من العار والمعيب أن تتحول باحات المسجد الأقصى المبارك الى ميدان للخصام والفرقة والمشاحنات والمهاترات والصراعات السياسية والعقائدية والايديولوجية والاصطفافات الفصائلية والحزبية . فما معنى ان ترفع الحركة الاسلامية في الداخل صورة الرئيس المصري المخلوع مرسي على واجهة الأقصى؟! وما معنى ان تصطف وتلتئم كل مجموعة على حدة مع بعضها البعض بمثابة تظاهرة سياسية وتهتف مع مرسي او ضد مرسي أو تدعو لدولة الخلافة ؟!.
ان ما يجري في باحات الأقصى من اعمال استعراضية وبهلوانية تهرجية ومسرحية هو بلا شك أمر مرفوض ومدان، لأنها تتنافى وتتعارض مع تقاليدنا العربية السمحة ومع مبادئ وقيم الاسلام والدين الحنيف ، الذي يدعو للمحبة والتسامح والمودة والألفة ويمقت الفتنة والنزاع والفرقة والتعصب . انها أعمال تسيئ أولاً وقبل كل شيء لشعبنا العظيم المكافح والمناضل من أجل استرداد حقوقه المسلوبة ، وللاقصى والقدس وفلسطين . وهي تساهم في شحن وتوتير الأجواء، وبث الفرقة والتشرذم بين ابناء وقوى شعبنا المختلفة، في وقت نحتاج فيه الى التماسك والوحدة والتلاحم الوطني والموقف الموحد والمجند لمواجهة التحديات الراهنة التي تواجه شعب فلسطين . ويكفي ما يعيشه الشارع الفلسطيني منذ سنوات من انقسام وتشرذم ومناكفات بين أكبر فصيلين على الساحة السياسية الفلسطينية هم "حماس" و"فتح" .
فالأقصى مكان مقدس ومهبط الديانات السماوية ، وموطن الحضارة والتاريخ ، ومهوى القلوب المسلمة المؤمنة التقية الورعة ، وهو ليس لهذه الفئة او تلك المجموعة أو تلك القبيلة والعشيرة وانما لجميع المسلمين والعرب في كل انحاء المعمورة ، بمختلف انتماءاتهم وأفكارهم ومعتقداتهم . وقد كان طوال الوقت على امتداد التاريخ العربي والاسلامي مكاناً للعبادة والصلاة والتسبيح والدعاء ، وبعيداً عن الخلافات والشرذمات، ورمزاً للوحدة ، وساحة رحبة لتعانق الأرواح وتصافي القلوب والتسامح الانساني .
وازاء ما يحدث ويجري في الأقصى، فأن المطلوب من جميع الناس العقلاء المتنورين والمتدينين الحقيقيين ، ممن تعز عليهم القدس ومكانة الأقصى كمعلم ديني وتاريخي وحضاري وتراثي، التصدي بحزم والوقوف بوجه كل الهتافات والشعوذات والطقوس الاستعراضية الجديدة ، التي تفرق ولا توحد ، والتي لا ولن يستفيد منها سوى أعداء شعبنا . وليبق الأقصى، الذي يئن ويصرخ ، خارج الصراعات والخلافات والمهاترات السياسية . ولنقلها بصوت عال وموحد : كفى لهذه الأعمال المعيبة والمسيئة والمخزية في باحات الأقصى ، ولتتوقف هذه المهزلة حالأ وسريعاً قبل ان تستعر وتزيد الفرقة بين ابناء الشعب الواحد . وكفانا ما حل بنا من محن ومصائب ومجازر ومعاناة متواصلة وتشريد وتنكيل ، وما يواجه اهلنا في النقب من نكبة جديدة، وفق مشروع برافر .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت