لماذا تـم خلـع الـرئيس محمد مـرسي ؟

بقلم: عماد عبد الحميد الفالوجي


سؤال الساعة الذي يشغل بال الكثيرين وهو من وكيف تم خلع الرئيس محمد مرسي بهذه السرعة وبهذه الكيفية ؟ ، الرئيس محمد مرسي هو أول رئيس مدني منتخب لمصر بفضل ثورة 25 يناير والتي أطاحت أيضا برئيس منتخب وهو محمد حسني مبارك – بغض النظر عن الاختلافات فيما بينهما – ويختلف المحللون في تفسير ذلك فمنهم من يعتقد أن الغضب الشعبي الكبير على طريقة وأسلوب إدارة الرئيس محمد مرسي ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين كان هو السبب الرئيسي لخلعه وهذه وجهة نظر ، وهناك من يعتقد أن المؤسسة العسكرية لم تكن راضية عن سياسات الرئيس مرسي وكانت متوجسة وانعدام الثقة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية خاصة وأنه ثارت شائعات سبقت عملية خلع الرئيس حول نية الرئيس مرسي بعزل قائد الجيش الفريق عبد الفتاح السيسي فقام هو باستباق الأحداث وخلع الرئيس ، وهناك من يعتقد أن الإدارة الأمريكية وجهات خارجية لم تكن راضية عن سياسات الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين في بعض الملفات السياسية والأمنية والفشل أو عدم القدرة على تنفيذ تفاهمات سبق الاتفاق عليها بين الطرفين أدى الى منح المؤسسة العسكرية الضوء الأخضر لخلع الرئيس . وهناك من يعتقد أن الأسباب السابقة جميعا اجتمعت سوية وكانت السبب المباشر في خلع الرئيس .

وإذا دققنا النظر بتركيز الى العام الذي حكم فيه الرئيس مرسي مصر لوجدنا أن هناك فشلا واضحا في الوصول الى تفاهمات شاملة بين القوى والأحزاب السياسية الفاعلة في مصر بالرغم من كثرة المحاولات ودعوات الرئيس مرسي المتكررة للحوار الداخلي ولكن حجم الخلافات بين ألقوى والأحزاب كان أكبر من أن يحله الحوار التقليدي إضافة الى حالة من انعدام الثقة الواضحة بين غالبية القوى المصرية وجماعة الإخوان المسلمين وتمثل ذلك بنشر مصطلح " أخونة الدولة " ولم ينجح الرئيس مرسي وحزبه " حزب الحرية والعدالة " من عقد تحالفات متينة مع أحزاب أخرى وخاصة الأحزاب ذات التوجه الإسلامي . مما جعل الصورة وكأن جماعة الإخوان المسلمين وحزبهم منفردين في قيادة السلطة وهذه الصورة الباهتة جعلت حجم الغضب الشعبي يتفاقم .
وكذلك الوضع الاقتصادي ومعاناة المواطن المصري العادي ازدادت بعد النقص الحاد الذي ضرب المجتمع المصري في الوقود والغاز والكهرباء وهو ما لم يتعود عليه المواطن المصري منذ عقود وبدأ البعض يتذمر ويرفض الواقع المعاش وبدا واضحا عجز الحكومة في حل هذه المعضلات فكان المطلب هو رحيل الحكومة واستبدالها ، ولم يشفع لذلك تبريرات الرئيس واتهام جهات بعينها تحاول إضعافه وإفشاله .

كل ما سبق كان مجرد الأرضية الخصبة التي كانت تصلح كسبب مقنع للكثيرين بضرورة خلع الرئيس وعدم الصبر عليه لإنهاء مدته الرئاسية القانونية ولكن هل المؤسسة العسكرية قادرة وحدها بشكل مجرد بالقيام بهذه الخطوة الخطيرة دون الاستئناس أة أخذ الضوء الأخضر من الجهات الداعمة والمانحة لها ؟ وهل كان من الأساس وصول الرئيس محمد مرسي وحزبه المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين من الوصول لرأس السلطة في دولة بحجم مصر دون توافقات وتفاهمات مع صناع القرار الدولي ؟ ، ومن هنا فإن الطرف الذي أيد وصول الرئيس مرسي للحكم هو ذات الطرف الذي سكت عن خلعه من الحكم .

إن أي زعيم أو رئيس إذا أراد النجاح في حكم بلده في عالمنا العربي والإسلامي فعليه أن يحقق نجاحا في مربعين معا وهما المربع الداخلي والمربع الخارجي ولا يغني أحدهما عن الآخر ، فالنجاح في المربع الداخلي يعني قيادة شعب على أسس صحيحة وقوية من خلق تحالفات تؤدي الى شراكة سياسية حقيقية لتكسب ثقة غالبية الشعب والنجاح في حل المشكلات التي يعاني منها المواطن لخلق حياة كريمة للشعب حتى يلتف حولك ، والمربع الخارجي هو النجاح في صياغة تحالفات دولية قوية تمكنك من التصدي لأي مؤامرات من الخصوم وتوفر الاحتياجات اللازمة للدولة من كافة النواحي ، وهذا المربع يفرض عليك احترام سياسات واتفاقيات خاصة تتعلق بالمنطقة كلها .
ولا يفيد النجاح في مربع دون الآخر بل يجب النجاح في كلا المربعين وإلا فالخلع أو الانقلاب سيكون هو الحل .
فكيف لو فشل الرئيس في النجاح بنسبة متقدمة في كلا المربعين ؟ حينها يجب عدم الحديث عن القانون أو الديمقراطية لأن كلاهما وسائل تم وضعها للنجاح في المربعين السابقين .

م. عمــاد عبـد الحمــيد الفــالــوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت