رسائل البحر

بقلم: يحيى الزميلي


كلما قال الإنسان أن شيئا لم يكن ظهرت له الحقيقة المرة أن كل الأشياء كانت وهو لا يدري .. أو أنه كان يعيش سكرات الموت حاضرة بين يدي حياته لا يدري أهو حي أم تاه بين المقابر يبحث عن مستقبل بين جثث المتهالكين على الدنيا ولم يعلموا فيها شيئا ..
في هذه اللحظات الحرجة من حياة اللاوعي .. ينطق البحر
عندما تتعانق الشمس مع جدار الماء الأزرق لتعلن ولادة غروب لليل جديد يحكى حكاوى المساء للذين يعلمون والذين لا يعلمون ..
وعندما تغازل أقدام العشاق والرياضيين والمتأقلمين مع ظروف الياس والحرمان مع رمال البحر ..
وعندما تتراقص جلود البشر فرحا بنظافة مياهه الذي يتكون من ماء وملح أحيانا يكسر مر الحياة من حمضه وينظف بعض القلوب من أحقاد البشر الخفية والأجساد
يأتي الجواب .. أنا البحر ..

جلس أحدهم يتأمل أمواج البحر المتلاطمة كأنها الحياة كل يوم يطوي اليوم الآخر ليعلن للإنسان أنها النهاية أو بداية النهاية .. أو نهاية البداية لكل شئ في حياتنا فلربما تنتهي الموجة بملاطفة الشاطئ او تنتهي بكسرة الصخرة او تنتهي على أبواب قارب .. أو تنتهي على جسد أحدهم يتمتع في مياه البحر يمنة ويسرة وهكذا هيا الأيام .. ربما تنتهي كما تنتهي كل موجة من أمواج البحر ربما تنتهي بخير أو تنتهي بأمل الخير .. أو تنتهي بأسوأ الأحوال .. أو رائحة عطر الخير ... ..

سرى به التأمل طويلا .. حتى ارتطم بجدار العقل كما ترتطم الأمواج بجدار المترادفات فاستنتج أنه البحر ..

هو مخلوق من مخلوقات الله التي لا تعد ولا تحصى في ميزان بين السماء وبين الأرض لربما بالرغم من كبره إلا أنه يضيق علينا أحيانا ويكون مجبورا على أن يقتل أحدنا بداخله عتبا عليه .. لأنه لم يعلم بأن الكبير مهما كبر لا بد وأن يأتي يوما تضيق في عينيه الدنيا .. ويؤذي أقرب الناس إليه .. وكما حصل مع الكثير
إنها رسائل البحر

إنها رسائل البحر الذي يخبئ في أحشائه الكثير من الأسرار من بعضها المجوهرات واللؤلؤ والمرجان والأسفنج والأسماك بأنواعها ..

لكنه في نفس الوقت يصاحبه دوامات تضر وتقتل وتكسر وتجلب المصائب للبشر نعم هو بفضل الله أو بأمر من الله لكن هذا هو الكبير دائما .. بالرغم من إحساسه العميق بالمسئوليات اللا متناهية والحكمة إلا أنه إذا غضب دمر بشراسة لا ترحم إلا من كان قريبا من باب الرحمة .. إنها رسائل البحر

بعض البشر يفكر مليا عندما يريد أن يفعل شيئا معينا لا يريد من أحد أن يشاركه التفكير لكي لا ينغص عليه أمهات أفكاره .. ويجعل من فكرته صنعة لبوس لبعض الأشخاص كل يضع يده في فكرته .. ويستعملها بصدق أو بكذب ..لا لشئ إنما لأنه كالبحر يخبئ سره في داخله .. لا يريد من أحد أن يعرف أن سره قاتل ووضعه مريب

كالبحر يجب ان نكون نأخد لون السماء ونصفو بأخلاقنا ونسمو بعقيدتنا ويكون قلبنا كبيرا به أمواج تأخد الأحقاد بعيدا وتأتي بالخير .. الخير لنا جميعا ..

الكاتب يحيى الزميلي 20-6-2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت