"محبوب العرب" والراقصون على جراحنا

بقلم: حسام رمضان أحمد


يُعتبر البرنامج التلفزيوني الذي قدمته قناة (MBC) "محبوب العرب" من البرامج الناجحة جداً على مستوى الإعلام العربي المنشغل في كثير من القضايا، وفي مقدمتها قضيتي سوريا ومصر ومن ثَمّ فلسطين.

فالبرنامج الذي خطف أنظار الملايين على مستوى الساحات العربية، وجُذِب له كثير من الشخصيات المؤثرة على مستوى رؤساء دول ورؤساء وزارات وأعضاء برلمان، ومُلئت صفحات شبكات التواصل الاجتماعي بالكثير من التعليقات لابد أن يكون برنامجاً ناجحاً على كثير من الأصعدة وذلك كما يلي:

* الصعيد الإعلامي : حظي البرنامج بأكبر عدد من المشاهدين على مستوى الساحات العربية والدولية، واهتمت به دول إقليمية مثل: (إسرائيل) والولايات المتحدة ومحطات إعلامية عالمية تابعت حلقاته مثل: (BBC) و (CNN) وقناة الجزيرة التي أظهرت خبر الفوز كثاني خبر في نشرتها الإخبارية، وكذلك الساحات العامة في الدول العربية في المنتجعات السياحية والمقاهي والأماكن العامة.

* الصعيد السياسي : نال هذا البرنامج قدراً كبيراً من اهتمام السياسيين مثل مكالمة الرئيس محمود عباس لأحد المُحكّمين وتأييد رئيس وزرائه قبل الاستقالة سلام فياض لأحد المتنافسين واهتمام أحد نواب البرلمان الفلسطيني من القائمة الإسلامية وتأييده للفائز والثناء عليه وما لحق هذا من تعليقات ساخرة أحياناً ومتجاوبة حيناً آخر.

* الصعيد المالي : حظي البرنامج بهالة كبيرة من شركات الاتصالات (حوالي 38 شركة اتصالات) على مستوى مختلف الدول العربية التي كانت تجني الأموال من المشتركين وتتقاسمها مع المحطة من خلال الرسائل القصيرة (حيث حصل الفنان الفلسطيني على أكثر من 60 مليون صوت)، وكذلك من خلال محلات الدعاية للملابس والمجوهرات التي كانت ترتديها إحدى الفنانات في البرنامج حيث جذب البرنامج اهتمام الفقراء الذين مولوا البرنامج من خلال الرسائل القصيرة التي تُعد بمئات الملايين على مستوى الساحات العربية وكذلك الأغنياء الذين مولوا حملات الدعاية والإعلان.

لذلك يجب الإقرار بان البرنامج ناجح بحق وبصدق وذلك إذا ما نظرنا إلى الساحات الإعلامية التي شغلها البرنامج في هذا الوقت بالذات، حيث جاء البرنامج في ظل:-

* الجرائم التي ترتكبها قوات النظام السوري ومن يواليها بحق الشعب السوري الأعزل.

* التحضيرات الخطيرة للانقلاب على نتائج الانتخابات في جمهورية مصر العربية.

* الذكرى (45) لاحتلال المسجد الأقصى المبارك وعمليات التهويد المستمرة حوله وهدمه وإقامة الهيكل المزعوم.

ولا يتوقف النظر إلى البرنامج من هذه الزاوية فقط، بل لابد من النظر إليه من زاوية أخرى وهي زاوية غياب الإنجاز السياسي الذي يتشوق له الشعب الفلسطيني الذي يطمح إلى تحقيق أي انتصار في أي ميدان من ميادين الحياة.

فالتفاف الجماهير الفلسطينية خلف المقاومة الفلسطينية في حرب حجارة السجيل كان بحق يستحق التقدير والاحترام وكذلك التفاف الجماهير الفلسطينية حول إنجاز مقعد فلسطين في الأمم المتحدة يستحق الاحترام والتقدير، ولكن الاهتمام الجماهيري الواسع لشعبٍ يرزح تحت الحصار والاحتلال ببرنامج تلفزيوني وفنان فلسطيني يستحق منا الاهتمام كون الأمر حظي باهتمام شريحة كبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني، ولذلك يمكن النظر إليه من زاويتين:

1. العاطفة الوطنية المباشرة التي لم تدخر جهداً في التعاطف مع الفنان الشاب والذي عبرت عنه سيدة فلسطينية مسنة لقناة الجزيرة قائلةً (فرحانة لان إحنا غلابة، مش بس بدنا ننتصر في الغنا، بدنا ننتصر في القدس إن شاء الله) تتشوق للانتصار على اليهود في الأقصى وليس فقط في الغناء، فالعاطفة الشعبية عُمقها الأقصى وفلسطين وهذا مجرد فرحة عابرة.

2. أولويات الجيل الفلسطيني الذي يجمع الكثيرين على أنه جيل النصر والتحرير والعودة يجب إعادة ترتيب أولوياته بما يوافق الهدف الذي تسعى إليه حركة التحرر الفلسطينية.

مشاعر أبناء شعبنا مهما كانت تستحق منا كل اهتمام وتقدير وتعتبر مؤشر هام لكل المهتمين بحاضر ومستقبل هذا الشعب.


بقلم/ حسام رمضان أحمد

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت