زيارة جون كيري غير ضرورية وليست مهمة

بقلم: رشيد شاهين


منذ قامت دولة الاحتلال العنصري على أشلاء الفلسطينيين، كانت أميركا وما زالت تقف إلى جانبها داعمة ومؤيدة وموفرة لها الغطاء في المنابر الدولية، عدا عن تزويدها بكل ما تحتاجه من مال وتكنولوجيا وعلاقات دولية، وفوق ذلك ما هو ضروري من أسلحة فتاكة متطورة لذبح العرب وفلسطينيين.

برغم ذلك، وبرغم السياسات المنحازة، لم ينفك قادة العربان بما في ذلك قادة فلسطين، عن المراهنة على الدور الأمريكي في إنهاء الصراع العربي الصهيوني، وان 99,9% من أوراق الحل بيدها، كما تحول الصراع بقدرة قادر إلى صراع فلسطيني صهيوني، على اعتبار ان الكيان لم يعد يشكل خطرا على الأمة، ولم يعد ذاك الخنجر في الخاصرة العربية.

الرهانات العربية على قيام أميركا بدور الوسيط النزيه كانت وستظل رهانات فاشلة، ذلك انه لا يمكن لهذه الدولة ان تكون خصما وفي ذات الوقت حكما بين أطراف النزاع، خاصة في ظل سياسات لا تحتمل التأويل تجاه دعمٍ لا متناهٍ لدولة العدوان.

ما يقوم به الوزير كيري الذي يقال بأنه ماسوني ومن أصول يهودية لا يتعدى محاولات لتكرار السياسة الأمريكية التي تم إتباعها منذ تأسيس الكيان، وهي محاولات لذر الرماد في العيون تهدف إلى التضليل، وأي مراجعة لكل التصريحات والممارسات التي صدرت عن المبعوثين الأمريكيين، تؤكد على تَبَنٍ للمواقف الصهيونية وعلى التزام أميركي واضح بكل ما يشكل حماية لدولة الاغتصاب ويوفر لها الدعم في كل ممارستها العنصرية مهما كان شكلها.

ما يحاول كيري ترويجه ليس سوى خطة نتانياهو للسلام الاقتصادي، وفي تصريحاته خلال المؤتمر الاقتصادي العالمي على شاطئ البحر الميت في الشهر الماضي، ربط بين أي دعم اقتصادي للسلطة الفلسطينية وبين قبولها للانخراط في العملية "السلمية" وتحقيق تقدم ملموس في هذا الإطار، بمعنى، الموافقة على الطروحات الصهيونية والمتمثلة في الاعتراف بيهودية الدولة والسيطرة على غول الأردن، ونزع السلاح للكيان الفلسطيني المشوه، وتبادل للأراضي، وتواصل جغرافي بغض النظر عن طبيعة هذا التواصل حتى لو كان سباحة أو طيران، وبدون تحديد حدود الدولة الموهومة.

منذ تولى منصبه في شهر آذار المنصرم، ومحاولاته إضفاء نوع من التفاؤل على "الجهود" التي يقوم بها، صدرت عن قادة الكيان العديد من التصريحات التي تبين بدون مواربة، ان لا نية البتة لدى هؤلاء في الوصول إلى حل مع الجانب الفلسطيني وإنهاء الصراع والاعتراف بالحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعلى حدود الرابع من حزيران 1967.

إن أي مراقب "بما في ذلك بعض المؤسسات الصهيونية-بتسيلم- مثلا" لما يجري على ارض الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يدرك تماما ان موضوع حل الدولتين صار وراء ظهرنا، ولم يعد بالنسبة لقادة الاحتلال حلا مناسبا، وبناء عليه فهم يتصرفون على أساس إلحاق الأراضي المحتلة بدولة الكيان، أو من خلال حل مع الأردن أو مصر كما قال داني دانون نائب وزير الحرب الصهيوني.

ليس من المعتقد ان كيري لم يسمع بالتصريحات المتتالية لقادة الكيان، تلك التصريحات التي تجمع على ان لا انسحاب من الأراضي المحتلة ولا دولة فلسطينية على هذه الأراضي، وحتى موضوع تبادل الأراضي غير المرحب به على المستوى الشعبي الفلسطيني، لم يعد كافيا بالنسبة لقادة الكيان، وهذا ليس بغريب على العقلية الصهيونية الاستعمارية.

وفي ظل حالة الانقسام والضعف الفلسطيني، لم تعد القضية الفلسطينية تشكل أولوية للإدارة الأمريكية ولا حتى الصهيونية، وعليه فان على الجانب الفلسطيني ان يدرك هذه الحقيقة، وألا يتصرف على أساس ان كيري سوف يكون "المُخَلٌص"، خاصة في ظل كل ما يجري على الأرض من سياسات عنصرية واستيطانية ونهب للأراضي وتهويد للقدس وغير ذلك من ممارسات وسياسات عنصرية بغيضة.

الزيارة التي ينوي جون كيري القيام بها لم تعد ضرورية، وهو على أية حال وكما أركان الإدارة الأمريكية، لديهم من القضايا التي تعتبر أهم على أجندة السياسة الخارجية والتي منها على سبيل المثال الملفين السوري والإيراني.

19-6-2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت