بداية .. لست من الذين يتبعون الوشاية ،ولم أكن أبدا من الغاوين رغم عشقي للشعر والشعراء..!! ولم ،ولن أكن يوما إمعه ، إذا أساء النّاس أسئت معهم ، وإذا أحسنوا أحسنت معهم ،وبالمقابل ليس عيبا أن نتراجع عن أقاويل كنا نتمسك بها بالأمس بل كنا مستعدون للدفاع عنها ببسالة شديدة ،لكن الجمال والروعة هو عندما تكون لنا رؤية محددة عن حدث ٍ ما في أصقاع الأرض ،فنجد أن تلك الرؤية تتجسد بملامحها ،مكتملة الجوانب والأطر ..صحيح أنه وكما قال الإمام مالك بن انس رحمه الله كلٌ يُؤخذ منه ويُرد إلا صاحب هذا القبر "يقصد النبي صلي الله عليه وسلم"،ويعني ذلك ببساطة شديدة هو عدم التسليم بالقول المطلق بالنسبة لبشرٍ لأنه حتما يكون منقوصا إلا قول رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ،ومن هذا المنطلق أود أن أشير فقط بلمحة أو ومضة تحليلية سريعة لا أفرضها على من يفتشون عن الوقائع ،وهي رؤية خاصة إنما أعرضها من باب المشاركة الفكرية ،ومن باب أن الثقافة ملعونة إن لم تضف لنا شيئا جديدا ،لأننا عندها نكون أصبحنا في عداد أصحاب القبور ،ونحن على قيد الحياة !!
أحبائي القراء .. قد تتفقون معي بالرأي أو تخالفونه،وفي كلا الحالين فهذا شيء لا آبه به كثيرا.. أود أن أوضح فقط أني دائما وأبدا لا أمقت الغير ،ولايمكني اقتراف ذلك لأني أؤمن بأننا كلنا خطايا ،ولاأكن أي عداء أو أي مهاجمة لمن صعد أعالي الجبال وترك السفينة تمضي أوسقط في جوف ضلاله وضياع ..أقول فيما يتعلق بالشأن المصري ..مصر العروبة والبطولة ..أرض الكنانة رعاها الله وحماها من كل شر ..أقول أن الصراع الدائر الآن يثبت فعلا فشل التجربة الديمقراطية ،ولن أخوض في مصطلحات لا تسمن ولا تغني من جوع.. كالشرعية ،تموت مصر ألف مرة ،ولتحيا الشرعية ..!!،أوفليذهب الجميع إلى الهلاك ولتحيا صناديق الانتخاب ..أو يسقط حكم العسكر المتآمرين العملاء أو الخونة ..!! فبعيدا عن ذلك اوتلك.. لو تأملنا المشهد السياسي في ظل الأوضاع الأخيرة ،لتيقنا أن هناك معادلة ديناميكية فيها حل لألغاز كثيرة مع احترامي جدا ومع قناعتي بأنه ليس كل ما يُعرف يقال ..الشق الأول أو الطرف الأول في هذه المعادلة أن من يحكم مصر ليسوا هم الثائرون بميدان رابعة العدوية أو النهضة ،ولا من يحتشدون في ميدان التحرير فإذا كان الأمر هناك مليون أوأكثر أو أقل هنا أوهناك فمن حيث القوة الأسية أين رأي الواحد والتسعون مليون من بقية أفراد الشعب؟! وهل لأن الكاميرات والأضواء مسلطة هناك فهذا يعني أن البطولة الحقيقية تولد من رحم الميادين ،وما دونهم كومبارس ؟!إذا كانت هذه النظرة الفئوية أو الدونية هي التي تخيم على عقول الكثيرين فهي نظرة كاملة النقصان ،لما فيها من إقصاء ومصادرة وسلب ونهب حريات الآخرين الذين هم لا يعيثون في الأرض فسادا ،كما يفعل السفهاء ..بل يعملون من أجل بناء مصر ومن أجل رفاهية مصر ،أولئك العازمون على عدم التطلع للوراء ..!!
أما الطرف الثاني من المعادلة الفاسدة الغير متزنة تماما هو أن ما حدث في مصر انقلابا على الشرعية ليس معنى ذلك بالنسبة عني هو إشارة للموافقة أو التأييد لما حدث ولما يحدث اليوم في مصر بل كانت هناك بدائل كثيرة للخروج من النفق المظلم لكن الخطورة تتجسد ملامحها ليست من أشخاص كثر بل شخص واحد أو من القلائل فقط إن أرادوا بكل حماقة وطيش إغراق السفينة في عرض البحر،ثم بالنسبة عن مفهوم الإنقلاب أني مقتنع جدا برأي الكاتب كورزيو مالابارتي صاحب كتاب تقنيات الانقلاب ،والذي ظهرفي القرن العشرين عام 1930 ، ،ذلك المؤلف الذي فرض وعمم انتشار واستخدام مصطلح الانقلاب بمعناه الحديث، من خلال تحليله النقدي لأنشطة الحركات الفاشية والنازية. فحسب مالابارتي، لا ينطبق مفهوم الانقلاب فقط على العسكريين والسياسيين بل يشمل حتى القوى المدنية، التي تشارك أيضا من خلال زعزعة استقرار الأمن ، وقطع أواصر الطرق ، وترهيب الآمنين من خلال إجراءات تهدف إلى خلق حالة من الفوضى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وجميع المناحي الحياتية .
فإذا كان مالابارتي يميز بين مفهوم الانقلاب وبين "الحرب الأهلية" و "الثورة"، كون الانقلاب يعتمد على عنصر المفاجأة فأني أتساءل أين هنا عنصر المفاجأة فيما حدث ..ثم أليس هناك رجال شرفاء أقوياء من الجيش المصري ، كان يمكن لهم التصدي لهذا الانقلاب المزعوم ،وإفشاله فور حدوثه، ثم هل سينجح الانقلاب إذا انسلخ الجيش عن القيادة ،ومن هم رجال الجيش أليسوا هم أبناء شعب مصر العظيم ،ثم أليس الانشقاق عن قيادة الجيش هو انقلاب مضاد ،وإلا ماذا يمكنا أن نسمي التفاف العسكر حول القيادة ،لو كان هناك إنشقاق في صفوف الجيش لتغيرت عندي البراهين نظرا للمعطيات ..كل الاحترام لكل المساكين والبسطاء ، الذين يسلمون بما تنقله الكاميرات قولا واحدا ..وأقول لهم : لن تستطيل حيرتكم ولن تدخلوا أبدا دائرة السذاجة،و إذا كان هناك ما يعرف بالخداع البصري،أي ليس كل ماترونه يمكنكم تصديقه ، إلا أن هناك شيء أدهى وأمر هو خداع الفكر وخداع الشعوب .. لكن الحقيقة سيكشفها التاريخ الذي سيفضح للجميع من القاتل ولمن قتل بفتح القاف من الذي يقوم بمحاولة ترسيخ الأمن ومن يقوم بزعزعته ..من قام بحريق القاهرة ومن يحاول حرق مصر بأجمعها ..سيصفي التاريخ لنا المفاهيم بين الثورة والقرار الراجح لنجاة الجميع..إذا نحن اليوم أمام حالة مرضية خطيرة وأن هناك أعضاء يلزمها الكي بالنار حتى لا تتفشى الغرغرينا القاتلة وإلا فالبتر أو يفنى الجسد كله ..!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت