عساف ... والوجه الاخر لفلسطين

بقلم: محمد ابو سمره

بسم الله الرحمن الرحيم

رغم موقفي الفني ، والعقلي ، والنقدي ، والاعلامي / السياسي ، والاجتماعي ، والأخلاقي من عشرات البرامج الفنية التي تتسابق القنوات العربية ، وخصوصا mbc ومثيلاتها من القنوات الخليجية النفطية والعربية ، التي تسخر كل شيئ وتستثمر مشاعر العرب ومواهبهم الفذة الصادقة من أجل تحقيق أعلى نسبة من الأرباح ، حتى لو كانت على حساب مشاعر الفلسطينيين والعرب ، ومعاناتهم ومشاكلهم وقضاياهم وظروفهم المعقدة ، ورغم معرفتي المسبقة ( كمتخصص ومتابع وأكاديمي ) بالأهداف الحقيقية من وراء انتاج هكذا برامج تستنزف مئات ملايين الدولارات من جيوب فقراء الفلسطينيين والعرب ، ومن الشركات والمؤسسات المعلنة والراعية والمشاركة ، وتبديد هذه المحطة التجارية بامتياز لهذه الأرباح من الملايين على رفاهية وبهرجة ونزوات مالكيها ، والطواقم الانتاجية والفنية العاملة فيها ، وتوفير اعلى مستوى من الرفاهية للجنة الحكام في برنامج ( آراب أيدول / محبوب العرب ) والفنانين المشاركين في العديد من حلقاته ، حيث أن وكالات الأخبار الفنية كانت تتسابق لتكشف عقب كل حلقة من حلقات البرنامج مثالا : ان ثمن احد فساتين السهرة للفنانة أحلام لايقل عن مليون دولار !! ، وحليها التي كانت تلبسها لاتقل قيمتها عن ( ثلاثمائة الف دولار ) وأحيانا تزيد قيمتها عن ذلك بكثير، وأحلام بدورها لم تكن لتتردد في القول ـ دون أدنى مراعاة لمشاعر مئات ملايين المطحونين والفقراء من الفلسطينيين والعرب ـ انها تأتي الى بيروت من الدوحة أو دبي تستقل ( طائرتها الخاصة ) ، وكذلك الحال كانت الوكالات الفنية تلهث وراء التفاصيل الشبيهة بذلك لتكشف ثمن فستان أية فنانة اخرى شاركت في حلقات البرنامج ، ولتعلن ثمن بدلة راغب علامة ، وغيرذلك من التفاصيل الشبيهة ، والتي تصيب الانسان الفلسطيني والعربي المطحون بالكآبة لسنوات عديدة ، ورغم العديد من الملاحظات النقدية والفنية حول البرنامج ، واسلوب انتاجه ، وطريقة ادارة حلقاته ، وكواليس عمله وانتاجه ، إلا أنني مضطر كغيري من الفلسطينيين والعرب ، أن أعيش مع لحظة اعلان فوز الفنان الفلسطيني الصادق الرائع محمد عساف بجدارة تامة بلقب ( محبوب العرب ) بتجرد تام ، وأشارك ابناء شعبنا الفلسطيني الفرح الفلسطيني / الانساني ، دون النظر لأية خلفيات أخرى ، فأنت يا عساف أيها الجميل ، يا بن المخيم ، ايها الفقير المهجر اللاجئ المشرد ، أيها الفتى الطيب الخلوق المؤدب ، ايها المناضل / الوطني / الثوري / المبدع / المتألق ، النابض قلبك بحب وعشق فلسطين وشعبها العظيم وقضيتها العادلة..ايها الفنان الرائع ... أفرحتنا أيها الفتى الجميل ، وجعلتنا نحلق معك وبك نحو الحلم الأكثر جمالا ، فمن حقنا كبقية شعوب الأرض ،أن نعيش حياتنا الإنسانية بكل معانيها وشموليتها ، و أن تكون لنا دولة ، وعلم ، ووطن ، ومطار ، وميناء ، ومعابر مفتوحة على مدار الساعة ، وحرية واستقلال ، وعودة لكل اللاجئين والمهجرين والمشتتين ... افرحتنا وأمتعتنا أيها المكافح الصابر المجتهد ، و صنعت لنا فرحا فلسطينيا عظيما امتد الى شتى بقاع الأرض بصوتك الذهبي ، النادر ، الثائر ، الرصين ، العذب ، الجميل ، الهادئ ، الوديع ، الحنون ، العاشق ، المحب ، المشتعل ، الباكي / المبكي ، الحزين / المحزن ، الموجع ، المفرح ...
وبأغانيك الرائعة ، بموواليك التي نكأت جروحنا ، واشعلت غيرتنا على فلسطين ومن أجلها ...
أفرحتنا ياعاشق ومعشوق الوطن المسلوب ، أيها الباحث معنا عن حلم الحياة الأجمل على ثرى فلسطين المقدسة والمباركة ..
أفرحتنا ، وأبكيتنا حزنا وفرحا ، حزنا على أنفسنا اذ عريتنا أمام انفسنا كيف تفككنا وانقسمنا وتشتتنا ، وانت الذي وحدتنا بكلماتك وأغانيك النارية الثورية ، وأبكيتنا فرحا ، إذ أننا لم نعرف الفرح الحقيقي منذ سنوات طوال .. طوال .. فجئت أيها الفتى الجميل بلسما لجروحنا وعذاباتنا ، ايها الطيب / البسيط / المتواضع ، ياصاحب الكوفية العالية ، ياصوت الجبل والبيدر والنهر وانعكاسات صفحة القمر ، وياصاحب أعذب ، وأروع ، وأرق ، وأجمل وأوجع ...( الآهـــــــــــــــــات ...) ..... لك من غزة وحيفا وعكا والناصرة ، من نابلس والقدس وجنين والخليل ورفح ورام الله وقلقيلية وطولكرم وخانيونس ، ومن مخيمات لبنان والأردن الصامدة الفقيرة، ومخيمات سوريا النازفة ، ومن كل الفلسطينيين في شتاتهم على امتداد العالم ، وكل المدن العربية العاشقة لفلسطين ، وكل الجاليات العربية التي غنت معك حبا وعشقا وفرحا لفلسطين ، وبفلسطين وابنها المبدع ، لك منهم جميعا ستمائة مليون تحية واعجاب وفرح ......
لقد أخرجت الفلسطينيين في كافة مدنهم ومخيماتهم داخل الوطن وخارجه ، وكافة اماكن شتاتهم ومنافيهم وتواجدهم ، ومعهم الكثير.. الكثير من العرب والمسلمين والأحرار المؤيدين لفلسطين وقضيتها العظيمة وشعبها الأصيل ، ليرسموا لك وبك فرحا فلسطينيا أسطوريا ، لم يعرفوه من قبل الا مرات محدودة جدا في تاريخهم الحديث والمعاصر، وكأنهم ياعساف خرجوا ليقولوا لك :
لقد أعليت كوفية الزعيم الخالد ياسر عرفات ، كوفية الختيار ، وكوفية الشعب الفلسطيني ، الكوفية رمز الختيار ، ورمز الفدائي الفلسطيني الأول ، ورمز الفلاح والأسير والشهيد والمقاتل والشاعر والفنان وكافة الشرائح الفلسطينية ، إنها كوفية ياسر عرفات ، كوفية شعب الجبارين ،كوفية فلسطين الجغرافيا/ التاريخ / التراث / الوجود / الكيان/ الذات الفلسطينية / التضحيات التاريخية/ العطاء والصمود / القضية الأكثر عدالة ومظلومية في العالم ......
أخرجت شعب الجبارين من قمقم الحزن والآسى والإنقسام المؤسف المؤلم اللعين ، وحدت الفلسطينيين من رفح حتى راس الناقورة ، أنسيتنا أيها الفتى الرقيق المبدع أحزاننا وهمومنا وأوجاعنا لبعض الوقت ـ نعم لبعذ الوقت فقط !!! ـ فخرجت فلسطين / كل فلسطين من بحرها حتى نهرها ، ومن شمالها حتى جنوبها عن بكرة ابيها تزفك عريسا ، وفارسا ، وخرجت المخيمات الفقيرة المعدمة في الوطن والشتات ، تبحث عن لحظة فرح في ثنايا كلماتك واغانيك وابتساماتك ..... خرجت تبحث عن الحلم المفقود بالحرية والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية ،خرجت تبحث عن ( المخلِص ) لها!! ، تقول لكل الساسة الفلسطينيين ،والفصائل والتنظيمات والتيارات والتجمعات والتوجهات ، وكافة الأطر والقيادات وحكومتي رام الله وغزة :
نحن مع الوحدة الوطنية الفلسطينية ، والمصالحة ولم الشمل الفلسطيني ، وتوحيد الجغرافيا بين بقايا ... بقايا ... بقايا الوطن المسلوب الممزق بالمستوطنات والاحتلال العنصري البغيض ،وانهاء الانقسام الأسود....
كان هذا العرس الفلسطيني الكرنفالي العفوي تعبيرا عن العشق الفلسطيني للأمل والحياة والمستقبل ....
ولقد كنت واحد من الذين شاهدوا ـ من داخل فلسطين ، وتحديدا من مدينتي المعشوقة غزة ـ كيف وقفت فلسطين كلها موحدة خلف عساف ( الفارس / الحلم .. !! ) .... بحثا عن الحياة الأكثر جمالا ... وعن الأمل ، والفرح ، والإنتصار ، والاستقلال الذي لابد وأن يأتي باذن الله .. ومن حسن حظي أنني كنت في مدينتي المعشوقة غزة ، غزة الصمود والصبر والتحدي ، غزة الآبية الصابرة ، غزة الشجاعة والتضحية ، غزة المقاومة والثورة وبرميل البارود ، غزة الشهداء والعزة والكرامة والانتصار ، غزة ـ ولا اقصد المدينة غزة فقط ، انما قطاع غزة من رفح حتى بيت حانون ـ والتي أعطت لفلسطين والقضية الفلسطينية مالم تعطه غيرها ... وكان المشهد الذي رأيته في غزة والقطاع ، مشهدا يفوق الوصف ، وقد انتشر على امتداد قطاع غزة من بيت حانون حتى رفح ، كان مشهدا عفويا ، تلقائيا ، انسانيا ، وطنيا ، ثوريا لايصدق ، وكالعادة كانت غزة العظيمة ، وعروس وعاصمة القطاع تخرج عن بكرة ابيها وتسهر حتى الصباح ، في مواكب سيَارة تجوب شوارعها ، وإمتلأت شوارعها ، وخصوصا الشارع الرئيس فيها شارع عمر المختار والشوارع المحيطة به ، او الموصلة اليه او المتفرعة منه ، بالأفراد من كل الأعمار، وبالسيارات والموتوسيكلات والتوكتوك والدراجات الهوائية ، وحتى عربات الكارو ... امتلأت الشوارع بامواج من البشر خرجوا للتعبير عن فرحهم وسعادتهم وانتصارهم بفوز عساف بلقب ( محبوب العرب ) .. .... لقد تمكن عساف بفنه الأصيل والصادق من تحقيق ماعجز عن تحقيقه السياسيون الفلسطينيون ، والفصائل ، والوسطاء العرب والمسلمين بين الفصائل ، لقد وحد الفلسطينيين خلف فنه الجميل ، وصوته الرائع ، وكلمات أغانيه الوطنية المنتقاة ، واعتبر الفلسطينيون في فلسطين وشتى بقاع الأرض ، ان هذه ( المعركة الفنية الاعلامية والسياسية بامتياز !!) فرصتهم للتعبير عن كيانيتهم ووجودهم ورمزية قضيتهم ، وكذلك كان حال المحبين لفلسطين ، والداعمين لقضيتها العادلة ولشعبها المظلوم ، ومن هنا جاء الفرق الهائل في حجم الأصوات التي منحت لعساف والتي بلغت قرابة 68مليون صوت ، مقابل المتنافس المصري أحمد جمال الذي حصد 32مليون صوت ، والمتنافسة السورية فرح والتي حصدت قرابة 18مليون صوت .. بينما بلغ العدد الاجمال للصوات التي منحت لعساف طيلة حلقات البرنامج تربو على ( ستمائة مليون صوت !! ) وبالطبع فلقد دفع فقراء فلسطين والعرب والمسلمين والمحبين لفلسطين ثمن هذا التصويت من جيبوهم الخاوية ، والبعض ارسل رسالة التصويت على حساب طعام أطفاله ، من اجل فلسطين وحبا وعشقا فيها ، ومن اجل الفن الاصيل الصادق والصوت الرائع لعساف ، وما جعل هذا الحجم المهول من التصويت لعساف الفلسطيني أنه غنى لفلسطين وثورتها ، وانتفاضتها ووحدة شعبها ، ورموزها التاريخية الوطنية ، وكوفيتها ، ومسرى النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان هذا الفارق الهائل في التصويت لصالح عساف حبا في فلسطين ، وإعجابا بصوته واداءه هو الأجمل والأكثر روعة على الإطلاق عن بقية الأصوات الأخرى جميعا ... .زوكان التصويت هو حقا للصوت الأكثر جمالا وللأداء الأكثر روعة ، وللأبداع الغير مسبوق ، مما جعل الفنانة المصرية تقول له : ( ان صوتك لا يتكرر الا مرة كل خمسين سنة ) ، وأما الموزع والأستاذ الموسيقي حسن الشافعي فقد قال له في الحلقة الأخيرة: ( عساف لقد قالت لك شيرين أن صوتك لا يتكررالا مرة كل خمسين سنة ، وأنا اقول لك إن صوتك لايتكرر الا مرة كل 500سنة ) ، وتابع الفلسطينيون والعرب ، كم كان حجم الاشادة طيلة حلقات البرنامج من لجنة الحكام الأربعة ، ومن ضيوف البرنامج الفنانيين المشاركين فيه ، ومن مقدمي البرنامج ، ومن النقاد والاعلاميين وكبار الفنانيين المتابعين للبرنامج .
وشهدت الحلقة الأخيرة من برنامج ( محبوب العرب ) لاكتشاف ودعم المواهب الفنية العربية توترا وأعصابا مشدودة للغاية ، للجماهير الفلسطينية والعربية ، وهي تنتظر وتترقب النهاية الدراماتيكية للبرنامج الفني الذي ملأ ( بعضا ) من فراغ الفلسطينيين والأمة العربية ، رغم الانكسار والتمزق والتشتت والدمار والخراب الذي تنام وتصحو عليه ، وكأن الجمهور الفلسطيني الحزين والعربي المقهور ، قد وجد ضالته المفقودة في الفرح بعد مواسم ومسلسلات المذابح ، والأحزان ، والآلام ، والفشل والخيبات والانكسارات والهزائم المتلاحقة، خصوصا أن الحلقات الأخيرة لامست عواطف الجمهور المقهور بالأغاني الوطنية والتراثية ،و هذا بالتأكيد لا يلغي أهمية وصدق وروعة المواهب التي بلغت النهائي.. وحصد الفنان الفلسطيني المتألق الواعد عن جدارة تامة محمد عساف بجدارة لقب «محبوب العرب» ، وفور إعلان اسمه بالفوز باللقب ، شاهد العالم أجمع الشعب الفلسطيني الحزين / المظلوم / المقهور / المذبوح منذ أكثر من مائة عام / المقهور / المشرد / المنهك / الممزق / المشتت / يخرج بمسيرات قدّرت أعدادها بمئات الآلاف ، وتحوّل الشاب الطيب / البسيط / المؤدب / الخلوق / المبدع / المتألق / اللاجئ / الفقير / المتواضع / ابن المخيم / الفنان المبدع المعطاء المثابر الملئ بالإصرار والتحدي والعنفوان ، إلى رمز وطني / عدا عن كونه رمز فني وثقافي وابداعي ، لدى الشعب الفلسطيني المسكون بالهموم حتى النخاع ، الشعب المتعطش للشعور بلذّة الفوز والانتصار، مقابل الهموم والنكسات والأحزان ، والمآسي والمذابح والحروب والمعاناة والتضحيات التي لاحقته. وعساف نال اللقب بجدارة بعدما أثبت حضوره القوي وأسلوبه المتميز والمتألق في الأداء، وهذا النجاح الجماهيري المميز الذي حقّقه وفوزه بلقب«أراب آيدول 2»، هو الذي جعل الرئيس الفلسطيني محمود عباس يكرمه ويمنحه في نفس لحظة فوزة بلقب محبوب العرب ، لقب ومرتبة «سفير فلسطين للنوايا الحسنة » بمميزات ديبلوماسية استثنائية، تقديراً لفنه، باعتباره "فخر لفلسطين والأمة العربية" على حد تعبير الرئيس أبو مازن ، حتى يستطيع هذا الفنان الشاب الواعد ، وخريج كلية الاعلام والعلاقات العامة أن يكشف للعالم حجم الظلم الواقع على شعبه العظيم من الكيان الصهيوني المغتصب لأرضه وحقوقه ومقدساته ، رغم أن الكيان الصهيوني استغل المناسبة كما هي العادة، وغرّد المتحدث بإسم جيش العدو للإعلام العربي ( الأفعى ) أفيخاي أدرعي على تويتر قائلاً: «مبروك عساف على الفوز! نتمنّى أن تسمح «حماس» لأهالي القطاع بالفرح بدلاً من قمعه». وكذلك، غرّد الناطق باسم حكومة الاحتلال ( الثعبان ) أوفر جندلمان: «فرحة الجمهور الفلسطيني بفوز عساف دليل على انتصار حبّ الحياة العادية على ثقافة الموت الإرهابية». ..
والحقيقة لم يكن مفاجئا أبدا ، أن تسمح حماس التي تحكم قطاع غزة لجماهير قطاع غزة أن تحتفل بفوز عساف بالطريقة التي تحبها، وخرجت المسيرات الليلية فور اعلان نتائج التصويت ولم تتوقف الا ساعات الفجر الأولى ، وكذلك سمحت حكومة حماس باقامة حفل استقبال أسطوري لعساف على مداخل معبر رفح جنوب القطاع ، وأمام منزل محمد عساف في مخيم خانيونس، بل إن المفاجأة أن عساف نفسه لم يكن يتوقع هذا الحجم الهائل من الاستقبال الجماهيري له ، مما جعله غير قادر على مغادرة معبر رفح لساعات ، ومما جعله غير قادر على الوصول الى منزله في مخيم خانيونس ، ماجعله يضطر بالتنسيق مع اللجنة المنظمة لمراسم استقباله ، ان ينتقل للاقامة لليليتين في فندق المشتل الواقع على شاطئ بحر مدينة غزة ، ولم يتمكن من المجئ الى مخيم خانيونس ومنزل عائلته الا مساء الأربعاء ، ومن ثم التوجه يوم الخميس الى معبر رفح لمغادرة القطاع نحو مصر ومنها الى دبي ، حيث ستكون اقامته المؤقته فيها لبدء برامجه الفنيه ، ومشواره الفني الطويل ، الذي اكد انه سوف يسخره لصاح قضيته الفلسطينية ، ولتجسيد معاناة شعبه ، ولن ينس أبدا أنه اللاجئ الفلسطيني ابن مخيم خانيونس للاجئين الفلسطينيين ... وان كان لابد من ملاحظة في ختام هذا المقال ، فهي للفنان محمد عساف وللجنة المشرفة على تنظيم عملية استقبال الجماهير الفلسطينية على ابواب معبر رفح وامام منزله في مخيم خانيونس : إن هذه الجماهير الصادقة التي منحتك في الحلقة الأخيرة من البرنامج الفني ثمانية ملايين صوت على حساب خبز عيالهم وقوت أطفالهم ، كانوا يستحقون منهم أن تخرج اليهم تبادلهم حبا بحب ، وحنانا بحنان ، وتعبر لهم عن امتنانك وتقديرك ومحبتك لهم ، لقد مكث بعض الشبان منذ ليلة فوزك أمام منزلك ، وامام معبر رفح بانتظار عودتك الى غزة ليحملوك على أكتافهم ، وفوق رؤوسهم ، لقد أخطأت كثيرا .. كثيرا عندما لم تفرح هؤلاء المساكين الصادقين ولو بالتلويح لهم بيديك سواء أمام المعبر ، او امام بيتك ، والخطأ ليس خطاك بالدرجة الأولى ، انما هو خطأ من تقدم ليفرض نفسه كلجنة لتنظيم استقبالك ، دون أن يكون هناك أي تخطيط مدروس ودون أي ترتيب ، مما جعل الاستقبال والحشد الجماهيري أمام المعبر ، وامام منزلك حالة من الفوضى ، وكان بالامكان تشكيل لجنة وطنية تدير وترتب عملية الاستقبال والاحتفاء الجماهيري بك ، بدلا من ان تجعلك هذه اللجنة الخائبة تخيب ظن من سهر الليالي في قطاع غزة من اجل ان يحشدوا لك الأصوات ليس فقط من داخل فلسطين ، بل أيضا من داخلها ، محمد عساف الناس في غزة تنتظر منك الاعتذار ، وتنتظر منك أن تعبر لها بشكل واضح عن محبتك لها وتقديرك لكل ما بذلوه لاجلك ، وعليك أن تدرك انه بقدر ما جعلك صوتك الجميل تجتاز الصعوبات الفنية ، فأنت لم تصل الى لقبك الا بمحبة أبناء شعبك لك . والا فاللقب الذي حصلت عليه لن تكون له أية قيمة لو خسرت محبة واحترام شعبك ...
الناس مازالت تنتظرك ايها الفتى الطيب ...

د.محمد أبوسمره
مؤرخ وخبير استراتيجي
رئيس مركز القدس للدراسات والاعلام والنشر ( القدس نيوز )
غزة / فلسطين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت