حمد والقرضاوي ومصيرهما المحتوم

بقلم: ماجد هديب


ما أن بدأت معالم الثورة في تونس تتضح وتتوسع لتصبح فكرة قابلة للتطبيق للخلاص من الأنظمة العربية حتى كتبت مقالا في حينه تحت عنوان "الأنظمة العربية بين رياح من صنعتها وغضب من استعبدتها ", حيث كان ذلك المقال بمثابة دراسة تحليليه للواقع العربي وما سيئول إليه في ظل ما أطلقوا عليه في حينه الربيع العربي أوضحت فيه بأن ما يحدث في تونس من ثورة جماهيرية وما سيتبعها من ثورات ستمتد إلى باقي الدول العربية هي في مضمونها ثورات لجماهير غاضبة ضد أنظمة حكم ديكتاتورية سرعان ما ستنحرف عن أهدافها بفعل ما ستتعرض له من اختطاف منظم بفعل رياح تغيير قوى استعمارية ستتحرك وفق ما يخدم أهدافها في السيطرة والاستغلال بمساندة من أدواتهم التي صنعوها وأمدوها بعوامل تستطيع من خلالها توجيه تلك الرياح بما يحقق ما هدفوا إليه تماما كما خططوا له عام 1908 في مؤتمر كامبل ومهدوا عوامل تغيير الخارطة العربية والإسلامية برياح الدين والعروبة.
لقد حقق مؤتمر كامبل أهدافه بتقسيم الممتلكات العثمانية بعد أن اوجد أعضاءه من الدول الاستعمارية في حينه العوامل المساندة لتحقيق تلك الأهداف, حيث كان إيجاد الشريف حسين بن علي ومن ثم ظهوره السياسي كزعيم للعرب احد أهم أعمدة تلك العوامل وخاصة بعد التغرير بالعلامة المفتي رشيد رضا وبجانبه الإمام عبدالرحمن الكواكبي ونجاح الحسين بن علي في انتزاع مبايعة هؤلاء له كسليل للأسرة الهاشمية واعتباره بمثابة المنقذ والمخلص للعرب وحمايتهم من الاندثار في ظل ما أطلقوا عليه في حينه إجراءات التتريك.
الإعلام العربي كان أحد أهم العوامل المساندة ايضا في خدمة الأهداف الاستعمارية فقد كانت الصحف العربية تعمل لصالح الحسين بن علي وسياسته التهويدية في إطار تحالفه مع المخططات الاستعمارية حيث لاقت بعض الصحف العربية في ذلك الحين رواجا وأوجدت تأثيرا بفعل تمويل الوكالة اليهودية لإثارة النزعة التحررية والمطالبة عبر تلك الصحف بالحرية والمساواة لتحريك الجماهير بدعوى التخلص من نير الاحتلال التركي وهي في حقيقتها شعارات الماسونية وما المطالبة بها إلا تطبيقا لما جاء في بروتوكولات حكماء صهيون لاختراق الدولة العثمانية وتقسيمها باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان تحفيزا للعرب والى جانبهم بعض الأقليات للانخراط بثورة الحسين بن علي التي جاءت تحقيقا لما خططت له تلك القوى من تفتيت وتجزئة.
وكما اوجد الاستعمار تلك العوامل المساندة وهي الدين والعروبة والإعلام لتحقيق أهدافهم عام 1916 ,فان المصالح الاستعمارية الجديدة اقتضت إيجاد نفس تلك العوامل مع الاختلاف في بعض المسميات والشعارات , وما الفتاوى التي يطلقها العلامة القرضاوي بين الحين والآخر في ظل حماية الأمير القطري, وما نراه على فضائية الجزيرة من برامج منظمة إلا بمثابة العوامل المساندة لرياح التغيير على المنطقة العربية عام 2010 لتقسيمها وإضعافها باسم دعم الأقليات وأحقية الجماهير بالديمقراطية وحماية الإنسان,حيث يرى المتتبع للأحداث بأن قطر وما امتلكته من أدوات محركة إعلامية ودينية المتمثلة بالجزيرة والقرضاوى هي مجرد أدوات تحرك اتجاهات الجماهير الغاضبة لتتوافق مع الرياح التي أطلقتها القوى الاستعمارية وبما يضمن بان نتائج تلك الرياح تخدم ما خطت تلك القوى الاستعمارية فالعلامة القرضاوي هو بمثابة رشيد رضا وهو ذلك الشيخ العلامة الذي استمد منه الشيخ حسن البنا فكرة التنظيم العالمي لجماعة الأخوان المسلمين والذي كان من أهم أعمدة الركن الديني الذي اعتمدت عليه قوى الاستعمار من حيث لا يدري للإطاحة بالدولة العثمانية من اجل إضعافها وتقسيم ممتلكاتها وصولا إلى السيطرة عليها واحتلالها بالكامل ,حيث كان رشيد رضا قد أفتى بعد تردد بوجوب مقاتلة الدولة العثمانية بجانب الانجليز, وما يقوم به القرضاوي الآن ما هو إلا استكمال لما قام به رشيد رضا وان كان رشيد رضا قد تراجع فيما بعد عن دوره بعد أن أفتى بمقاتلة الانجليز وقوى الاستعمار تصحيحا لفتواه الأولى بيد أن القرضاوي لن يتراجع عن ذلك قبل استكمال دوره المطلوب وخاصة أنهم يمهدون له الآن بأن يصبح مفتيا للأزهر تمهيدا لإطلاق الرصاصة الأولى في حرب ما بين السنة والشيعة وما يتبع ذلك من خلاف مسلح ما بين تيارات السنة نفسها المتمثلة في الوسطية والأصالة والمعاصرة لإضعاف الدول العربية وتقسيم المقسم مع تجزيء المجزئ.
قناة الجزيرة الفضائية والتي بينت خطورة برامجها وما تسعى لتحقيقه من تخريب وتدمير لمقدرات الأمة وذلك قبل أن تبدأ ثورات الربيع العربي عبر مقال سابق طالبت فيه العاملين فيها من إعلاميين ومراسلين بضرورة إسقاط زيف ما تدعيه تلك القناة من سياسة الحياد تلعب الآن نفس الدور الذي كانت تقوم به الصحف العربية والتي ظهرت عام 1912بتمويل من الانجليز والوكالة اليهودية تحقيقا لما جاء في بروتوكولات حكماء صهيون"بروتوكول الإعلام" الذي عمل على إثارة النزعة التحررية وإثارة الأقليات إلا أن الجزيرة ستنتهي حتما في ظل الصحوة العربية والإعلام العروبي المضاد لها في ظل ارتفاع وتيرة الثقافة واستيعاب العرب لما جلبته الجزيرة من خلق رأي عام يخدم مخططات الغرب وليس نقلا لما يحدث وستختفي كما اختفت صحف عربية كانت مواليه للاستعمار ومموله منه ومن الوكالة اليهودية.
الأمير حمد سينتهي حتما كما انتهت حياة الشريف الحسين بن علي الذي قام الانجليز بنفيه إلى جزيرة قبرص بعد انتهاءه من أداء ما كان مطلوبا منه وفقا للمخطط الاستعماري في ذلك الحين وذلك بعد أن مهد الانجليز لمن يخلفه عوامل إجلاسهما على عروش صنعوها لهم استكمالا لدور والدهما ومن بين ذلك أيضا تدبير السفارة البريطانية في شرق الأردن زواج الأمير طلال من زين الشرف لإنجاب ولي للعهد بما يضمن تربيته على خدمة الأهداف الاستعمارية .
لن نقول للأمير القطري وداعا لأنه سينفق بعد وضعه تحت الإقامة الجبرية دون أن يشعر به احد كما نفق من قبله الحسين بن علي ولم يجد أبنائه من معزين إلا بن غويون وشرتوك ولكنا نقول له كما صنعوك واعدوك لمرحلة فإنهم صنعوا غيرك لإتمام مرحلة وأخرى وسيذهب القرضاوي وينتهي كما انتهى رشيد رضا والصحف العربية ,لكن رشيد رضا الذي أنصفه التاريخ بعد أن تراجع عن فتواه وأفتى بوجوب مقاتلة الانجليز لن ينصف القرضاوي لأنه لم يتبقى في عمر القرضاوي بقدر ما ذهب منه حتى نأمل بالتراجع عن فتاويه ,ولن نقول له سامحك اله ,بل ليتولى أمرك الله فمصيرك معلوم وهو ايضا محتوم.
كاتب وباحث فلسطيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت