كيري ليس الترياق

بقلم: صلاح صبحية


كيري سيأتي ، كيري لن يأتي ، وعادت الحكاية كما كانت أيام اولبرايت وباول وكوندليزا وهيلاري ، وما زلنا نعلق كل الآمال على الترياق الموجود في الحقيبة الدبلوماسية لوزير الخارجية الأمريكية ، فإذا الحقيبة فارغة من كل شيء إلا شيئاً واحداً ، أيها الفلسطينيون ارحلوا عن وطنكم ، فالاستيطان لن يتوقف ، والاستيلاء على الأرض سيستمر في كل فلسطين التاريخية ، من الجليل إلى النقب إلى الضفة ، ونحن نطلق التصريحات ذات اليمين وذات الشمال ، وكلّ ٌ منا يغنّي ليلاه ، ولم يعد يعنينا سوى أن يقبل العدّو الصهيوني بحل الدولتين ، وكأنّ حل الدولتين هو الحل لكل القضايا الفلسطينية وفي مقدمتها قضية اللاجئين ، ويسخر العدّو الصهيوني منا ونحن نرفض تصريحاته التي يؤكد فيها على عدم قبوله بقيام الدولة الفلسطينية ، لأننا لم نعي بعد حقيقة هذا العدوّ ، بل لعلنا نعي حقيقته ولا نريد أن نخسر هذا العدوّ الصهيوني الصديق والجار ، ونعشق التفاوض معه لدرجة أننا نأبى مقاومته في أي مكان ، ونأبى أن نعزله سياسياً في أي مكان ، لأنّ معركتنا معه ليست على وجوده محتلاً لأرض فلسطين التاريخية ، فنحن تنازلنا عن التاريخ والجغرافية ، ونزّف البشرى إليه في كل مؤتمراتنا الصحفية بأنه سيحصل على جائزة الترضية الكبرى إذا ما اعترف بحقنا بدولة على أرضنا التي هي تاريخنا ، وأنّ هذه الجائزة هي اعتراف الدول العربية والإسلامية بحق وجود الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين ، لماذا كل هذه المغريات نقدمها مجاناً للصهاينة ، وهو لا يأبه بما نقدمه من مغريات له ، لأنه يريد منا أن نطرد أهلنا من على أرض فلسطين المحتلة عام 1948 ، يريد لنا أن نقرّ له بيهودية دولته حتى يقرّ لنا بفلسطينية دولتنا ، وبالتالي ليذهب فلسطينيو الجليل والمثلث والنقب إلى دولتهم الفلسطينية القائمة على الأرض المحتلة عام 1967 ، أنه عدوّنا الذي عرف كيف يستغل ضعفنا وهروبنا من مواجهته ،

ضعفنا بأننا لا نعرف كيف نتمسك بحقوقنا وكيف ندافع عنها ، وهروبنا من انتفاضة جديدة ضد وجوده داخل بيوتنا الفلسطينية ، و جعلنا القدر هو مبرر ضعفنا ، إنها إرادة الله ومشيئته ، بينما نجد انّ الله سبحانه وتعالى يؤمرنا بصريح قوله " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوّكم" ، فإذاً لماذا نهرب من الإعداد ، فلا نعدُ أنفسنا معنوياً ونفسياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياًُ وعلمياً وعسكرياً ، لأنّ مواجهتنا لعدوّنا تتطلب منا كلّ ذاك الاستعداد ، ولكن هيهات هيهات أن يكون ذلك ، بل هيهات هيهات أن نفكر مجرد تفكير بالإعداد لمواجهة عدوّنا ولو من باب الحيطة والحذر ، فإذا بعدوّنا يأمن جانبنا ولا يخشى منا لأنه اكتشف مدى حرصنا على وجوده وحياة أفراده ، فنحن لم نستغل قبولنا دولة مراقب في الأمم المتحدة لتهديد هذا العدوّ في كل المحافل الدولية ، وقد أثبتنا له ذلك عندما أبقينا أنفسنا في مرحلة السلطة التي فقدت مبرر وجودها في ظل ممارسات الاحتلال اليومية ضد الأرض وضد السكان ، ولم ننتقل إلى مرحلة الدولة تحت الاحتلال ، أهي الفرص تضيع من أيدينا ، أم أننا لسنا أهلاً لندافع عن حقوقنا ، ونحن إنْ شئنا استطعنا أن نفعل ذلك ، رغم أنّ شعبنا تحت الاحتلال وفي ظل السلطة الفلسطينية العقيمة يعاني اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً إلا أنه ما زال مستعدٌ للعطاء من أجل الحرية والاستقلال والتخلص من الاحتلال بكل أشكاله وأساليبه وتلاوينه اليومية .

إذاً هي الإرادة ، وهو القرار ، وهي المسؤولية ، والجرأة على المواجهة ، وأول هذه المواجهة مواجهة شعبنا كل شعبنا في كافة أماكن تواجده من مكاشفته ومصارحته وإعادة الاعتبار لوجوده في برنامج القيادة الفلسطينية من خلال الرهان عليه في كلّ ما تريد أن تقدم عليه القيادة على طريق المواجهة مع العدوّ لا على طريق مهادنة العدوّ، فالترياق لن يأتي مع كيري ، الترياق نحمله بين جنبات شعبنا إذا كانت القيادة تقرّ وتعترف بقوة شعبها .

حمص في 20/6/2013 صلاح صبحية

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت