طبيعي أن تثير صورة الرئيس المصري المخلوع والمعزول محمد مرسي الملونة ، التي علقت على واجهات المسجد الأقصى المبارك عند صلاة الجمعة الرمضانية الأولى في القدس الشريف ، السخط والغضب والاستياء والاستنكار في الشارع الفلسطيني . فمن العار تعليق مثل هذه الصورة، في هذا المكان المقدس، لشخصية لفظها شعبها وأطاح بها وغيره من شخصيات سياسية . وان دلت هذه الحادثة المبتذلة على شيء، فتدل على قمة الوقاحة والانحطاط والسقوط والرذيلة ، وهي تمس بمكانة وهيبة هذا المعلم الديني والوطني والتاريخي ، الذي يعتبر ثالث الحرمين ، وقلب فلسطين النابض، وقبلة انظار المسلمين والعرب ، ومسجد كل الموحدين في انحاء المعمورة ، الذي لم يسيس يوماً منذ فجر التاريخ .
ان هذا العمل المستفز ، البعيد عن اصول وقيم الاسلام الحنيف ، يفضح ويكشف كل العورات والأقنعة المزيفة ، ويفضح نوايا وأهداف المتاجرين بالدين وارتباطهم بالمشروع الاستعماري التآمري الرامي الى تجزئة وتخريب الأوطان العربية ، وهو محاولة بائسة لاقحام الأقصى في التجاذبات والمناكفات السياسية وتوريط شعبنا الفلسطيني في آتون الصراعات المصرية الداخلية ، وتأجيج نيران الفتنة بين الشعبين المصري والفلسطيني .ولا شك ان المستفيد الوحيد من وراء ذلك هو الاحتلال العنصري البغيض ، الذي طالما سخّر وجنّد كل أدواته وأذرعه لتهويد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم .
يخطئ الذين وضعوا صورة مرسي على واجهة الأقصى ، ان كانوا من نشطاء الحركة الاسلامية في الداخل أو سواهم ، بأنهم يقلبون المعادلة أمام الشعب المصري ، الذي ثار وانتفض وخرج بالملايين الى الشوارع والميادين مطالباً بسقوط الفرعون مرسي وحكم الاخوان المسلمين ، ويدقون الأسافين بين الشعبين الفلسطيني والمصري من خلال التحزب والتخندق من وراء من يعتقدون انهم ورثة اللـه على الأرض ، فهم واهمون ومخطئون . فقد عبرّت قيادات شعبنا وفصائله المختلفة عن موقفها بخصوص ما يجري في مصر وغيرها من الأقطار العربية بوضوح تام ، وقالتها بملء الفم والبنط العريض بأنها ضد التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول العربية الشقيقة .
اننا نرفض استخدام أي من المقدسات الاسلامية والعربية لخدمة مصالح سياسية وفئوية ضيقة ، ونقف ضد كل الممارسات ذات الطابع السياسي الانعزالي ، التي تجري تحت غطاء الدين واللعب بالمشاعر الدينية . وانطلاقاً من ذلك ندين بشدة تعليق صورة مرسي في الأقصى ونعتبرها خطوة استفزازية جبانة لسرقة القدس وتزوير التاريخ وتشويه الحقيقة وزرع الفتنة ، وندعو الجميع للوقوف والتصدي لأجلاف التشرذم الطائفي والمذهبي والقبائلي والعشائري ، من متأسلمين وقرضاويين وسلفيين وارهابيين . وسيظل الأقصى للعبادة والصلاة ، وليس ميداناً للنقاشات والسجالات والصراعات السياسية .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت