تقليص عمل الأنفاق يكشف الوجه الحقيقي للحصار المفروض على القطاع

رفح – وكالة قدس نت للأنباء
يعانى قطاع غزة من أزمةٍ حادة بمعظم السلع التجارية والمواد الاساسية خاصة الوقود ومواد البناء جراء تقلص عمل الأنفاق المنتشرة أسفل الشريط الحدودي بين قطاع غزة والأراضي المصرية، وإغلاق بعضها من قبل قوات الجيش المصري.

ويكشف ذلك التقليص بعمل معظم الأنفاق وإغلاق عدد كبير منها، الوجه الحقيقي للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع مُنذ نحو سبع سنوات، وبمجرد عودة العمل جزئيًا بعدد من الأنفاق مطلع الأسبوع المنصرم بعد إغلاق استمر لأكثر من عشرة أيام، بدأت تنفرج أزمة الوقود ومواد البناء والسلع الأخرى.

ومنحت الأنفاق على مدار ستة أعوامٍ من عمرها الحياة لأكثر من مليون و700 ألف نسمة يعيشون داخل بقعةٍ جغرافية لا تتعدى الـ 360 كم2 وهي قطاع غزة، بعد فرض إسرائيل لحصارٍ محكم على تلك البقعة، ومنع دخول معظم السلع اللازمة، مما أدى لتوقف عجلة الحياة، لتعود بعد حفر الأنفاق ودخول السلع عبرها.

مراحل عصيبة ..
ومرت تلك الأنفاق بفتراتٍ وصفها ملاك الأنفاق بالذهبية، عندما نجحت بإدخال معظم مستلزمات الحياة المفقودة من الأسواق المحلية، وأوت عشرات الأسر الفقيرة، وفتحت لهم مصدر رزقٍ دائم، ونهضت بالاقتصاد الغزي المنهك بفعل الحصار.

وعلى مدار الأعوام الستة الماضية، حصدت الأنفاق أرواح العشرات من العاملين بها، إما بفعل القصف الإسرائيلي وإما بفعل تدميرها وإطلاق قنابل الغاز بها من قبل السلطات المصرية، وإما نتيجة إنهيارات أرضية وأسباب أخرى، وعلى الرغم من ذلك بقيت مستمرة.

وتعرضت الأنفاق كذلك لإغلاقات متكررة من قبل السلطات المصرية بعهد نظام حسني مبارك المخلوع، فكل حدثٍ يقع داخل مصر يلقى باللوم على قطاع غزة، ويبدأ الأمن المصري بحملة عليها، فأغرقها بالمياه، وبنى جدار فولاذي، وفجر بعضها بالديناميت، وأغلقها بركام المنازل...

ومحاولات أخرى لم تُثنيها عن الصمود والبقاء مستمرة بالعمل، بعدما باءات جميع المحاولات السابقة بالفشل، فبقيت مستمرة رغم تعرضها لتدمير شبه كامل بقصف بوابل من صواريخ الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال الأعوام الماضية خاصة حرب ديسمبر/ويناير 2008-2009، وحرب نوفمبر 2012.

ومؤخرًا حدث ما لم يكن متوقع لملاك الأنفاق، وهو توقفها بشكلٍ شبه كامل عن العمل مُنذ منتصف يونيو الماضي، ولأول مرة مُنذ إنشائها، بسبب الأوضاع الأمنية المتردية بالأراضي المصرية، خاصة في أعقاب عزل الجيش للرئيس محمد مرسي الذي جاء به ثورة 25 يناير.

محاولات لإعادة العمل
وتكابد الأنفاق المنتشرة أسفل الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية من أجل البقاء، من خلال مخاطرة مُلاكها عبر استئناف العمل بها، على الرغم من التشديدات الأمنية المصرية الكبيرة مؤخرًا، على طول المنطقة الحدودية وبالمدن القريبة من القطاع.

وعلى الرغم من تلك التشديدات جازف المهربون بالأراضي المصرية، لإيصال كميات كبيرة من السلع للأنفاق وتهريبها للقطاع من الوقود ومواد البناء وسلع أخرى كـ "السكر، الأرز، الأسماك، الدقيق..".

وقال "م.ش" مالك أحد أنفاق تهريب مواد البناء لـ مراسل "وكالة قدس نت للأنباء" : "إن نحو 20 نفقًا للعمل من بينها عشرة أنفاق لتهريب الحصمة والاسمنت عادت للعمل بشكلٍ جزئي، من أصل أكثر من 50 نفق تستخدم لتهريب مواد البناء على الحدود".

وأوضح "ش" أن مجمل ما يتم تهريبه يوميًا لا يزيد عن 400 طن اسمنت ومثلها من الحصمة، أما في السابق فكان يعبر يوميًا أكثر من 2000 طن اسمنت ومثلها من الحصمة يوميًا، لافتًا إلى أن عمليات التهريب تسير ببطء وبمخاطرة كبيرة، بسبب التواجد الأمني الكبير لقوات الجيش خاصة قرب الحدود.

بدوره، أكد"أ.ع" مالك نفق لتهريب الوقود، تعرض أنفاق تهريب الوقود لضربة قاسية، بعدما دمر الجيش المصري مساء الجمعة الماضية مضخات وبرك تخزين الوقود تعود لحوالي ستة أنفاق، بحي البراهمة غرب رفح، مما أثر على عمليات التهريب.

ولفت "ع" إلى أن الحملة الأمنية المصرية تعتبر الأشد من نوعها، وعلى ما يبدوا ستكون الضربة القاضية على معظم الأنفاق المنتشرة على الشريط الحدودي، مشيرًا إلى أنهم يجازفون كثيرًا بأموالهم من أجل إيصال الوقود للنفق، ففي حال تم الإمساك بالشاحنات تصادر ويعتقل أصحابها.

تحذيرات من كارثة ..
وحذرت مؤسسات حقوقية وحكومية مختلفة، وخاصةً الأشغال العامة ووزارة الحكم المحلي ووزارة الصحة في غزة، من تأثير أزمة الوقود التي كانت تَضْرِب غزة مؤخراً، على حياة المئات من المرضى وعلى عمل المستشفيات التي تعتمد على الوقود بشكل رئيسِ في تشغيل مولداتها في ظل أزمة انقطاع الكهرباء.

وجاء في تقرير للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ان تدهور في الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة خلال الأسبوع الأخير من شهر حزيران، بسبب نقص معظم السلع الأساسية، وتقليص إدخالها بشكل كبير من خلال الأنفاق على الحدود مع مصر.

وقال المركز، ضمن تقريره بشأن الأوضاع في غزة، الأحد الماضي: "إنّ هذا الوضع كشف مجدداً حقيقة الظروف التي يعيشها القطاع، والحصار الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على كافة المعابر المحيطة بالقطاع منذ 7 سنوات، ويفند التسهيلات الإسرائيلية المزعومة للسكان هناك".