مؤتمر قمة الثماني في دبلن انعكاس للتغير الدولي والإقليمي الذي أحدثه الصراع على سوريا

بقلم: علي ابوحبله


الصراع على سوريا هو انعكاس للصراع الدولي والإقليمي المستجد ضمن التغيرات في موازين القوى الذي يشهده العالم ، فرضت ألازمه السورية نفسها على مؤتمر قمة الثماني في دبلن بحيث لم يكن بمستطاع السبعة الكبار في قمة دبلن من فرض شروطهم على روسيا بالرغم من محاولات التهديد والوعيد بفرض عزله على روسيا ، لقد تمكن فلاديمير بوتن من فرض رؤيته للحل في سوريا وفي تصميمه على عدم تضمن البيان الختامي أية شروط لإنهاء النظام في سوريا ، إن سوريا استطاعت بصمودها أن تمنح الرئيس بوتن في مؤتمر قمة الثماني القوه لفرض الشروط الذي أعطته الكثير من الأوراق للمناورة مما يؤكد أن هناك تغير في موازين القوى وان العالم يتغير باتجاه إعادة توازن القوى وان هذا التغير تقوده سوريه ، إن انتصار سوريا في معركة القصير قد غير من معادلة الصراع على الأرض وان ما يحققه الجيش العربي السوري من انتصارات على المجموعات المسلحة جعل أمريكا وحلفائها بحالة إرباك وافقدهم الكثير من الأوراق ومع ذلك ما زالوا يراهنون على التغيير والتغير في موازين القوى ، لم يعد بمستطاع الولايات المتحدة من فرض وقائع على الأرض وشن الحروب كما حصل في العراق حين احتلت أمريكا العراق كما لم يعد بمستطاع أمريكا وحلفائها من انتزاع قرارات من مجلس الأمن يخدم المصالح الامريكيه وقد عبرت أمريكا عن ذلك صراحة أن ليس في حسبانها أو في واردها للتدخل العسكري في سوريا أو فرض حظر جوي على سوريا كما أن رئيس وزراء بريطانيا اللورد كاردون يصطدم بعقبات رفض الشعب البريطاني لتزويد المعارضة في السلاح وان فرنسا هناك تغير في الرأي العام في فرنسا من موقف هولا ند بشان ألازمه السورية وما تواجهه فرنسا من ازمه اقتصاديه وان ألمانيا تقف ضد قرار تسليح المعارضة وان اليابان تعيش أزمتها مع كوريا الشمالية ، هناك وقائع ومعيقات تفرض نفسها أمام ضعف وتفكك المعارضة السورية وهذا ما عبر عنه الرئيس الأمريكي اوباما ، إن التحالف الخليجي التركي ضد سوريا أصبحت تعترضه معيقات بفعل ما تواجهه تركيا وان انقلاب الابن على أبيه في قطر له انعكاس على الدور القطري ومراجعة الحسابات وان السعودية أمام مستجد في العلاقات مع إيران على ضوء فوز الدكتور حسن روحاني رئيسا لإيران وهناك تخوف في السعودية من انعكاس الفتنه المذهبية الشيعية السنية على المجتمع السعودي ، أمام الوقائع جميعها استطاعت سوريا بقوتها وصمودها من أن تغير في موازين القوى الاقليميه والدولية وتغير في موازين الصراع بإنهاء التحكم القطبي الأمريكي في حكم العالم وان انعكاس بيان مؤتمر قمة الثماني في دبلن هو ثمرة الصمود للجيش العربي السوري وتصديه للمؤامرة ببسالة ، لقد نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتن من فرض شروطه على قمة الثماني بعد أن هددته دول المؤتمر بعزل روسيا لتصبح القمة سبعه زائد واحد لكن الموقف الصلب لروسيا احدث تغيير في اللهجة الغربية من ألازمه سواء من خلال التأكيد على عقد مؤتمر جنيف ( 2 ) بأسرع ما يمكن أو في تجنب الإشارة للرئيس بشار الأسد سواء في المرحلة الحالي أو خلال الفترة الانتقالية الموعودة والتأكيد في المقابل على ضرورة أن " يسمح المؤتمر الدولي بقيام حكومة انتقاليه تتشكل بالتوافق المشترك " بين الحكم والمعارضة . وكان الملفت بالبيان الختامي لقمة الثماني هو دعوة السلطات السورية والمعارضة إلى " الالتزام معا خلال مؤتمر جنيف بالقضاء وإبعاد كافة التنظيمات والأفراد التابعين للقاعدة من سوريا " وتأكيد البيان على الحفاظ على القوات العسكرية وأجهزة الأمن في أي ترتيب مستقبلي " والملاحظ أن البيان قد اغفل الاتهام الغربي للسلطات السورية تحديدا استخدام السلاح الكيمائي ، ودانوا استخدامه بشكل عام من أي طرف ، هناك تغير في مواقف بعض الدول اتجاه إيران حيث عبر الرئيس الفرنسي هولا ند عن ترحيبه بمشاركة إيران في مؤتمر جنيف ، وقد أبدى زعماء الدول الثماني الولايات المتحدة الامريكيه ، وروسيا ، وفرنسا ، وبريطانيا ، وألمانيا ، وايطاليا ، وكندا ، واليابان ، عن التزامهم بالحل السياسي وأنهم مصممون على تنظيم مؤتمر جنيف في اقرب وقت موضحين أن المؤتمر سيضم ممثلين عن السلطات السورية والمعارضة ، إن المتمعن في صيغة البيان الختامي يلمس أن الرئيس الروسي بوتن تمكن من الوقوف في وجه الضغوط الغربية وانه تمكن من إلزام الدول الغربية من تغيير لهجتهم التي ابتدأت تصعيديه السقف لينخفض منسوبها إلى ما وصل إليه المؤتمرين من ضرورة حل ألازمه سياسيا ، نجحت روسيا لان يخلوا البيان من أية إشارة لضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن روسيا لا تريد الإخلال بموازين القوى السياسية في سوريا وقد دافع الرئيس الروسي بوتن عن إرسال الاسلحه إلى سوريا موضحا أن روسيا لا تستبعد إرسال شحنات أسلحة جديدة محذرا الدول الغربية من مخاطر تسليح المعارضة السورية ، ومحذرا من نتائج دعم المعارضة بحسب وصفه على ما جرى في لندن ودول أوروبيه مختلفة من عنف ، الرئيس الأمريكي اوباما قال انه من المهم بناء معارضه قويه في سوريا يمكنها العمل بعد خروج الرئيس السوري بشار الأسد بحسب تصوره وقد شكك في مقابله مع شبكة بي بي اس من جدوى إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا أو أي عمل عسكري أمريكي كبير ومعللا أن سلاح الجو السوري ليس جيدا بالضرورة وان الذين سقطوا قتلى لم يسقطوا بسبب الضربات الجوية التي شنها سلاح الجو السوري وإنما بسبب التحركات على الأرض ، إن نتائج ما أفرزته قمة الثماني يعد انعكاس للصمود السوري والشعب السوري وان هناك تراجع عن مواقف ما قبل انعقاد القمة وان هناك إقرار أن المنطقة ما لم يتم التوافق على أسس للحل السياسي تذهب للتصعيد وانه لا يمكن المراهنة على المعارضة المسلحة في سوريا التي تلقت ضربه قاصمة في القصير وان المحور السوري بإمكانه ألقدره على الصمود وان هذا الصمود انعكس بهذا التغير في اللهجة وفي موازين القوى ومكن روسيا أن تعود كقوة كبرى مكافئة للولايات المتحدة عبر سوريا وان سوريا وحلفائها أصبح بمقدورهم من إعادة صياغات التحالف ومن إحداث تغير في موازين القوى وان أمريكا وحلفائها مدركين في خسارتهم بحربهم على سوريا وان المعارضة هي معارضة مصالح شخصيه ليس إلا ، لا شك أن البيان الختامي يعد نكسه للسياسة المصرية والسعودية والقطرية وتركيا ويعد خسارة في مواقفهما وان قوى الرابع عشر من آذار التي تدفع بالصراع في لبنان هي أخرى تلقت صفعه من نتائج البيان الختامي لقمة الثماني وان المراهنة على فرض منطقة حظر جوي أصبحت تصطدم بموقف روسي يدعم توجها سوريا ويتعهد بتقديم احدث ما أنتجته المصانع العسكرية الروسية وأصبح على الجميع أن يقتنع بفشل المشروع التآمري على سوريا وانعكاس ذلك على العديد من الدول التي راهنت على التغير في الموقف الأمريكي الذي تساوق مع الموقف الروسي واقر بالحل السياسي ونبذ العنف والإرهاب وهذا الموقف للدول الثماني هو انعكاس حقيقي للتغير الإقليمي والدولي في موازين القوى الذي أنهى التحكم القطبي الأمريكي وأعاد سياسة التوازن الدولي في حكم العالم مما سيغير الكثير في الموازين التي ستنعكس إيجابا على العديد من القضايا وأولها القضية الفلسطينية التي تعد معضلة الصراع في المنطقة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت