زياد الدرعاوي (المخترع الفلسطيني) بانتظار (فلسطين أيدول)

بقلم: وسام الفقعاوي


الضرورة لا الصدفة هي التي جمعتني مع الشاب الفلسطيني المبدع زياد الدرعاوي مخترع (النظارة الالكترونية) في مقر السفارة الفلسطينية في جمهورية مصر العربية، وبحضور الدكتور محمد خالد الأزعر المستشار الثقافي في السفارة، والأستاذة لطيفة يوسف المستشارة الإعلامية أيضاً، زياد الحاضر ببشرته السمراء من شدة انجبالها بأرض بيت لحم، وبعينيه الواسعتين اللتين تحتضنا بداخلهما أمل وحسرة كبيرتين، شعرتها من نظراته وحديثه في آن.
عرض أصدقاء زياد (محمد وإبراهيم) بمساعدة طاقم مكتب الإعلام بالسفارة، المتحمسين والمتلهفين والمنحازين بوعي لاختراع صديقهم وأهميته، وما يجب أن يحظى به من اهتمام كانوا يتوقعوه بمجرد اكتشاف اختراعه والإعلان عنه، لما يمكن أن يضيفه من رصيد للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وطلاب علمها.
عرضوا علينا، شريط فيديو لوقائع اختبار اختراعه في جامعة بوليتكنك فلسطين يقوم بها أحد مُعيديها. والاختراع عبارة عن (نظارة الكترونية) لمن يعانون من الشلل الرباعي، حيث أنهم معدومي الحركة، فبواسطتها يستطيعون التحرك على الكرسي الكهربائي وتوجيهه من خلال حركة (ببو العين)، كم كنا سعداء وحدقات عيوننا ترى بشغف واهتمام زياد واختراعه، وعيناه تلمعان فرحاً، لا يخلو من لوعة وحزن أيضاً.
استمعنا له وهو يتحدث عن اختراعه، وكيف استطاع انجازه والوقت الذي استغرقه وكم كلفه، واستطاعته تسجيل براءة اختراع فيه، كان حديثه وأصدقائه شيق، وفي سياق الحديث قال: بأن "الإسرائيليين" عرضوا عليَّ خمسة ملايين دولار، مقابل أن يُسجل الاختراع وبراءته باسم شخص "إسرائيلي"، والذي لم يوافق عليه ورفضه بشدة طبعاً.
إن ما جرى مع زياد من قبل العدو الإسرائيلي، يطرح وبقوة سؤال: كم اختراع فلسطيني أو عربي أو غير ذلك استطاعت أن تشتريه "إسرائيل"، وتُسجل براءة اختراعه باسم "عالم أو مخترع إسرائيلي" تحت ضغط الإغراء بالمال؟!.
كما أن هذه المسألة تطرح قضية الرعاية والاحتضان للكفاءات العلمية الخلاقة والمبدعة والمميزة، فكم زياد فلسطيني تم إهداره؟!، بمعنى كم كفاءة ومبدع فلسطيني لم يلقَ الاهتمام والرعاية والاحتضان والدعم فكانت ضالته إما بيع اختراعه/إبداعه، وابتلاع لوعته وحزنه بداخله، أو هجرته كما عشرات آلاف الكفاءات والعقول التي غادرت أوطانها في العالم الثالث وخاصة الوطن العربي، ووجدت كل الرعاية والاهتمام من الدول المضيفة ليعيش قسوة اغترابه عن واقعه واختراعه.
ولكي لا يستمر هذا النزف والإهدار للكفاءات والمبدعين، فإن ذلك يتطلب من المؤسسة الفلسطينية الرسمية، والمؤسسات المجتمعية المرتبطة بأجندة وطنية فلسطينية حقيقية، وكذلك الرأسمال الوطني أن يشكل كل الرعاية والاهتمام والاحتضان لزياد والمبدعين أمثاله، لأن غير ذلك لا ينم في مضمونه إلا عن قراءة قاصرة للصراع مع العدو الصهيوني وطبيعته، بما هو صراع تاريخي شامل ومفتوح، ويطال كل الزوايا (السياسة، الاقتصاد، الفن، التراث، المجتمع، الثقافة، التعليم، الأرض، المياه، الهوية ...الخ)، هنا يأتي العرض الإسرائيلي على زياد لشراء اختراعه وتسجيل براءته باسم "إسرائيلي"، فمن سرق أكلة الفول والفلافل الفلسطينية، ومن جعل أزياء القرى الفلسطينية المُهجَرة وغير ذلك الكثير جزء من "التراث الإسرائيلي"، يعنيه أن يشتري/يسرق اختراع زياد كما اشترى غيره وتسجيله كبراءة اختراع "إسرائيلي". والقراءة القاصرة للصراع، تعود لرؤية قاصرة أيضاً، وقيادة أقصر مما يتوقع أحد.
في حلقة التصفيات في برنامج (عرب أيدول)، غنى الشاب الفلسطيني المبدع محمد عساف أغنية (لنا الله) للفنان الكبير محمد عبده، ونال لقب (محبوب العرب) بجدارة، أما نحن فما لنا إلا أن نبقى نقرع جدار الخزان لُنسمع من في آذانه صَممُ إلى أن يتوج زياد (سفير المخترعين الفلسطينيين)، لينقل للعالم أجمع ما يعانيه أبناء شعبنا من المبدعين والمخترعين، ويحاول أن يقف إلى جانب كل مبدع فلسطيني، ويساعده للوصول بإبداعه إلى العالمية، لأن زياد بعد طول انتظار لقي الدعم الفلسطيني اللازم لإيصال اختراعه للعالمية.


جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت