ها هي البسمة قد ارتسمت على الشفاه، و أبواق السيارات صدحت في مختلف الشوارع وعلى الطرقات كما علت زغاريد الأمهات وانهمرت الدموع من المقل ، ابتهاجا بفوز الفنان محمد عساف بلقب آرب أيدل ،إنها الفرحة التي عمت مختلف مناطق تواجد شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس كما في مناطق 48 بالاظافة إلى مواقع الشتات ومخيمات اللجوء، إنها الفرحة التي طال انتظارها وقد حبس الفلسطينيون لأسابيع طويلة أنفاسهم وهم يتابعون بثقة فارسهم الشاب الذي خرج من بين أزقة المخيمات ورحم المعاناة ليلهب مشاعر ليس الفلسطينيون فحسب بل والعالم العربي بأسره وقد تجلى ذلك في كل حلقة من حلقات برنامج الأرب أيدول حيث لم يخيب عساف ظن مؤيديه وأملهم فيخرج أكثر إبداعا وتألقا من ما سبق ، وشعبنا الوفي لم يبخل أيضا فتطايرت الرسائل تصويتا لها في كل لحظة طيلة الأيام الطوال ، وكما لم يبخل محمد في إبداعه لم يبخل الشعب بالتصويت له ليزيد من فرصة الفوز التي باتت تعتمد على عدد المصوتين ، فجاد شعبنا الكريم رغم حالة الضنك والألم التي يعشيها جراء استمرار العدوان والحصار ،،،،

تألق محمد عساف وفرح الشعب الفلسطيني في كل مكان ولسان حاله يردد ما قاله شاعرنا الكبير محمود درويش أن ،،،على هذه الأرض ما يستحق الحياة ،،، عساف هذا الذي أفرحنا وانهمرت دموعنا فرحا بتألقه جاء مرة أخرى ليس فقط كما قالت عنه لجنة الحكم صاروخا فلسطينيا من طراز إنساني وليس صوتا لا يتكرر إلا كل خمسمائة عام بل جاء ليقول إن الشعب الذي يبدع في ميادين الكفاح والمقاومة يبدع أيضا في ميدان الفن والأدب ولا يتسع المقال هذا لذكر كل المبدعين الفلسطينيين في هذا الميدان بل ويبدع أيضا في التنوير وتطوير الفكر الإنساني جاء عساف ليضيء شمعه في ظلام يصر البعض على إعادة شعبنا للغرق في لجته ،،

عساف جاء ليقول بعد أن حصد أكثر من ستين مليون صوتا أن فلسطين لن تكون إلا دولة حرة مستقلة متنورة مدنية تنتصر فيها البسمة عل الحزن ينتصر فيها المستقبل على الحاضر والماضي تنتصر فيه قيم الإنسانية على التخلف ، وطن يسمو فيه الانفتاح على الانغلاق وطن تسوده المساواة والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، وطن لا يمكن ولا يحق لأحد كان يفض عليه نمط معين من الحياة ،، محمد عساف صدح بصوته عاليا رافعا راية فلسطين بأسراها وشهدائها بأطفالها ونسائها فلبى الشعب النداء وخرج بمئات الآلاف احتفالا بابنه الشاب وبهذا الخروج المليوني يمكن القول أن مليونية عساف أسقطت للأبد كل المراهنات على حبس حرية شعبنا وقهر إرادته وفرض أنماط غريبة عليه تحت حجج ومبررات واهية انه الشعب الذي يعرف كما بدأت صون كرامته وصون عزته وكيف يحتل بجدارة مكانه بين الأمم، عساف قال كلمته ليس فقط كفنان بل كسفير للنوايا الحسنة فكل التحية لمن سمعها واستجاب لمضمونها الإنساني ومن كل قلبي أدعو لمن ما زالت عيونهم عمياء أذانهم صماء بأن يغادروا مربعهم المحزن أو أن يعيشوا فيه منغلقين على أنفسهم وأن لا يخطفوا البسمة من على شفاه أطفالنا و يحبسوا الأمل في قلوبنا.

*عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

24-6-2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت