الإحباط العام سيد الموقف لدى الكادر الفتحاوي

بقلم: رمزي صادق شاهين


لا زالت حالة الإحباط العامة تُسيطر على كادر حركة فتح في قطاع غزة ، في ظل الحديث عن تشكيل لجنة جديدة لإعادة تقييم الوضع التنظيمي ووضع الخطة اللازمة لاستنهاضه ، إضافة لضم عدد من الكادر العسكري لهذه اللجنة ، في إشارة على أن هناك قناعة لدى قيادة الحركة بأن كُل الجهود السابقة ذهبت أدراج الرياح لكونها لم تعمل بشكل منطقي وتوافقي خلال أكثر من عامين ، تم تشكيل خلالهما لجنتين لإعادة تقييم واستنهاض الحركة وترتيب أوضاع أقاليمها .

الحالة التي يعيشها الكادر الفتحاوي ليست حالة جديدة ، بل هي حالة متجددة كلما تجدد الحديث عن تكليفات جديدة لترتيب وضع الحركة في محافظات غزة ، والتي أصبحت بالنسبة للكادر هي عبارة عن تغيير مسميات بدون قرار أو نية حقيقية للتغيير ، في إطار حالة الهروب من المسؤولية والتسليم بان ما يتم هو عبارة عن انتقائية في القرارات والتكليفات والتعيينات ، دون النظر للمصلحة العامة أو احتياجات الكادر .

تغيير الأشخاص أو إضافات هنا وهناك ليست هي القضية الأساسية ، بل أن هناك عدد كبير من القضايا التي يستوجب النظر لها بصورة عاجلة ، والعمل على اختيار الأشخاص الذين يستطيعون حل هذه القضايا ، وأهمها الحالة الجماهيرية التي فقدتها الحركة بشكل عام في قطاع غزة ، فالحالة الجماهيرية والتنظيمية والتفاف الجماهير حول الحركة هو عنوان النجاح الأول والأخير ، وحل مشاكل أبناء فتح وقضايا المجتمع هو عنوان آخر للنجاح ، وتغيير طريقة العمل بما تتطلع له الجماهير هو أيضاً عنوان مهم للنجاح .

جماهير فتح فقدت الثقة في المؤسسة التنظيمية بشكل عام ، حيث انتظرت بعد المؤتمر السادس القيام بثورة تصحيح شاملة لكل المؤسسات الحركية ، بما يحقق طموحات القاعدة التنظيمية ، وفقاً للمستجدات الحاصلة على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية ، كما أن الجماهير فقدت الثقة في معظم الشخصيات التي تتناوب على قيادة التنظيم من أعلى الهرم وصولاً إلى قيادة المناطق والأقاليم .

هناك عشرات الشكاوى من المواطنين ، هناك فجوة بين نواب فتح بالتشريعي وبين الجماهير ، فجزء من نواب التشريعي عن كتلة فتح لا يتعاطون مع المواطنين بالشكل المطلوب ، وبرغم وجود تعالى جزئية وواضحة من بعض النواب ، إلا أن ذلك لا يكفي ، فالمطلوب أن يتم التعامل مع كل المواطنين على أنهم درجة أولى في الإحتياجات ، بدلاً من التعامل بمزاجيه مع قضايا وهموم الناس ، هؤلاء الذين هم أساس النجاح والوصول لهذا الموقع الوطني والخدماتي .

كوادر وجماهير فتح في قطاع غزة فقدت الثقة في المستقبل ، فقدت الثقة في إمكانية النهوض بالعمل التنظيمي وصولاً للعمل المؤسساتي الذي سيعطي الفقراء حقوقهم ، ويوفر للمحتاجين متطلبات الحياة الكريمة ، والمرضى لعلاجهم بدون أي رجاء أو توسل ، فهناك حالة من عدم الثقة في نظام التعامل مع القضايا الاجتماعية والإنسانية والخدماتية .

إذا استمرت حركة فتح في نفس النهج ، سوف تفشل في أي مشروع سياسي أو انتخابي قادم ، فلا نريد أن تكون حلقة الوصل بيننا وبين المواطن هي الانتخابات ، فالتواصل الجماهيري والاجتماعي مطلوب من أكبر كادر في فتح إلى اصغر قائد في لجان المناطق ، ومساعدة الفقراء حتى بكلمة حلوة هي أساس حب الجماهير والتفافهم حول مشروع الحركة التي فقدته منذ عام 1994م .

هناك عدد من الشخصيات والمؤسسات الوهمية والفصائل ، أخذت دور الفصائل الحقيقة ، صاحبة العمل الوطني والتاريخ والتضحية ، فمن يستغل حالة الفراغ الجماهيري لحركة فتح ، سيكون مصيره كسب الأصوات التي تحتاج إلى كُل وقفة حقيقية وميدانية مع آمال وآلام المواطن .

خلال سنوات الانقسام الست الماضية ، ظهرت العديد من المسميات التي تسلقت سلم الانقسام حتى تتقاسم كعكة السياسة ، فهي من يرتب أوراقه ليكون بديلاً عن حركة فتح وعن منظمة التحرير ، وعن فصائل العمل الوطني بشكل عام ، فمن مصلحة قوى إقليمية ودولية التخلص جماهيرياً من الحركات الثورية التي التف الجماهير حولها واستطاعت أن تحقق الانتصارات السياسية المرحلية ، وتستطيع أن تكمل الطريق بدون أي تنازل عن الحقوق الوطنية المشروعة .

آن الأوان لنبذ الخلافات الشخصية داخل فتح ، وآن الأوان لتجنيب الجماهير سلبيات القادة ، الذين يتناحرون من أجل المسميات والمواقع ، وتركوا الحركة ومؤسساتها وجماهيرها في حالة توهان وضياع ، في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية وإنسانية تعصف بها وتهدد مستقبلها ، وباعتقادي أن دعوة القيادي والنائب محمد دحلان لقيادة فتح لترك الخلافات وتوحيد جهد الحركة ، هي فرصة مهمة لكي نعمل من أجل استعادة المبادرة الوطنية وإعادة بناء الكيان الفتحاوي بشكل يليق بشعب مناضل كشعبنا الفلسطيني .

&&&&&&&&

* إعلامي وكاتب صحفي- غـزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت