محكوم مدى الحياة..السجون تخطف زهرة شباب الأسير الشاعر

خان يونس – وكالة قدس نت للأنباء
بين ليلةٍ وضحاها أصبح الشاب الفلسطيني صلاح محمود الشاعر(41 عامًا) من سكان منطقة البلد وسط محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، من شابٍ يلهو ويلعب بالشوارع ويعيش كباقي أقرانه، إلىى شابٍ مطارد للاحتلال، بعدما ثأر للجرائم التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني، بقتله ضابط إسرائيلي بمنطقة المواصي غرب المحافظة.

ورغم صغر سن "صلاح" الذي كان لا يتعدى الـ 20 عامًا وقتها، إلا أنه تمتع بجرأة وذكاء شكل منه شاب صنديد عنيد، جعل الاحتلال الإسرائيلي في حيرة من أمره، لكن قدره جاء، بصبيحة 13 يوليو عام 1993، بعد مداهمة منزل كان يختبئ به في المحافظة، ليقع في قبضتهم.

لينقل بعد ذلك إلى جهةٍ مجهولة وتختفي أخباره لنحو أربعة شهور، إلى أن أبلغت عائلته عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بوجوده داخل أحد السجون الإسرائيلية، وحاولت العائلة التواصل معه لكن الاحتلال رفض منحهم معلومات كافية عنه، إلى أن عرض على إحدى المحاكم وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.

ولم يكتفي الاحتلال باعتقاله فحسب، بل عذبه نفسيًا وجسديًا عبر وضعه بالعزل الانفرادي لفترات طويلة، ووضعه داخل زنزانةٍ صغيرة تفتقد لأدنى مقومات الحياة، ولا يوجد بها بصيص ضوء، إلى أن إستقر به الحال بسجن نفحة الصحراوي.

وسمح بعد عناء طويل لوالديه المُسنين فقط بالزيارة كل حوالي "خمسة عشر" يومًا، وأحيانًا كل شهر كما هو مُعلن بكشف زيارات أهالي أسرى القطاع، لكن تلك الزيارات تعرقلت مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وتوقفت في أعقاب أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط يونيو 2006.

واكتوت عائلة الأسير "الشاعر" بنيران الشوق لعدم رؤيته على مدار أكثر من "ستة أعوام"، سوى سماع صوته عبر الهاتف المحمول، بين الفينة والأخرى وبصعوبة بالغة، مما جعلها تعيش معاناة أخرى مذاقها مؤلم خاصة على الوالدين، اللذان يرقبان يوميًا قدوم لحظة الفرح بصفقةٍ مشرفة مع الاحتلال.

وعادت تلك الزيارة لتُستأنف في أعقاب صفقة تبادل الأسرى "وفاء الأحرار" والإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الأسير لدى فصائل المقاومة شاليط عام 2011، ومن ضمن بنود الصفقة السماح لعوائل الأسرى بزيارة أبنائها خاصة أسرى القطاع، لكن عاودت إدارة ومنعت الزيارة، وخاض الأسرى إضراب "الكرامة" قبل نحو عام، وعلقوا الإضراب مقابل شروط أهمها السماح للأهالي بزيارة أبنائهم.

ويعيش الأسير "الشاعر" حياة ملؤها المعاناة والألم، لكنه يقف متحديًا لتلك المعاناة والحرمان من رؤية الأهل وحقوق الأسير التي كفلتها المواثيق والأعراف الدولية، بصموده وكبريائه وتحمله للأذى من قبل إدارة السجون، والسجن الإنفرادي أحيانًا، والاعتداءات الجسدية.

وأصر "الشاعر" أن يخلق من نفسه شابًا مبدعًا يصنع مستقبله المجهول بيده، ورغم يقينه بأنه لن يخرج من تلك السجون مدى الحياة، إلا أنه كابد ليكسر ذلك الحكم بإرادته على تعلم اللغة العبرية، ومحاولته الالتحاق بالدراسة بالجامعة العبرية، لكن إدارة السجون الإسرائيلية رفضت أن يتعلم.

ومع رفض الإدارة له بالتعلم وإكمال مشواره الدراسي، خلق لنفسه جامعة مصغرة داخل غرفة الاعتقال، فبعدما تعلم اللغة العبرية قرأة وكتابة ومحادثة بإتقان وجدارة، أصبح يعلمها لغيره من زملائه بالأسر، فضلاً عن إعطائهم دروس يومية عن الصبر وتحمل المحن وتهيئة كل من يدخل السجن حديثًا على أجوائه – كما قال زملائه المحررين_.