الدعوة التي وجهتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لمظاهرات بالضفة والقطاع ضد المفاوضات، جاءت بوقت كانت جماهيرنا بحاجة الى هذه الصرخة منذ زمن، رغم انها متاخرة الا انها ستشكل هذه الدعوة حالة نوعية تعيد الى كوادرها اولا الثقة بثورية التنظيم ودفاعه عن الثوابت والحقوق الفلسطينية وتصديه للسياسات التفريطية التي تمارسها القيادة الفلسطينية بمواقفها الانفرادية وتحكمها بالقرار وبمصير الشعب الفلسطيني.
ان هذه الدعوة وخروج الجماهير مهما كان عددها وحجمها، واضح انها لن تثني هذه القيادة عن توجهاتها السياسية اتجاه المفاوضات العبثية وعودتها الى الخلف ورفضها للانخراط بالمفاوضات التي دعا اليها كيري، فهذه القضية بحاجة الى استمرارية وتواصل والتحام اكثر بالجماهير لتعيد الجماهير الثقة بالفصائل الثورية لتتوفر لديها القناعات بمواقف مميزة وثورية حفاظا على الحقوق والثوابت الوطنية التي يناضل من اجلها الشعب الفلسطيني.
ان السياسات الخاطئة والرهان على المفاوضات كوسيلة وحيدة لاعادة الحقوق الفلسطينية، ساهمت كلها بتبديد الحق الفلسطيني واقدام الجانب الفلسطيني على تقديم التنازلات تلو التنازلات امام سياسة التصعيد التي مارستها سلطات الاحتلال الصهيوني ضد الارض والانسان، وان هذه السياسة الصهيونية لا تواجه بسياسة التمسك بالمفاوضات وانما بسياسة تصعيدية فلسطينية مقابلة.
القوى الفلسطينية التي ترى بالمفاوضات واستمرارها مضيعة للوقت تركت سلبياتها على مجمل العملية النضالية الوطنية، فهذه القوى مطالبة بالمشاركة وحث الشعب الفلسطيني على المشاركة من اجل تصحيح العملية النضالية التي بالامكان تطويرها من اجل انجاز مرحلة التحرر الوطني، ولا يجوز الاستمرار باستجداء مجموعة قليلة تتحكم بالقرار وتراهن على المفاوضات كحل للصراع، وانما مواجهتها من اجل اجبارها للرضوخ للارادة الوطنية واحترام الحقوق الوطنية والشرعية للشعب الفلسطيني
الجبهة الشعبية مطالبة ان تكون مميزة بمواقفها وادائها واعادة الدور النضالي الذي ميز الجبهة عن الفصائل والقوى الاخرى على مدار عشرات السنين مما جعلها تلقى احترام وتقدير الجماهير الفلسطينية على عملياتها النضالية والنوعية ومواقفها السياسية ومبدئيتها التي طالما حذرت من رهان السلطة ولهاثها وراء الحلول التسووية والتي بمحصلتها تصب باتجاه المساومة للتنازل عن الحقوق الفلسطينية، امام عدو شرس لا يقبل الا استسلام الطرف الفلسطيني والعربي، وهذا بالطبع ما يطرحه عدونا الصهيوني بدعم ومساندة امريكية وغربية، وامام نصب الكمائن من اجل اصطياد الجانب الفلسطيني ليقوم بانتزاع توقيعه على صك الاستسلام.
الجبهة ايضا مطالبة بفضح وتعرية كافة المواقف الانتهازية والاستسلامية وان لا تكتفي بالادانة، مطالبة باعادة بناء اداتها النضالية التي تسمح لها بالالتحام بالجماهير، وبناء الكادر الواعي والقادر على فهم الجماهير ورفع رايتها وشعارتها وتفاعله معها واحترام مواقفها وتعزيزها والنضال من اجل تحقيق مطالبها، الجماهير ايضا هي تريد ان تميز بين المواقف التي تتشكل منها الخارطة السياسية والحزبية الفلسطينية، ولهذا السبب على الجبهة الشعبية ان تعي هذه النقطة كتنظيم مبدئي عرفته الجماهير الفلسطينية بمواقفه ومميز بنضاله وصلابة رفاقه وعناصره وكوادره.
الجبهة الشعبية ايضا مطالبة ان ترفع رايات الجماهير ومطالبهم حتى المطالب الحياتية واليومية التي تهم المواطن العادي والبحث عن حلولا لها، وايضا مطالبة الجبهة الشعبية ان لا تتحمل مسؤوليات تقع بالاساس على عاتق القيادة الفلسطينية، وان تعري السلطة الفلسطينية بعجزها لتلبية المتطلبات الحياتية للمواطن الفلسطيني العادي، بانحياز السلطة الى قضايا ثانوية بعيدة عن القضايا الاساسية التي تهم المواطن الفلسطيني.
قد تواجه اجهزة الامن الفلسطينية هذه المسيرة بالعنف والقمع كما حصل مع سابقاتها ومما ترك اثرا كبيرا على الحالة الجماهيرية الرافضة لسياسات السلطة والمقاومة للاحتلال الصهيوني، وياتي تصرف الاجهزة الامنية ضمن سياسة التنسق الامني، وما زالت الصورة ماثلة امام الاذهان عندما خرجت مسيرة جماهيرية ضد زيارة موفاز التي كانت مقررة للمقاطعة، بالطريقة التي تعاملت معها الاجهزة الامنية، حيث القضية ليست فقط التعبير عن حرية الرأي للجماهير الفلسطينية وقطاعاته وفئاته وانما واجب دفاع الجماهير عن الثوابت والحقوق الفلسطينية، فمواقف القوى الفلسطينية وفصائلها والقيادة الفلسطينية لا معنى لها دون التفاف وتاييد الجماهير لها، وهذا بحاجة الى تواصل والتحام اكثر مع الجماهير ورفع راياتها، والكوادر تكون دائما بالصفوف الامامية مثالا بالتضحية.
الجبهة ورفاقها وانصارها مطالبين بالتحرك ايضا بمواقع الشتات من اجل وضع آليات نضالية تراعي الواقع المحلي لتواجدها، تتفاعل مع التجمعات الفلسطينية والعربية، وتقيم افضل العلاقات وتعززها مع القوى العربية والصديقة والمحلية بدولها، بما يسمح بتطوير العملية النضالية دفاعا وحماية للحقوق الوطنية التي يناضل شعبنا الفلسطيني من اجلها، وحفاظا على الهوية الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها
جادالله صفا – البرازيل
27/07/2013
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت