القدس المحتلة – وكالة قدس نت للأنباء
تعد سبل سليمان الستة في القدس من أشهر سبل المياه في الشام بعد سبيل قايتباي في المسجد الأقصى، وقد بنيت هذه السبل وعمّرت في غضون سنة 943 هـ، في عهد السلطان سليمان القانوني، وتوزّعت سبل سليمان الستة في محيط المسجد الأقصى وداخله، وعند بركة السلطان خارج البلدة العتيقة، لتخدم أهل القدس وزوار المسجد الأقصى، وتمدّهم بالماء العذب الزلال، الذي يستمد معظمه من برك سليمان بواسطة قناة السبيل التي رممت في عهد السلطان أيضا.
وقد أُوقفت سبل سليمان القانوني هذه في عام 948هـ فصارت من أوقاف المسلمين العامّة، وصدقة جارية باسم السلطان سليمان القانوني، والذي أوقفها هو محمد جلبي النقّاش، كما تشير سجلات المحكمة الشرعية في القدس.
وظلت سبل سليمان تؤدي دورها في سقاية أهل القدس وكل من يزور المسجد الأقصى، حتى أهملت هذه السبل فترة من الزمن، وبعد احتلال القدس العتيقة والمسجد الأقصى، أتلفت المؤسسة الإسرائيلية قناة السبيل التي كانت تنقل الماء إلى السبل، بحجة البحث عن الآثار، وبالرغم من تعطّل السبل الستة إلا أنها ظلّت رمزا مقدسيا وإرثاً إسلامياً عريقاً شاهداً على حضارة وقدسية المدينة، فلم يرق للمؤسسة الإسرائيلية هذا المشهد الإسلامي في القدس فبدأت بمشروع تهويد السبل القانونية بحجة الترميم، وقد حاولت دائرة الآثار في عام 2010م ترميم سبيل باب الأسباط، وقام عدد من عمّالها بإزالة الكحلة (المادة التي تعبأ بالفراغات) عن حجارة السبيل، إلا أن دائرة الأوقاف الإسلامية تداركت السبيل في ذلك الوقت ومنعتهم من إتمام الترميم التهويدي، مؤكدين على أن هذا السبيل وغيره من سبل سليمان القانوني في القدس هي أوقاف إسلامية تابعة لوزارة الأوقاف الأردنية.
وقد رصدت رابطة شباب لأجل القدس العالمية منذ يوم الخميس الماضي 13-6-2013 أعمال ترميم شاملة تقوم بها "دائرة الآثار" التابعة للمؤسسة الإسرائيلية في سبيل الواد (سبيل القطانين) التاريخي، والذي يتبع للأوقاف الإسلامية في القدس، ويقع في الجانب الشرقي من طريق الواد، بالقرب من المدخل الغربي لسوق القطانين، وقد نصبت دائرة الآثار الإسرائيلية سقالات وقامت بتغطية السبيل، ووضعت لوحات عبرية عند موقع الترميم، عليها شعار دائرة الآثار الإسرائيلية.
واستنكرت رابطة شباب لأجل القدس العالمية، هذا التفريط بالأوقاف الإسلامية في القدس، والسماح لدائرة الآثار الإسرائيلية بالعبث بحرية في الآثار الإسلامية والعربية، وإن مثل هذه الترميمات والتي تجري بأيدي إسرائيلية وتحت إشراف دائرة الآثار الإسرائيلية ما هي إلا انتهاك صارخ وتهويد واضح للمقدسات والممتلكات الوقفية في القدس.
وفي هذا السياق فإن الرابطة طالبت المملكة الأردنية الهاشمية بالقيام بالدور المنوط به بالكامل في حماية الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس ومنع التفريط فيها، حيث يتحمل المملكة الأردنية الهاشمية مسؤولية إدارة وحماية ورعاية كافة الأوقاف الإسلامية في القدس بموجب القانون الدولي، والتراخي في القيام بهذا الدور يشجع دولة الاحتلال على التمادي في سياساتها المتغطرسة في تهويد المدينة المقدسة وتغيير طابعها الإسلامي العام، خاصة وأن للمملكة الأردنية الهاشمية سابقةً في الوقوف في وجه المحاولة الإسرائيلية لترميم سبيل باب الأسباط عام 2010م، وكذلك الوقوف في وجه محاولة سلطة الآثار الإسرائيلية ترميم وإصلاح الانبعاج الذي ظهر قبل عشر سنوات في الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك بسبب الحفريات الصهيونية، مما أدى إلى إحباط هذه المحاولات الإسرائيلية المتكررة.
وأبدت الرابطة استغرابها، من هذا الصمت من قبل السلطات الأردنية على عمليات الترميم الواسعة التي تجريها سلطة الآثار في سبيل الواد رغم كونه قريباً جداً إلى المسجد الأقصى المبارك ولا يبعد أكثر من أمتار معدودات عنه، وبذلك فإن الأعمال الإسرائيلية تجري في وضح النهار وتحت سمع وبصر مسؤولي دائرة الأوقاف الإسلامية التي تتبع المملكة الأردنية الهاشمية دون أن يحرك أحدٌ من هؤلاء المسؤولين ساكناً ودون أن نسمع أي ردة فعل من السلطات الأردنية، وهو الموقف الذي لا نتفهمه!
وطالبت الرابطة المملكة الأردنية الهاشمية بالقيام بدورها في هذا المجال لا يعني بحالٍ نسيان دور الأمة كلها في الدفاع عن مدينة القدس ومقدساتها وأوقافها، فالقدس مسؤولية الأمة العربية والإسلامية جمعاء، ونحن نطالب الحكومات العربية والإسلامية بأداء دورها المطلوب في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، وعدم اعتبار الظروف القاسية التي تمر بها أمتنا في هذا الوقت مشجباً تعلق عليه تهاونها في نصرة القدس والدفاع عنها وتحريرها.