إغراق المنطقة العربية بالصراعات والحروب المذهبية والطائفية،ونقل الصراع وتحريفه من صراع عربي- اسرائيلي الى صراع عربي- فارسي،وكذلك نقل الخلافات والصراعات المذهبية والطائفية من المستوى الرسمي الى المستوى الشعبي،وهذا يستدعي تغير وتبدل حلفاء امريكا في المنطقة،فأمريكا تقول بأنه لا اصدقاء دائمين لديها،بل مصالح دائمة من يعبر عنها ويخدمها تتعاون وتتحالف معه حتى لو كانت القاعدة او جبهة النصرة،فالقاعدة ولدت من رحم امريكا واستولدتها لمواجهة ما يسمى بالخطر الشيوعي في أفغانستان،ومولتها عربان النفط والغاز والوهابية تحت يافطة وذريعة محاربة الشيوعية،ولإيجاد من يقود هذا المشروع لقاء منحه السلطة في الاقطار العربية،وجدت امريكا ان خير من ينفذ هذا المشروع ويقوم بهذه المهمة،هم فقهاء البداوة ومشايخ النفط والبترودولار والقوى المتأسلمة وفي المقدمة منها جماعة الإخوان المسلمين،ومع تسلمهم السلطة بدأت حربهم الشاملة على كل من له علاقة بالعروبية والقومية والمقاومة والممانعة،حيث تولى مفتي"الناتو" القطري القرضاوي قضية فتاوي الفتن التخوينية والتكفيرية والمذهبية والطائفية وتشويه معاني وقيم الجهاد السامية،واستدخال قيم ومعاني غريبة عن ديننا الحنيف لخدمة أجندات واهداف تمليها عليه قوى ماجورة وعميلة ومشبوهة.
وقبل القراءة لبيان هذه الهيئة التي تتاجر وتتمسح بالدين،لا بد لنا ان نلحظ مجموعة من التطورات دفعت لإصدار مثل هذا البيان وتوقيته،فبعد معركة القصير،وما تحقق فيها من إنجازات عسكرية للنظام إستنفرت كل قوى العدوان على سوريا،لكي لا تتلقى هزيمة ساحقة في معركة حلب،فالسعودية أرسلت اكثر رجالاتها عداء للنظام السوري بندر بن سلطان وسعود الفيصل الى باريس،والتي تشاطرهم رأي تسليح المعارضة والتدخل العسكري في سوريا،وبريطانيا قالت بأنه على النظام وقف تقدمه بإتجاه حلب،لأن من شأن ذلك ان يقود إلى عدم عقد مؤتمر جنيف(2)،وامريكا اعلنت بصراحة بانها ستسلح المعارضة بأسلحة نوعية،ووجهت إتهامات للنظام السوري بإستخدام الأسلحة الكيمائية،وكذلك فعلت قطر وتركيا،تحركتا على جبهة (الإخوان المسلمين) في داخل سوريا،وكذلك الدعوة الى إجتماع ما يسمى بهيئة علماء المسلمين في القاهرة لإعلان"الجهاد" على النظام السوري.
ومن يقرأ بيان هؤلاء المستدخلين على الإسلام،يعي تماماً كيف يجري توظيف الدين لتضليل وخداع الجماهير واستغلال عواطفهم ومشاعرهم وتدينهم الشعبي والأصيل،خدمة لأهداف وأجندات ليس لها علاقة لا بالجهاد ولا بنصرة الدين ولا الأمة ولا الشعوب المضطهدة والمحتلة،فأين كان مثل هؤلاء الخوارج عندما جرى حرق المسجد الأقصى،ولماذا لم يفتوا بالجهاد بالنفس والمال والسلاح دفاعاً عن مسرى الرسول وأولى القبلتين وثالث الحرمين،والذي يتعرض اليوم هو والقدس للإغتصاب والتهويد والأسرلة ولا نسمع عن فتاوي الجهاد،فكأن الشرع يحرم الجهاد في القدس المحتلة ويحلله في الشام غير المحتلة،ولماذا لم نسمع تلك البيانات ودعوات الجهاد لنصرة الإسلام والمسلمين وحمم الأسلحة المحرمة دولياً تتساقط على رؤوس أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أواخر عام/2008 ؟ومن المكان الذي أفتو فيه بمقاطعة البضائع الايرانية،التي امدت غزة والمقاومة الفلسطينية بالسلاح والمال والموقف السياسي لم نسمع عن فتاوى بطرد سفير العدو الصهيوني من قاهرة المعز او إلغاء اتفاقية العار "كامب ديفيد" أو مقاطعة البضائع الإسرائيلية التي تمتلىء بها أسواقهم،خمسة وستون عاما وفلسطين مغتصبة لم تفتو بجواز الجهاد لتحريرها،ومن يتفاخر بانه سيرسل لواءاً إسلامياً لمحاربة الأسد في سوريا،ليتنا نسمع منه بأن لواءاً إسلاميا يهدد فقط بالتدخل إذا ما إستولت إسرائيل على الأقصى،أي جهاد هذا الذي تدعون له،إنه الجهاد الأمريكي والفتن والفتاوي المأجورة والمقبوضة الأجر؟؟،انتم لستم حجة على الإسلام والمسلمين،أنتم وسمة عار في جبين هذه الأمة،وأنا واثق لو ان أي واحد منكم أفتى بالجهاد في فلسطين وتحريرها،او الدعوة الى المقاطعة الإقتصادية لإسرائيل او طرد سفرائها من العواصم العربية،سيقام عليه الحد فوراً ويطرد او يسجن،ويصبح مختل عقلياً وفاقداً للأهلية.
من يحرر قاهرة المعز من هذا الرجس والدنس،من يعيد لقاهرة المعز عزتها وكرامتها،من يعيد لقاهرة المعز امجادها،من يعيد لها مكانتها وموقعها بين الأمم والشعوب،قاهرة المعز التي كانت البوصلة لكل العرب في زمن الراحل الكبير الرئيس عبد الناصر،تتحول اليوم الى دولة مستجدية على أبواب تل ابيب والبيت الأبيض،قاهرة المعز التي حضناً دافئاً لكل الثوار والمقاومين،اليوم ترسل رسائل الغزل والمحبة الى قادة دولة الإحتلال،ولربما هذا شكل آخر من اشكال الجهاد على الطريقة الإخوانية،حيث جهاد النكاح في الشام.
القدس- فلسطين
0524533879
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت