غزة – وكالة قدس نت للأنباء
قد يتهيأ لك بأن فن الرسم داخل الزجاج أمراً هين، لكن الأمر ليس على هذا النحو ، فرسم داخل الزجاج باستخدام حفنة من الرمال فن يحتاج إلى مهارات عدة أقلها الصبر والتركيز والتحكم بالأعصاب وإجادة الرسم واستخدام الألوان .
والعجيب في فن الرسم داخل الزجاج هو القدرة العالية على تحويل قوارير زجاجية فارغة إلى لوحات فنية غاية في الجمال والإبداع ، فالطفلان الشقيقان (علي ومحمد) أبو أسليمان ، واللذان لا تتجاوز أعمارهم الثالثة عشر عاماً ، اتقنا هذه الحرفة بشكل جيد .
ويقضي الشقيقان من سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ساعات طويلة أثناء ممارستهما هذا الفن ، حيث يشغلان وقتهم أثناء العطلة المدرسية بهذا الفن الذي تعلماه من أباهم الذي يجيده هو الآخر بجانب الفن التشكيلي ويعمل في مجال الطب النبوي.
ويوضح الطفل (علي ) ذو البشرة الحنطية، كيف استطاع ان يحول احدى الزجاجات إلى منظر طبيعي صحراوي حيث رسم بالرمل داخل الزجاجة جمل يسير بالصحراء يعلوه نحو السماء الطيور ، وغروب الشمس بلونها المحمر .
ويقول لمراسل "وكالة قدس نت للأنباء" ان أول خطوة هي صبغ الرمل بالألوان ، ثم يستخدم مادة لاصقة ويخلط بها جزء من الرمل ومن خلال عود رفيع مسنن الرأس يبدأ بأخذ جزء من الرمل ورسمه داخل الزجاجة ، وما ينتهي يقوم بسكب باقي الرمل داخل قارورة الزجاج بواسطة محقان بشكل أفقي ومتساوي في جميع جوانب القارورة .
ويضيف يتم تكديس وضغط الرمل بشكل محكم وذلك لمنع تخريب المنظر المرسوم بالرمل عند التحريك المفاجئ ثم يقوم بإغلاق القارورة من الأعلى لمنع تسريب الرمل للخارج .
اما شقيقه (محمد) فقد ادخل على رسوماته داخل الزجاج بعض الكلمات التي تعبر عن القضية الفلسطينية ، وتشير إلى معاناة الأسرى داخل السجون ، وان القدس ستبقي عربية وعاصمة فلسطين .
شاهد "فيديو".. الشقيقان خلال استضافتهم في برنامج "كلام جديد" الذي يقدمه الزميل سائد السويركي عبر قناة "هنا القدس"
ويقول والد الشقيقان انه بعد جهد كبير خاضه طوال عامين ، نجح بان ينقل هذا الفن لطفلاه ، لافتاً ان بداية إكسابهم المهارة لم يكن بالشيء اليسير ولكن مع الإصرار والمثابرة نجح وهو فخور بهما ويشجعهما على مواصلة هذا الفن وتطويره .
ويضيف ان الغرض من وراء هذا الفن ليس الكسب المادي بل هي واهية اكتسبها وتعلمها خلال إقامته في جمهورية مصر العربية قبل ان يأتي ويستقر في قطاع غزة .
ولفت أن طفلاه قد سبق وان شاركا في معارض فنية بغزة منها معرض "الشروق" الذي اقيم لإحياء ذكري النكبة الفلسطينية، وفعالية أقيمت مؤخراً في مركز القطان المختص بشؤون الأطفال حيث هدف من خلالها المركز بتعليم واطلاع الأطفال بغزة على هذا الفن.
ويعتبر هذا الفن من الفنون القديمة جدا في العالم, وأول من عرفه "الأنباط" بعد اكتشافهم الساعة الرملية ، والذين سكنوا الأردن وكانت عاصمتهم مدينة البتراء ، ثم تدرج هذا الفن إلى باقي البلدان بالعالم ، ويستخدم في هذا الفن نوع مخصص من الرمال يسمى الرمل الأبيض.
تقرير/ طارق الزعنون
عدسة/ محمود عيسى