الخلافة...... الحل الشافي ؟!

بقلم: حسن عثمان


اعتدنا أن نسمع عبر الإعلام، بشتى أنواعه، فكرة العودة إلى الخلافة أو إقامة الخلافة في إمارة اسلامية، حيث أن هذه الجملة باتت السلاح الاستراتيجي الذي يستخدمه السلفيون الدينيون من الإسلاميين المحمديين وجماعات الأحزاب الدينية المتطرفة وغيرهم من ذوي اللحى والعمامات المزيفة. يستخدمونه عند أي موقف أو موضوع يُحشرون به فيكون هذا السلاح السبب والعلة والنتيجة للوضع الراهن والمستقبلي وما حلّ بنا وما سيحل. فذهاب الخلافة أو غيابها هو السبب في كل ما يحدث ولا يوجد بديل أبداً عن الرجوع إليها. وهذا الأمر سواء سيُحقق ويُنفذ شاء البعض أو الكل أو النصف أو لم يشأ. بالزور، بالقتل، بالذبح، بالخطف، بالتدمير غير مهم فلا بد من الرجوع إلى الخلافة ولو حتى على واحد كيلو متر مربع من هذه الأرض وليس مهم ما يحدث بعد ذلك. فلا التكنولوجيا ولا التقدم العلمي مهم، ولا الاحتلال مهم، ولا تدني الأخلاق مهم. إمارة بخلافة دينية ومحكمة شرعية وجنس فقط. تكون اكتملت مقومات وعناصر الدولة الدينية ومقومات الخلافة وأهلاً وسهلاً ب(أمير المؤمنين).
حزب التحرير، في الأردن، وجد أن حدود سايكس بيكو تمنعه من نصرة أخوته في الشام وكذلك قيام الخلافة، في حين أنه لم يجد في هذه الحدود عائقاً لتحرير فلسطين. والجيد أنه تذكر هذه الحدود مع اقتراب مئوية تشكيلها. الجماعة الاسلامية أيضاً في الأردن وتمهيداً للخلافة رأت أن لا تقوم النساء بالتعليم في مدارس الذكور، باعتبار الموضوع جنسي ويهز أركان الخلافة وقيام الإمارة الإسلامية.
شيوخ طرابلس وجّهوا الجهاد وحصروه في الشام نصرة لأخوتهم القادمين من الشيشان والصين وأفغانستان وبلجيكا و..الخ تمهيداً لقيام الخلافة التي لا ينهض لبنان إلا بها(وبشوية فنانات استعراضيات يدفعن الجزية ويمارسن حقهن وواجبهن بالجهاد لترفيه مواطني الإمارة الذين يدفعون الضريبة سلف للخليفة).
حزب النهضة في تونس يرى أنّ من أولويات قيام الخلافة في تونس تحطيم وتدمير المواقع السياحية الأثرية التاريخية المرتبطة وغير المرتبطة دينياً (حيث ستكون الحملة الأولى لفتح قرطاجة الفينيقية وسبي الملكة أليسار).في ليبيا يُصّر اسلاميي الكوكايين والهيرويين على عدم رؤية الأخ لأخته في البيت كشرط أساسي لقيام الخلافة، وفي المغرب وجدوا أنه لكي تقوم الخلافة لا بدّ من زواج الرضيعة وإلا كيف سيدخلون في جو السلف الصالح؟.
في مصر: ارضاع الكبير ركن أساسي وضروري جداً لعودة الخلافة وتسيير مؤسساتها وأمورها الإدارية بشرط أن تكون الرضعات مُشبعات. أما في السعودية فواقع الخلافة صعب حيث يتطلب حزمة من الاصلاحات فمن النقاب بعين واحدة إلى جهاد النكاح وصولاً إلى منع تشغيل المكيف والزوج غائب عن البيت. كلها عناصر أساسية لمشروع الخلافة وتحقيقها.
في دويلات الخليج الغدر والقتل والخيانة والاغتيال والمال المسموم وسائل عديدة لانتزاع الخلافة والالتزام بخلق السلف الصالح. كذلك سمة قتل المسلم لأخيه المسلم في العراق وسائر كيانات الأمة السورية احدى أهم سمات الرجوع للخلافة.
أما في فلسطين المحتلة فحماس الأخوانية ارتأت بما أنّ هناك ظلم في الشام بين المسلمين فالجهاد هناك أولوية، وبالنسبة لاحتلال اليهود ليس هناك اي مشكلة فظلمهم أخف، أو سيدفعون الجزية ويظلموا على كيفهم. وبالنسبة لكامب ديفيد فالحديث بها مع مرسي يكون حديث إخواني وليس هناك ما يستدعي الجهاد.
ولربما الحلم بالخلافة للكثيرين قد يكون الحنين لخوازيق الدولة العثمانية كما هو حنين لما سُمي بالفتح العثماني بكل ما تحمله كلمة (فتح) من معاني.
إنّ موضوع الرأي والرأي الآخر ليس من عناصر الخلافة، وكذلك المذهب والمذهب الآخر، فالكل بخليفة واحد وفكر واحد وإما القتل والذبح و... أليس ذلك من مناقب الخلافة والسلف الصالح ؟(فخليفة وشوية مشايخ وكم مؤرخ وعلى الجميع الطاعة، وأحلى تاريخ وأزهر عصر سنقرأ). يعللون جهلهم وتخلفهم عن أمم العالم بعدم قيام الخلافة، ويعللون احتلالنا واستعمارنا ونهب خيراتنا بغياب الخلافة، احتلال فلسطين بسبب ضياع الخلافة (إمارة بغزة، واسماعيل هنية خليفة يكفي،هذه تكون فلسطين... هذا واقع نعيشه!؟). العمالة والشيطنة وقلة الأدب والذوق وانعدام الأخلاق والانحراف الجنسي سببه عدم وجود الخليفة.
بالنهاية سؤالنا: عن أية خلافة يتحدثون؟
أخلافة الاغتصاب وانقسام المسلمين واقتتالهم وذبحهم، أم خلافة الوصية والأمر الواقع والاغتيال السياسي، أم خلافة العائلة وكنز الأموال وتفضيل الأقرباء وجمع الثروات ونفي الناس وقتل المعارضين، أم خلافة الخمور والفجور والمجون والقرود وقتل الأبرياء ولعن الأتقياء، أم خلافة الحرق في بطون الدواب وقطع الأطراف من الأبدان، أم خلافة قطع الألسن والأرجل والصلب على الجذوع، أم خلافة الغدر والخيانة والغطاء الديني وقتل الأخ لأخيه والابن لأبيه والأب لبنيه، أم خلافة المؤامرات وقتل العلماء وكم الأفواه وهتك الأعراض وذبح الأطهار ورفض الآخرين، أم خلافة المذهب الواحد والرأي الواحد والفكر الواحد وقتل الآخرين المسلمين، أم خلافة السلاطين والمجون وخلافة الغلمان والقرود أم خلافة الجنس والطبول. أم يا ترى خلافة الخوازيق والسيخ الحديد الذي يدخلكم باسم (الخليفة العظيم).

حسن عثمان

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت