الصحفيين الفلسطينيين بين المهنية والسياسة

بقلم: رمزي صادق شاهين


لا شك أن السنوات القليلة الماضية شهدت انتكاسة حقيقية بما يتعلق بحرية الصحافة والتعبير عن الرأي ، خاصة مع تغلغل الإنقسام الفلسطيني ليصل كافة الجوانب الحياتية لشعبنا ، فإلى جانب الإنقسام السياسي ، كان الإنقسام الإعلامي ملازماً له ، فأصبح الإعلام منقسم بين مؤيد ومعارض ، إضافة إلى استخدامه كاداه للتحريض والقذف وتصفيه الحسابات ، فكان من السهل أن يتعرض للمضايقات والاعتداءات وغيرها من الممارسات اليومية من قبل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
لم يتعرض الإعلام فقط للمضايقات ، بل مُنعت الصحف اليومية من الإصدار في الضفة الغربية ، ومُنعت الصحف الفلسطينية الرئيسية من دخول قطاع غزة في إطار الفعل وردة الفعل ، كما تم إغلاق عشرات المكاتب الصحفية والوكالات الرسمية المرخصة من وزارة الإعلام ، وتم وقف بث الإذاعات المحلية وملاحقة بعض الصحفيين والعاملين في المواقع الإعلامية الإخبارية .
وبرغم كُل الحديث عن حرية الإعلام وخطابات السياسيين بأن الإعلام هو السلطة الرابعة التي يتوجب علينا احترامها ، إلا أن الممارسات على الأرض تتنافى مع الخطاب المُعلن ، فكم من الصحفيين تم استدعاءه لمقرات الأمن في الضفة الغربية ، وكم من الصحفيين والإعلاميين تم اعتقاله لدى أجهزة الأمن في غزة ، وكم تم الاعتداء جسدياً على صحفيين وصحفيات أثناء تغطية أحداث وطنية أو شعبية ، وكم من الإعلاميين والصحفيين مُنعوا من تغطية لقاءات ومؤتمرات بحجة أنهم غير معتمدين لدى الإعلام الحكومي في غزة .
إن الصحفيين الفلسطينيين لهم فضل كبير على قضيتنا الوطنية ، فكم من الصحفيين سقط شهيداً وهو يغطي العدوان الإسرائيلي تلو العدوان .. فمن الانتفاضة الشعبية عام 1987م ، إلى انتفاضة الأقصى ، إلى حرب عام 2008م ، وصولاً إلى الحرب الأخيرة على غزة عام 2012م ، والتي كانت حرب استهداف للصحفي الفلسطيني الذي ينقل جرائم الاحتلال ضد أطفالنا وشعبنا الآمن الأعزل .
لقد كنا ولازلنا نطالب تجنب الصحفيين والإعلاميين من مثل هذه الاعتداءات لكونهم يعملون بشكل مهني مستقل ويُغطون أحداث حقيقة لها علاقة بالمواطن ، وهم ينقلون معاناة شعبنا جراء هذا الاحتلال والعدوان والحصار ، وكذلك ينقلون الواقع الذي يعيشه المواطن الفلسطيني ، والصحفي ليس طرف في المعادلة بل هو وسيلة يتم من خلالها نقل الآراء وتوصيل الرسائل بشكل متجرد وغير منحاز .
إن الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين هم جنود ميدانيين وفرسان الصورة والكلمة ... كانوا ولازالوا عنوان للتضحية والعطاء ، فهم من نقل الصورة المباشرة لمعاناة شعبنا للعالم ، وهم من نقل الكلمة والخبر لكي يعرف العالم بأننا أمام احتلال إسرائيلي غاشم قتل الأطفال والشيوخ والنساء ، واقتلع الأشجار وهدم البيوت .. احتلال يحاصر شعب يُريد الحياة بكرامة واستقرار وأمن في ظل دولة كباقي شعوب الأرض.
علينا أن نسعى دائماً ونناضل في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية الرسمية ، أو مؤسساتنا الوطنية وفصائل العمل الوطني والإسلامي ، لأن نعطي الصحفيين والإعلاميين حقهم في حرية التنقل ، والحصول على المعلومة التي تفيدهم في عملهم ، وباعتقادي أن الواجب الوطني على الصحفيين أن يكونوا أمناء على نقل الصورة الحقيقية دون أي تحيز أو تزييف للحقائق ، وأن يضعوا مصلحة شعبنا الوطنية ومصلحة قضيتنا الفلسطينية فوق كُل الإعتبارات الوظيفية والمادية .
&&&&&&&&
إعلامي وكاتب صحفي – غزة

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت