الفُرقة أيدول العرب الدائم

بقلم: محمود شفيق التلولي


الوحدة العربية هي طرح سياسي يراود كثيرين من العرب على اختلاف مشاريعهم السياسية ومعتقداتهم ومذاهبهم.
تقوم الفكرة على أساس دمج بعض أو جميع الأقطار العربية في إطار سياسي واقتصادي واحد يزيل الحدود بين الدول العربية وينشئ دولة قوية اقتصاديًا وبشريًا وعسكريًا.
الوحدة العربية هي فكرة يؤمن بها القوميون العرب كحل لحالة التخلف والاحتلال والقمع التي يعيشها المواطن العربي في جميع أقطار هذا الوطن الممتد من المحيط إلى الخليج.
فكرة توحيد أقطار الوطن العربي قديمة قدم التاريخ، وأول ما حصلت كانت بفعل الإسلام
فقد كانت أعظم خطوة المآخاة بين المهاجرين و الأنصار هذه العملية الاجتماعية التي لم يأتي بها أحد و لن يأتي بها أحد و قد سبق كل النظريات و الأيدلوجيات الحديثة، إنها تذويب لكل أنواع الطبقات و الموانع و الفرقة بين الناس الغني مع الفقير و التاجر مع الخادم و الكبير مع الصغير .
عادت قضية الوحدة العربية إلى الواجهة مجدداً فقد كانت أولها الجمهورية العربية المتحدة التي تضم كل من مصر وسوريا تم توحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة أيضًا ولكن سرعان ما انتهيت هذه الوحدة لعدت أسباب ناهين عن ذكرها ،
ومن بعدها كانت وحدة الجيوش العرب في الحرب التي نشبت بين ما يسمى إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن لإيقاف العدوان الإسرائيلي، وان كانت هذه الجيوش قد هزمت
وبعد كل هذا الفخر الذي كنا نعتز به بوحدتنا بلا فواصل وحدود لا سياسية ولا طبيعية ، فقد قالوا العرب في الوحدة قوة وفي التفرق ضعف ولكن شعوبنا العربية وحكامها فضلوا الضعف على القوة والفرقة على الوحدة ، فأصبحت الوحدة العربية كقشة قمح تحركها رياح المواقف الساذجة كما تشاء ، وقد سردت عليكم سابقاً وحدة العرب تدريجياً ولكن لا اعرف هنا من أين أبدأ لأني أقف خجلاً من هذه الفرقة وهذا الضعف الذي أصاب وطننا العربي ، فقد أصبحت الفرقة هواية يمارسها العرب بداية من الأطماع مثلما الكويت والعراق والتي كانت سببها الحدود وإنتاج النفط والعديد من الأسباب التي لا تذكر و كان عاقبتها العديد من القتلى وانتشار الكراهية بين الشعبين ، ولم تتوقف رياح الفرقة عن العصف فامتدت إلي لبنان ودمرتها من خلال الحرب الأهلية ، وبدأت هذه الرياح تدمر العالم العربي تدريجياً من خلال فرقة الطوائف والأديان فهذا مسيحي والآخر مسلم ، وهذا سني و هذا شيعي وهذا درزي ، وكانت أخر هذه الفرقة هي الانقسام الفلسطيني الذي أودى إلي شلل تام في الحياة السياسية الفلسطينية وانشطار الوطن إلي نصفين ، ولكن هذه الفرقة لها أسباب معروفة ألا وهي الأطماع ، ولكن العرب في وقتنا الحالي يفترقون ويتخاصمون على أشياء ساذجة وكأنهم يأخذون الفرقة كحرفة أو عمل ، يتخاصمون لأجل مباراة كرة قدم أو برنامج تلفزيوني متناسين تلك العروبة السامية التي تجمعهم ، وأولئك الذين يتبادلون الشتائم على الفيديوهات فإن كان الفيديو يخص فنان من بلد معين فسرعان ما يهم البلد المناسب بالشتائم على الفنان هذا وان لم تمتد على بلد الفنان .
يبدو أن الفرقة أصبحت عادة يمارسها أهل العروبة ولا مفر منها إلا لو عدنا ثانية لعهد العظماء ، أو أصبحنا مهاجرين وأنصار العصر الحديث ، أو صحت نخوة العروبة لدى القبائل العربية .

ربما نتماسك ! ! !
هنا أقف متسائلا ؟ ! ؟
لماذا لا نكون اتحاد كالاتحاد الأوروبي مثلاً ، نحطم الحدود التي تمنعنا من السير من بلادي إلي بلادي .
لماذا لا نطبق مبدأ ( بلاد العرب أوطاني ، وكل العرب إخواني ) بدلاً من أن تكون مجرد أنشودة صماء تردد بلا روح .
هل سيبقى هذا التحجر والتعصب والفرقة أشياء أساسية لا يمكن لنا التخلي عنها ، أم أن في يوم من الأيام ستشرق شمس العروبة وتكسر ظلمة دجى فرقة توجع الأفئدة .
( ( ( فلماذا الفرقة الحمقاء تحكمنا ) ) )

محمود شفيق التلولي
22_6_2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت