مصر .. الفخ والدم !!

بقلم: علاء الدين حمدى شوَّالى


ـ رغم عدائى القديم الثابت لفكر جماعة الإخوان السياسى وطريقتها فى الأداء وتوقعى من البداية أن كرسى الرئاسة سيكون هو بداية النهاية للتنظيم، ورغم خروجى للميدان شأنى شأن أغلب المصريين، بل وتأسيس العبد لله لحملة "مؤيد" لجمع توقيعات التأييد للقوات المسلحة فى قراراتها التى أعلنها الفريق أول السيسى يوم 3 يوليو 2013 .
رغم ذلك كله، فلا يمكننى قبول سفك كل تلك الدماء المصرية، ولا بعضها، ،مام دار الحرس الجمهورى أو فى أى مكان، حتى لو كانت دماء فئة معتدية باغية لا تفهم الا لغة القتل والدم.
ـ فالجيش، أبو المصريين وقدس أقداسهم، امتنع عن المنع كما تابعنا، لم يتعامل مع المعلومات التى من الطبيعى أنها وردت اليه مسبقا فلم يستعد، لم تخرج طائرات "الأفراح" لتلقى ولو بمياه على الأسطح التى اعتلاها بعض المتحمسين لإلقاء المخلفات كما رأينا، إن كان لهؤلاء تأثير بالفعل، لم تتدخل جحافل الأمن المركزى بعصيها بكثافة من خلف المتظاهرين المغرر بهم لمحاصرتهم وتفريقهم بدلا من الرصاص الحى، لم تحكم السيطرة الأمنية على المنطقة ومداخلها قبل المجزرة، رغم تجربة الأمن السابقة الناجحة فى صد محاولات اقتحام وزارة الداخلية دون كل هذا الإسراف فى القتل.
ـ أتصور أن ذلك كله كان كفيلا بمنع تفاقم الأزمة وسفك الدماء، خاصة وأغلب المشاهد تصور القاء مجرد حجارة او مخلفات من على الأسطح، صحيح كان هناك إجرام ونيران استشهد، بإذن الله، على أثرها الضابط الشاب ومجند الأمن وأصيب غيرهم، ولكن ذلك لا يعنى ان القتلى الـ 42 كانوا يحملون السلاح، ولا يبيح أبداً استخدام كل تلك القوة المفرطة غير المتكافئة فى مواجهة المحتجين، ببساطة لأن الجيش، ولأنه الجيش، له أدوات أخرى كفيلة بالمنع وتحجيم الفئة الباغية قبل الوصول الى مرحلة الردع التى سينجح، بالتأكيد، اذا لم تكن ضمن خياراته الأولية أمام أبناء الوطن اصلاً، وببساطة أخرى لأن المحتجين لو أرادو المواجهة المنظمة لأخرجت قياداتهم السلاح المتكافىء مما لم يظهر فى الضبطيات المعروضة، والجيش والأمن يعلم جيداً أنهم يمتلكونه ولديهم المتدربون على استخدامه، ولزاد عدد الضحايا عن ذلك كثيرا، ولكنه الإستدراج للفخ.
ـ للأسف، حسب تصورى البسيط، فقد أديرت الأزمة من البداية بنوع من التساهل غير المتوقع، أو بحسابات التوازن اللعينة، فقد توقعنا أن يبدأ الإنتشار الأمنى الملموس القوى المرهب وإحكام السيطرة على الأرض قبل اعلان السيسى عن مهلة الـ 48 ساعة، بل من بداية الأحداث الدموية الجمعة 28 يونيو، وليس اعتبارا من اليوم بعد كل هذه الدماء المسفوكة على مدار 10 أيام، أعنى تأمين المواطنين ونقاط التمركز وليس فقط تأمين المنشآت الحيوية، خاصة وحتى البسطاء كان على يقين أن الإخوان وحلفائهم داخل وخارج البلاد، والمرتزقة المقيمين داخلها أو المجلوبين إليها، لن يفرطوا فى الأمر ولن يستسلموا بسهولة، بل ربما لن يستسلموا أبدا، فالجعبة مليئة وربما يسعى بعضها لنقل نسخة من أحداث سيناء داخل كل مكان فى مصر ، خاصة مرسى مطروح !!!!
ـ حسابات التوازن القبيحة التى سمحت فتركت مرشد الجماعة، بكل دمويته، يتحرك بحرية الى منصة رابعة العدوية لإطلاق شرارة بدء القتل فيسقط عشرات الضحايا من الفريقين، ثم يعود الى مكمنه آمناً مطمئناً تحت سمع وبصر عشرات الأجهزة الأمنية والرقابية حرا طليقاً يعمل وينفث سمومه حتى الآن مخرجاً لنا لسانه !! سواء هو أو كل الوجوه القبيحة دعاة الفتنة الذين تولوا التغرير والتحريض على القتل من جماعته وحوارييها ومنافقيها !!!!!!
ـ للأسف، لقد استدرج الجيش، شيئا ما، الى فخ المواجهة التى سعت اليها الفئة المتشددة للتشهير به وتشويهه أمام العالم، نتيجة حسابات البعض التوازنية اللعينة القبيحة القميئة المليئة بالألغاز !!! إضافة الى عدم الخبرة وانعدام المستشارين وافتقار مصر لتنظيمات حزبية سياسية حقيقية كان عليها الإتفاق لشغل الفراغ المرتقب قبل البدء، بحيث تظهر آليات الدولة المؤقتة وحكومتها الجديدة متزامنة مع إعلان ولاية الرئيس المؤقت، بدلا من حالة التخبط السائدة المضعفة للحركة برمتها، وما سيليها من فوضى نتوقعها نحن البسطاء ونرى علاماتها فى الأفق واضحة، وأتمنى ألا تكون غائبة عن ذهن أصحاب القرار أو عن رؤيتهم كما لمسنا من قبل، مما يقودنا جميعه الى بوابة النفق المظلم.
ـ فقط، بنى وطنى، حافظوا على وحدتكم وتكاتفكم، ولا تلقوا أسماعكم الى أولئك الأغبياء الذين تصدروا الفضائيات يؤيدون ويبررون قتل المصريين بحجة انهم تعرضوا لوحدات عسكرية فيسيئون بذلك لقواتكم المسلحة التى هى أكبر وأكبر وأكبر كثيراً من ذلك، وكلنا على يقين انها لن تستدرج الى داخل الفخ، وستتدارك الموقف بعد ظهور نتائج التحقيق الذى أتمنى أن يكون محايداً، فذلكم السبيل.
ضمير مستتر !
يقول تعالى { وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }الإسراء33
علاء الدين حمدى
كاتب وباحث سياسى مصرى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت