هل صار المطرب محمد عساف شخصية فلسطينية أكثر أهمية من شخصية السيد محمود عباس؟ وهل توافق على ترشيح المطرب محمد عساف رئيساً للشعب الفلسطيني؟
أقترح على أصحاب المواقع الإخبارية الفلسطينية أن تجري استطلاعاً للرأي، وأن تطرح على قرائها السؤالين السابقين، وأن تنشر النتائج التي ستؤكد بشكل مطلق أن المطرب محمد عساف قد صار رقم واحد لكل الفلسطينيين، وصار أكثر أهمية من كل السياسيين، وتحول حديثه إلى مادة النقاش في كل المجالس، بل وصار الشخصية التي يتمسح في أطراف ثوبه كبار المسئولين، ويتبارك بابتسامته الأثرياء، ويرقص على ترددات صوته المنتشون الحالمون.
ظاهرة المطرب محمد عساف يجب أن تستوقف جميع المهتمين والباحثين والدارسين في كافة مواقعهم القيادية والوظيفية، فما الذي جرى للناس؟ ماذا حل بعقولهم؟ هل هذا التدافع لتكحيل العين برؤية محمد عساف ظاهرة صحية أم مرضية؟ وما الذي مس مشاعر الشباب حتى صار صوت المغني ملتقي الأماني؟ هل هذا تشوه فكري، أم جاء منسجماً مع الحالة السياسية الفلسطينية الممزقة؟ وهل هذا التوحد حول تألق محمد عساف جاء ليعبر عن جوع الناس لشخصية الرمز، وافتقادهم للقائد الحق القادر على أن يكون قدوتهم؟ أم أن ما يجري من لهاث على أنفاس محمد عساف الموسيقية كان نتاج غياب الوعي السياسي، أم حاصل ضرب عدم الثقة بالمسار السياسي، فصار ارتماء الشباب في أحضان الصحوة الفنية، والتمرغ في تراب الموسيقى أهم من النوم عشرين عاماً في أحضان المفاوضات العبثية.
إن تزاحم الناس على معبر رفح بهذا الكم الهائل؛ الذي وصل إلى حد محاصرة سيارة المطرب محمد عساف، ورفعها عن الأرض من شدة الحب، ومن ثم قذفها بالحجارة من شدة الغضب، هذا التزاحم الشبابي يمثل أكبر إهانة لوزير خارجية أمريكا العظمى جون كيري، الذي يزور المنطقة، ويحمل في جعبته خطة استئناف المفاوضات، ولا يجد فلسطيني واحد يسأل عنه، أو يهتم بزيارته ما عدا الدكتور صائب عريقات ومحمود عباس ونمر حماد، وياسر عبد ربه، وبعض المؤيدين، أما عموم الشعب الفلسطيني فقد استغنى عن أخبار المفاوضات، وتغنى بالمطرب المحبوب محمد عساف؟
إن الذي جرى على معبر رفح وفي مدينة خان يونس وفي الفندق الذي يقيم فيه محمد عساف، ليفرض على جميع القوى السياسية والفكرية والثقافية والاجتماعية الفاعلة داخل المجتمع الفلسطيني بأن تراجع حساباتها، وأن تساءل نفسها، وهي تقف أمام مسئوليتها عن مستقبل هذا الكم الهائل من الشباب؟ وعن أوجه تفجير طاقته في عمل منتج.
لقد قرع محمد عساف بانتصاره النفي الأجراس، وعلى الجميع أن يراجعوا حساباتهم، وأن يتنبهوا للمتغيرات السياسية والحياتية والاجتماعية والنفسية التي رافقت الظاهرة الفنية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت