إسرائيل تتحسر على نجاد
فيما رحبت معظم دول العالم- بما فيها الولايات المتحدة، والدول العربية والخليجية- وترحيب دولي وأممي- بفوز السيد "حسن روحاني" برئاسة إيران، فإن شعوراً بالتفاؤل يسود أروقة البيت الأبيض، مما يفسح المجال أمام مصالحة إيرانية مع العالم، مقابل تشكيك إسرائيلي بوصف روحاني بالرجل المعتدل، بل أن إسرائيل بقيت على موقفها من إيران، وتطالب الأسرة الدولية أن لا تنشغل بالأمنيات، لأن المرشد والزعيم الروحي لإيران يبقى "آية الله علي خامنئي"، هو الآمر والناهي حسب المفاهيم الإسرائيلية في السياسة النووية الإيرانية، ويطالب "نتنياهو" بأن لا يقع الغرب في فخ "روحاني" ويعيش بالأوهام، بل مواصلة الضغوط على إيران حتى بعد انتخاب "روحاني"، ففي اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي قال "نتنياهو": كلما ازدادت الضغوط الممارسة على طهران، ستزداد الاحتمالات لوقف مشروعها النووي، الذي ما زال يشكل أكبر تهديد للسلام في العالم، حسب "نتنياهو"، الذي يتجاهل هو والعالم النووي الإسرائيلي، فإسرائيل تتحسر على "أحمدي نجاد"، الذي شكلت سياسته ومواقفه أهم أبواقها الإعلامية، خلال السنوات الثمانية الماضية من حكمه، فرحيل "نجاد" عن سدة الحكم-حسب ما جاء في عدد من التحليلات حسب جريدة "هآرتس16-6-2013"، حيث أشار عدد من المحللين الإسرائيليين، بأن الرئيس "نجاد"، خدم إسرائيل بشكل أو بآخر، من خلال تصريحاته النارية، وتهديداته المتواصلة والتلويح المستمر بتدمير إسرائيل ومحوها عن الخارطة، هذه التصريحات التي وظفت في حملات الدعاية الإسرائيلية ضد إيران، فإسرائيل التي ما زالت تشن الحملات ضد إيران، ستجد صعوبة في تجنيد ودعم دولي ضد إيران في أعقاب انتخاب الرئيس الإيراني الجديد الذي يحرم إسرائيل من فزاعة تلوح بها، وفقدان ورقة رابحة اسمها "أحمدي نجاد".
في مؤتمره الصحفي الأول، ذكر "روحاني" لأول مرة إسرائيل باسمها، وليس بالكيان الصهيوني مما أحدث ارتياحاً في إسرائيل، فـ "روحاني" يعترف بأن العقوبات التي فرضت على إيران كانت صعبة وسيحاول مواجهتها، وأن إسرائيل الوحيدة-حسب "روحاني"- التي تحقق المكاسب من وراء هذه العقوبات، فـ "روحاني" الذي يعتزم استئناف العلاقات مع دول العالم، يطالب الولايات المتحدة الاعتراف بحقوق إيران المشروعة التي يجب أن تسبق أي حوار، وأن هناك فرصة سانحة للتعاون مع دول العالم، وفقاً لأقوال "روحاني".
غير أن "نتنياهو" وغيره من المسؤولين الإسرائيليين، يقترح على الدول الغربية، وعلى نفسه، عدم الوقوع بالأماني بعد انتخاب "روحاني"، لأن المرجعية الإيرانية، وملف المشروع النووي يبقى بيد المرشد العام "خامنئي"، فحكومة "نتنياهو" أبرزت التهديدات الإيرانية، وأخفت فرص التغيير، مع أن وزير الخارجية الروسي "لافروف" قال بأن إيران وافقت على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وأنه لأول مرة منذ سنوات، هناك مؤشرات إيجابية لحلحلة ملف البرنامج النووي الإيراني، "هآرتس 19-6-2013".
إن الموقف الإسرائيلي من إيران بقي على حاله، في محاولة للمزيد من الابتزاز، فوزير الجيش الإسرائيلي "موشيه يعالون"، أعلن صراحة بأن موقف إسرائيل من النووي الإيراني لم يتغير، بل أن المشروع النووي الإيراني يتقدم إلى الأمام- حسب "يعالون"- ويصر بأن إيران ستواصل مشروعها النووي، فجريدة "يديعوت احرونوت 16-6-2013"، كرست صفحتها الأولى- إضافة إلى (11) صفحة داخلية- عن الانتخابات الإيرانية، وجاء في هذه التغطية الواسعة، أن "نجاد" خلف وراءه أرضاً محروقة، أما الخبير الإسرائيلي في الشؤون الإيرانية "مناشيه أمير"، وهو من أصل إيراني، فقد اعتبر أنه لا تغيير في السياسة الإيرانية، إذ أن الرئيس الجديد حسب رأيه، ينفذ سياسة الزعيم الروحي "خامنئي"، إذا كان الأمر يتعلق بالسياسة الداخلية، أو الخارجية والنووية، وحسب جريدة "هآرتس 18-6-2013 فإن انتخاب "روحاني" يؤجل الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران إلى عام 2014، ورئيس حزب إسرائيل بيتنا، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست "افيغدور ليبرمان"، يعتبر أن الرئيس الإيراني الجديد ليس معتدلاً ولا بطيخ، كما يصوره العالم، وإنما هو أكثر ذكاءً، ويتمتع بذكاء كبير في مواقفه، والنائب "تساحي هنغبي" يعتبر انتخاب الإيرانيين لـ "روحاني" هو احتجاج ضد سياسة "نجاد"، مما يثبت نجاعة العقوبات، ووزارة الخارجية الإسرائيلية اعتبرت أن الحكم على إيران سيكون استناداً لأفعالها في المجال النووي، كما في مجال "الإرهاب"، واللواء احتياط "ميكي سيغل"، رئيس قسم إيران السابق في شعبة الاستخبارات، والباحث بالشؤون الإيرانية حالياً، قال بأن قرار تطوير السلاح النووي يبقى بأيدي المرشد العام، وليس بأيدي أية جهة أخرى، ورئيس مركز "عيزري" لأبحاث إيران في جامعة حيفا "د. سولي شهيار"، يقول: إيران هي نفس إيران منذ عام 1979 وحتى اليوم، والدعوة للتفاوض يجب أن لا يبتلعه الغرب.
أما في إيران، فقد ساد الارتياح نتيجة فوز الإصلاحي "روحاني"، ورحيل "نجاد"، إذ أن إيران أخذت تعاني من أزمات اقتصادية وحياتية في مرحلة "نجاد"، فبرقيات التهاني انهالت على الرئيس الجديد من دول العالم، وحتى من دول الخليج التي تتوقع تحسن العلاقات بينها وبين إيران، فالرئيس "روحاني" -"روحاني" بالفارسية تعني رجل دين- في الـ (64) من عمره، أحدث مفاجآت بفوزه من الدورة الأولى للانتخابات، بحصوله على 50.68% من الأصوات، ويكرس هذا الفوز عودة المعتدلين والإصلاحيين إلى الحكم، بعد ثماني سنوات عجاف، فالاحتفالات عمت إيران بفوز "روحاني" الذي اعتبر فوزه بالعهد الجديد، للخروج من العزلة والعقوبات الدولية، فدعوة روحاني لسياسة أكثر مرونة، وجدت ترحيباً من الدول الغربية، ومن روسيا على حد سواء، ويبدو أن إيران في طريقها إلى التغيير، بينما بقيت إسرائيل في نفس مواقفها من إيران، وتبقى السياسة الإسرائيلية دون تغيير، لا بالشأن الإيراني، ولا الفلسطيني.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت