خانيونس- وكالة قدس نت للأنباء
بمجرد أن تقف على باب إحدى مدراس وكالة الغوث الدولية في مخيم خانيونس تجد أنها قد تغيرت ملامحها إلى حد ما فلقد أصبح بداخلها ألوان تجذب نظر الناظرين إليها، ارتفاعها يصل إلى عدة أمتار، هناك أطفال يقفون عليها بكل جرأة وثبات، يحاولوا أن يبدعوا بقفزاتهم الهوائية في الهواء.
أطفال يحاولون أن يرسموا واقعهم بأناملهم الصغيرة البريئة التي حرمت من السعادة و الفرح على مدار سنوات طويلة، أطفال لاجئون تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 10 سنوات اجتمعوا في مواقع أسابيع المرح الصيفية التابعة للاونروا في مواقع عدة في محافظة خانيونس، دبكة و فنون شعبية، طائرات ورقية تحمل ألوان العلم الفلسطيني، رسومات امتزجت ألوانها بطعم الحرية، ثقافة وإبداع، تفريغ للطاقات السلبية أقسام و زوايا تنوعت لخدمة وتوفير وقتا من المرح لأطفال اللاجئين.
الطفل اللاجئ سيف الدين أبو عقلين )10 سنوات (قال وعيونه مليئة بالفرحة وشفتاه لازالتا تحتفظان بالبسمة: "اليوم نستطيع أن نلعب ونجري هنا وهناك بحرية وأمان، لا نسمع صوتا للرصاص ولا حتى المدافع، جئنا إلى أسابيع المرح الصيفية لأنها جميلة وممتعة فلا يوجد ما يشبهها في أماكن أخرى".
و أضاف: "أنا أحب أن اقفز من أعلى ارتفاع لهذه اللعبة مشيراً بأصبعه إلى ذلك المجسم العملاق والذي يسمونه باسم طرزان، فهو مجسم بلاستيكي مختلف الألوان يتم ضخ الهواء بداخله بآلة مخصصة ليصبح ارتفاعه حوالي خمسة أمتار، ويتم وضع المياه والصابون بداخله لتسهيل عملية التزحلق عليه، يعشقه الأطفال فهو ممتع بالنسبة إليهم .
من جانبه قال الدكتور محمد العايدي، رئيس مكتب الاونروا في منطقة خانيونس، والذي رافق اللجنة الشعبية للاجئين – خان يونس في زيارتها لمواقع أسابيع المرح الصيفية التابعة للأونروا في محافظة خانيونس: " إن الاونروا استطاعت هذا العام أن توفر بعض الإمكانيات المادية ليتم استخدامها في تنفيذ برنامج صيفي في قطاع غزة".
و أضاف د. العايدي: "إن موازنة أسابيع المرح الصيفية هي موازنة مستقلة حيث تم منحها للاونروا خصيصا لتنفيذ هذا البرنامج فقط، وبالتالي فموازنة أسابيع المرح الصيفية لا تندرج ضمن أي من موازنات برامج الاونروا الأخرى كالتعليم، أو الصحة، أو الخدمات ولذا فلن يؤثر هذا البرنامج على كمية أو نوعية تلك الخدمات الأساسية الأخرى سلبا، بل تساهم في دعم هذه البرامج إيجاباً من خلال توفير فرص عمل لحوالي 2000 خريج جامعي، وإنعاش اقتصاد السوق المحلي".
موضحا في الوقت ذاته إنه تم تقليص موازنة أسابيع المرح الصيفية 2013 بنسبة 75% مقارنة بتلك التي خصصت لبرنامج العاب الصيف 2011، مؤكدا على أن الاونروا تسعى جاهدة إلى تخفيف العبء عن الأطفال وخصوصا في فترة العطلة الصيفية فهم بأمس الحاجة إلى الترفيه واللعب في جو مرح وآمن بعد أن أمضوا مشوارهم الدراسي لمدة عام كامل بجهد و عناء.
و كانت قد زارت اللجنة الشعبية للاجئين – خانيونس برئاسة مازن أبو زيد مدرسة ذكور مصطفى حافظ الابتدائية حيث كان في استقبالهم الدكتور معمر الفرا مدير الموقع الذي بين أن نسبة الإقبال هذا العام على أسابيع المرح الصيفية ارتفعت بنسبة كبيرة وبشكل ملحوظ.
من جانبه قال ناصر أبو شقير مساعد مدير العمليات في المنطقة :"انه تم تسجيل 29,000 طالب من كلا الجنسين من أصل 42,000 طالب مسجلين ضمن كشوفات وكالة الغوث التابعة لبرنامج التعليم في منطقة خانيونس".
وحول عدد المراكز الترفيهية قال أبو شقير أثناء زيارة غرفة عمليات أسابيع المرح: "هناك 24 موقع مقسمات على محافظة خانيونس بحيث تشمل كل المناطق، فهناك 12 موقعاً غرب محافظة خان يونس، و12 موقعا شرق المحافظة، وهذه المواقع مقسمة على طلاب المرحلتين الابتدائية والإعدادية من كلا الجنسين".
و تابع: "هذه المواقع مقسمة على مجموعتين ذكور وإناث فهناك 6 مواقع للمرحلة الابتدائية، 3 مواقع ذكور ومثلهن للإناث، و 6 مواقع للمرحلة الإعدادية مقسمات بنفس الطريقة، مؤكدا انه لا يوجد أية برامج مشتركة بين الذكور والإناث حيث تقوم المنشطات الإناث بالإشراف على البنات المشاركات و يقوم المنشطون الذكور بالإشراف على الأولاد المشاركين كل في مدرسته التي يتعلم فيها بشكل طبيعي".
من جانبه قال محمد البردويل مدير موقع مدرسة ذكور خان يونس الإعدادية للاجئين: "إن أنشطة أسابيع المرح هذا العام فهي تشمل تشكيلة من الألعاب الترفيهية منها كرة القدم والطائرة والسلة والترامبولين والطائرات الورقية، والألعاب المنفوخة وبعض الألعاب الشعبية والتقليدية والمسرح".
ونوه أنه لم يتم توفير نشاط السباحة هذا العام نتيجة للتكلفة الباهظة التي تتطلبها صيانة معدات السباحة.
أما بخصوص عدد العاملين في موقع مدرسة ذكور معن الإعدادية أوضح صبحي أبو حمده مدير الموقع :"أن كل موقع يشتمل على: مدير الموقع وهو على الأغلب مدير المدرسة أو نائبه، ومدير الأنشطة وهو مدرس الرياضة أو الفنون بالمدرسة، و اثنين من الأذنة، و اثنين من عمال الصيانة واثني عشر منشطاً من خريجي الجامعات من مختلف التخصصات".
و شدد د. العايدي على أن الهدف الأساس من أسابيع المرح هو توفير مكان آمن للأطفال للعب و المرح خلال ثلاث دورات مدة كل واحدة منها أسبوع واحد، إضافة إلى خلق صداقات جديدة بين المشاركين وتفريغ طاقاتهم السلبية من خلال تنفيذ أنشطة تتناسب مع الهدف ومن خلال المنشطين المتخصصين في هذا المجال مؤكداً أن الاونروا ليست في تنافس مع احد و هذا البرنامج جزء مكمل لبرامجها لخلق بيئة آمنة للعب للأطفال المستهدفين والمساهمة في تربيتهم وتعليمهم ونمائهم.
وعن الزى الموحد و المواصلات للمشاركين قال د. العايدي: " نتيجة الموارد المحدودة هذا العام فلم تتمكن الاونروا من تأمين المواصلات إلى مواقع أسابيع المرح هذا العام وبما أن مواقع البرنامج ستكون داخل مدارس الاونروا فقط، بالتالي سيكون ذهاب الأطفال إلى المواقع تماما كذهابهم لمدارسهم التي يتعلمون فيها طوال العام بشكل طبيعي، مضيفاً أن الاونروا تقدم وجبات خفيفة للمشاركين ولكنها لن تتمكن من توزيع الزى الموحد أوالأحذية عليهم".
الطفل اللاجئ بكر السوري (9 سنوات) ابتسم لنا بمجرد أن دخلنا غرفة الرسم والألوان وحين سؤاله عن مدى سعادته قال: "أنا اليوم سعيد جدا لأنني اجتمعت مع أصدقائي في مكان آمن ومريح نستطيع من خلاله أن نلعب ونمرح ونرسم كل شيء فلا أحد يستطيع أن يصرخ علينا نتيجة ارتفاع أصواتنا ونحن نلعب ونمرح ولا نضايق أحد من جيران منزلنا الواقع وسط مخيم خان يونس".
من جانبه توجه مازن أبو زيد رئيس اللجنة الشعبية للاجئين – خانيونس بالشكر والتقدير إلى كل العاملين في مواقع أسابيع المرح وخص بالذكر الدكتور محمد العايدي رئيس مكتب الاونروا بالمنطقة والدكتور إبراهيم عواد مدير المنطقة التعليميةوالسيد فؤاد الفقعاوي مدير العمليات والسيدة هناء الزطمة المساعد الإداري لرئيس المنطقة والأستاذ ناصر أبو شقير والسيدة ناهد الفقعاوي مساعدا مدير العمليات كما وشكر السيد تيرنر مدير عمليات الاونروا في غزة على جهوده المتواصلة من اجل توفير الدعم اللازم لتقديم أفضل البرامج والخدمات للاجئين الفلسطينيين.
وعن ملاحظاته أثناء زيارته لأربع مواقع لأسابيع المرح قال أبو زيد: "نعتز و نفتخر بكل القائمين على هذه المواقع فهي بالفعل عنوان حقيقي للإدارة الناجحة والتنسيق المميز، معربا عن سعادته لتوفر ألعاب جديدة ومختلفة للأطفال اللاجئين ورسم البسمة على وجوههم".
وتابع: "إن مخيم خان يونس يعتبر من المخيمات المنكوبة فلا يوجد بداخله أي متنفس حقيقي للأطفال ولا حتى للكبار، مؤكدا أن المخيم عبارة عن كتلة خرسانية صلبة لا يمكن تفتيتها بسهولة نتيجة ارتفاع عدد سكان المخيم الذي أصبح حوالي 76 ألف لاجئ في بقعة جغرافية لا تتعدى مساحتها 2 كم2".
ودعا أبو زيد وكالة الغوث، المسؤول الحقيقي عن اللاجئين الفلسطينيين، إلى العمل الجاد و الفوري من أجل تطوير المخيم وتحسين شروط المعيشة الإنسانية فيه وتنفيذ مشاريع جديدة لأن مخيم خان يونس حرم لأكثر من عشرة أعوام من تنفيذ أي مشروع نتيجة الحصار الإسرائيلي الخانق لقطاع غزة وملاصقة المخيم للمستوطنات الإسرائيلية حتى عام 2005م.
وطالب أبو زيد جميع الدول المانحة والمجتمع الدولي إلى ضرورة الاستمرار في دعم موازنة الاونروا لكي تستطيع أن تنفذ برامجها ومشاريعها التي تخدم اللاجئين الفلسطينيين وتستطيع تلبية احتياجاتهم الحقيقية.
وقد قدم بعض الأطفال المشاركين في أسابيع المرح الصيفية هدية رمزية إلى اللجنة الشعبية للاجئين – خانيونس وهي عبارة عن طائرة ورقية زينت بألوان العلم الفلسطيني معربين عن سعادتهم جراء التواصل الدائم للجنة مع وكالة الغوث في سبيل الأفضل لخدمتهم وتقديم المساعدات لهم لتطوير قدراتهم و مواهبهم المميزة .
و قد اقترحت السيدة سعاد حجو رئيس لجنة المرأة في اللجنة الشعبية للاجئين – خان يونس أن يتم التركيز على الأطفال الموهوبين والمميزين وتوفير ما يمكن توفيره لهم من أجل تنمية وتطوير مواهبهم وتحفيزهم للارتقاء بفكرهم العملي والعلمي والاستفادة من طاقاتهم بشكل بناء.
وأوضحت أن مواقع أسابيع المرح تتميز هذا العام وبشكل ملحوظ نتيجة نظافتها ونظامها وسرعة الاستجابة لأي خلل طارئ فيها خلال مدة زمنية أقصاها نصف ساعة.
يذكر أن وكالة الغوث الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين استطاعت هذا العام أن تتيح الفرصة لحوالي 150,000 طفل في 125 مدرسة من مدارس الاونروا للاستمتاع و قضاء وقتا من المرح من خلال المشاركة في الألعاب الرياضية، المسرح أو الفنون الإبداعية، كما وأتاحت الفرصة لتوظيف أكثر من 2000 منشط ومنشطة لفرصة عمل قصيرة الأجل للخريجين الجامعين العاطلين عن العمل في قطاع غزة.
إن مثل هذه البرامج تساهم بشكل كبير في إيجاد حالة من التوازن لدى الأطفال وتساهم في تنميتهم ونمائهم مما يساعد على تنشأة جيل واعٍ وقادر ولديه الإمكانيات والقيم والقدرات التي تساعده أن يكون عنصرا فاعلا وإيجابيا لذاته وأسرته ومجتمعه ومحيطه وللعالم في المستقبل.
تقرير/ رأفت طومان ..