أمريكيا تسعى لإطالة أمد الصراع في مصر

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي


المراقب للموقف الأمريكي تجاه الصراع في مصر ، يشعر بتذبذب سياستها وبشكل مرسوم ، فناره نجدها تقف مع الإخوان ، وبل ورشحت أخبار تدل على دعمهم لوجستيا لتحقيق مآرب خاصة ، ونرى البعض يصوب تحليله أنها تدعم التيارات الليبرالية والعسكر ..
هذا الموقف ليس غريبا على أمريكيا ، فالمتتبع لسياستها الخارجية يجد أنها تقوم على مصالحها الإستراتيجية ، والعمل خلق موازين قوى ، تتماهى مع سياستها المعتمدة على إطالة أمد الصراع في المناطق الساخنة والقريبة لحليفتها إسرائيل لإيجاد ميزان قوى تكون الغلبة فيه لإسرائيل ..
لذلك نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت في إعادة التفكير في اتجاهات العلاقات مع مصر خلال الفترة المقبلة، وخاصة بعد انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما لولاية رئاسية ثانية، ليس في إطار إحداث تغيير جذري في هذه العلاقات، وإنما في سياق مراجعة الأسس التي قامت عليها منذ وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر، وما إذا كانت تصلح للفترة المقبلة أم لا، وخاصة في ضوء التطورات التي شهدنها مصر في الفترة الأخيرة، والتي تتمثل في استمرار أحداث العنف، وتعقد الأزمة السياسية بين الإخوان والتيارات المناهضة لهم ..
وانطلاقا من هذه الرؤى رسمت واشنطن سياسية تقوم على :

- الاحتفاظ بعلاقات قوية مع مصر، كدولة، بصرف النظر عن طبيعة النخبة الحاكمة ، مع إدارة صراع خفي تنظر لمن الغلبة لتتحالف معه حسب سياستها الخارجية
- العمل على رسم تحالف مع اى حكومة طالما هي قادرة على إدارة الأوضاع في مصر دون تخطي "الخطوط الحمراء" بالنسبة لواشنطن، والمتمثلة :
(عدم الإضرار بأمن إسرائيل.)

تأسيسا لهذه المواقف تبنت واشنطن سياسة برجماتية في التعامل مع الإخوان المسلمين، حيث قرر اوباما الدخول بلعبة سياسية جديدة مع الإخوان المسلمين تهدف إلى إبرازهم وإظهارهم للسطح ، من خلال الاستعانة بمسئولين على دراية بهم وبسياستهم ، وهو ما انعكس في قيام الرئيس أوباما،، بتعيين عدد من المسلمين الأمريكيين المرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين في مناصب دبلوماسية بوزارة الخارجية الأمريكية.

هذا من جانب ومن جانب آخر تأكيد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على أن تصريحات الرئيس المصري محمد مرسي لم يقصد بها إهانة اليهود، خلال جلسة استجواب بالكونجرس في 24 يناير الفائت، يمثل مؤشرًا مهما لهذا الحرص الأمريكي على العلاقات المخطط لها مع إخوان مصر.

وأمام هذه التخرصات الأمريكية نجد الاتى :

1- وجود حالة من "عدم الثقة" في العملية السياسية التي تجري في مصر، وهو ما يمكن الاستدلال عليه بمؤشرين:
أولهما، اهتمام واشنطن بالأزمة السياسية الحالية التي تشهدها مصر، وهو ما انعكس في الحديث المليء بالتناقض للرئيس الأمريكي أوباما، في خطاب ، عن أن بلاده "تقف مع المواطنين الذين يطالبون بحقوقهم، وسندعم انتقالا مستمرًّا للديمقراطية"، مضيفًا: "إننا لا نستطيع الافتراض بأننا سنقوم بإملاء مسار التغيير في دولة مثل مصر".

وثانيهما، عدم إدراج القاهرة في جدول زيارة أوباما للشرق الأوسط الأخيرة ، وهو ما يعد، وفقًا لمصادر في البيت الأبيض، رسالة واضحة بأن واشنطن غير راضية عن سياسات الرئيس مرسي، وأن أوباما لن يقدم له دعمًا دبلوماسيًّا من خلال اللقاء به قبل إجراء الانتخابات البرلمانية وهو ما أشارت إليه السفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون، في 10 فبراير الجاري، بقولها إن "صندوق الانتخابات ليس كل شيء"، وإن على جماعة الإخوان في مصر باعتبارها الجماعة الحاكمة "أن تقدم للناس رؤية عن كيف سيكافئ المستقبل تضحيات الحاضر".


2- ترويج الإعلام الصيوامريكى أن هناك عدم وضوح في الموقف من إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بخطاب مرسي وجماعة الإخوان تجاه تل أبيب، وادعائهم أن موقف المؤسسة العسكرية، المصرية أكثر وضوحا ، حيث زعم إعلامهم ان مرسي لم يشر في أي من خطاباته إلى إسرائيل، على عكس المؤسسة العسكرية التي أكدت في أكثر من مناسبة التزامها بمعاهدة السلام، ومحاربة الإرهاب في سيناء، وهو ما عبر عنه الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع ،
رغم أن مرسي أيضا أكد في أكثر من سياق التزاماته بالاتفاقيات السابقة الموقعة مع الحكومات المصرية

وخلاصة القول إن التنبؤ بمسارات تعامل الإدارة الأمريكية مع الأزمة التي تشهدها مصر، يبدو الهدف منه واضح لنا كمراقبين ، بسبب التخبط وغياب الرؤية الاستراتيجي الواضحة لهذه الإدارة،

واعتمادها على نهج ماضي بات مكشوف حتى للعامة ..

والمطلوب من الإخوة في مصر إدراك هذا الموقف الامريكى ، الساعي لإطالة أمد الصراع من اجل إنهاك مصر واقتصادها وجر الجيش إلى دوامات تعمل على إنهاك قواه لتكون إسرائيل قادرة على فرض معادلتها وسياستها في المنطقة .

المطلوب من التيارات السياسية والدينية أن ينزل زعمائهم من برجهم العاجي لان مستقبل مصر كدولة عميقة في حضارتها ، لا يقف عند مصالح حزبية ضيقة ، فالأخطار التى تواجهها ، وحجم المؤامرات عليها بات كبيرا

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت