النشاط الاستيطاني الذي تقوم به حكومة الاحتلال العبري على أراضي الدولة الفلسطينية والمتمثل مؤخراً بمصادقة لجنة الاستيطان التابعة للمجلس الأعلى للإدارة المدنية للحكم العسكري العبري في الأراضي الفلسطينية، عن ستة مخططات استيطانية جديدة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية بالضفة الغربية، في وقت يحاول فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إحياء محادثات السلام اليهودية الفلسطينية، تحد صارخ للإرادة الدولية، ورفض للسلام في الشرق الأوسط، علماً أنه ووفقاً لإحصائيات إعلامية أن الاستيطان زاد بنسبة 50% في عام 2013 وذلك عن العام الماضي الذي بلغت النسبة 30% زيادة عن 2011.
وهذه الإجراءات الإحتلالية في التوسع الاستيطاني ما يعني بأن التمترس اليهودي الحالي وراء عدم إمكانية وقف النشاط الاستيطاني في المستوطنات اليهودية لا يهدف إلا لكسب الوقت وإهدار الجهود والنوايا الصادقة الذي يبذلها المجتمع الدولي بغرض المضي قدما باتجاه السلام العادل والشامل.
كما أن التوسع في بناء المستوطنات فيه انتهاك لالتزامات كيان الاحتلال بموجب خارطة الطريق ومؤتمر أنا بوليس نهاية سنة 2007، وأن قيام العبرانيين، السلطة القائمة بالاحتلال بنقل بعض سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها هو خرق لاتفاقية جنيف الرابعة والأحكام ذات الصلة من القانون العرفي, بما في ذلك الأحكام المدونة في البرتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف.
وأن الفتوى التي أصدرتها محكمة العدل الدولية 9/7/2004 خلصت إلى أن المستوطنات اليهودية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية تمثل خرقا للقانون الدولي وأن نقل رعايا السلطة القائمة بالاحتلال إلى الأراضي المحتلة، ومصادرة الأراضي واستغلال الموارد الطبيعية، واتخاذ إجراءات ضد السكان المدنيين الفلسطينيين غير مشروعة وتتناقص بشكل قطعي مع إعلان المبادئ المتعلق بترتيبات الحكم الذاتي, المؤقت, المؤرخ في 13/9/1993, والى اتفاقيات التنفيذ اللاحقة بين الجانبيين الفلسطيني و اليهودي.
وأن بناء وتوسيع المستوطنات ليس غير قانونية فحسب، وإنما تخلف أثارا شديدة القسوة على الحقوق السياسية والإنسانية للفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، والذين تعرضت حياتهم ومصادر عيشهم للتدمير بفعل عمليات البناء التي يقوم بها كيان الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وانطلاقا من ذلك فإنه يتعين على الحكومة العبرية أن توقف فورا خططها لتوسيع المستوطنات القائمة أو لبناء مستوطنات جديدة كخطوة أولى نحو الإزالة التامة للمستوطنات اليهودية غير القانونية من الأراضي المحتلة.
وهذا يعني بان المجتمع الدولي يعبر عن حلقه الشديد إزاء استمرار كيان الاحتلال في إقامة المستوطنات وتوسيعها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك خطط توسيع المستوطنات العبرية حول القدس الشرقية المحتلة والربط بينها, بما يهدد إقامة دولة فلسطينية مجاورة منتهكة بذلك القانون الإنساني الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
والدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة ملزمون بتنفيذ هذه الاتفاقية التي في نصوصها القانونية تؤكد عدم شرعية المستوطنات وعدم شرعية تنميتها وتطالب دولة الاحتلال باحترامها احتراما كاملا وفعالا .
وأن الأفعال الأحادية الجانب قد أحدثت تغييرات جوهرية في جغرافية مدينة القدس وطبيعتها السكانية، حيث نصت قرارات الأمم المتحدة في قراراتها 181, 194 , 303 و القرارات اللاحقة على وضع خاص للقدس تحت نظام دولي وان اتفاقيات جنيف تحظر إجراء تغييرات بالنسبة لسكان وطبيعة الأراضي المحتلة ,بما فيها القدس.
لذا، المواقف الدولية تؤكد على عدم شرعية المستوطنات كلها وما طرأ عليها من توسعات، وكذلك ما أحدثه الكيان العبري من تغييرات في القدس.
ونهاية بناء المستوطنات اليهودية على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة سنة 1967 غير شرعي, ويشكل انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الإنساني وفقا للنصوص القانونية الواردة في اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949, المتعلقة بحماية السكان المدنيين زمن الحرب.
الدكتور حنا عيسى - أستاذ القانون الدولي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت