الشباب ورياح التغيير

بقلم: رضوان أبو جاموس


الشباب هم قادة الغد وأمل المستقبل وعلي أكتافهم تقام حضارات , وترفع أمجاد , ولقد اهتم الإسلام بالشباب اهتماما جادا ووجه حميتهم توجيها سديدا, وكان أول من آمن برسول الله بعد زوجه خديجة علي بن أبي طالب وكان صبيا صغيرا نام في فراش رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الهجرة وهو يعلم انه مقتول لا محالة, ثم أبو بكر الصديق الذي أسلم في عمر الثامنة والثلاثين وأنفق ماله كله في سبيل الدعوة الإسلامية , وعمر بن الخطاب الذي كانت قريش توفده إلي القبائل الأخرى للتباحث معها أسلم في السادسة والعشرين وكان إسلامه , وهاهو سعد بن أبي وقاص الذي رمي أول سهم في الإسلام أسلم وعمره سبعة عشر عاما, ثم الزبير بن العوام ابن عمة رسول الله صفية الذي أسلم وعمره ستة عشر عاما الذي قال فيه رسول الله صلي الله عليه و سلم : إن لكل نبي حواريا وحواريي الزبير, ورفيق الزبير طلحة بن عبيد الله الذي أسلم في السابعة عشرة وكان من أشد المدافعين عن رسول الله في أحد والذي سماه رسول الله بطلحة الفياض أو طلحة الخير, ثم عبد الرحمن بن عوف في الثلاثين , وأبو عبيدة بن الجراح في الثانية والثلاثين , ومن ينسي أسامة بن زيد الذي خرج رسول اله صلي الله عليه وسلم وهو في مرض الموت بعد أن أكثر المنافقون في الاعتراض علي قيادته للجيش وهو دون العشرين.

فانظر كيف قام الإسلام وانتشرت دعوته على يد هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى , حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان دائما ما يستشيرهم في الأمور المهمة وكان ينزل على رأيهم , كما أخذ بمشورة الحباب بن المنذر في غزوة البدر , ونزل على رأي الشباب في الخروج لملاقاة المشركين في غزوة أحد .

وإذا أردت أن تعرف ماهية الأمة وحقيقة أمرها، فلا تسأل عن ذهبها ومالها، ولكن انظر إلى شبابها، فإن رأيته شبابا متدينا متمسكا بقيمه الأصيلة منشغلا بمعالي الأمور، قابضا بأذيال الكمال وأهداب الفضائل -فاعلم أنها أمة جليلة الشأن، رفيعةُ القدر والجاه، قوية البناء، مرفوعة العلم لا ينال منها عدو، ولا يطمع فيها قوى.

وإذا رأيت شباب الأمة هابط الخلق والقيم، منشغلا بسفاسف الأمور، يتساقط على الرذائل كما يتساقط الذباب على جيف الفلاة -فاعلم أنها أمة ضعيفة البناء مفككة الأوصال هشة الإرادة، سرعان ما تنهار أمام عدوها، فيستلب خيراتها، ويحقر مقدساتها، ويهين كرامتها، ويشوه تاريخها وثقافتها.

إنَّ تعليم الشاب أحكام الدين وشرائعه، وكذلك تعزيز روح الإيمان والأخلاق في نفسه، لهما أثرين كبيرين عليه .

الأول: إرضاء الحسّ الديني الفطري لدى الشاب، والثاني: جعل هذا الحس قادراً على كبح سائر الرغبات الطبيعية والغريزية في أعماق الشاب، والحؤول دون تمرّدها وطغيانها، وذلك لإنقاذه من الضلالة والانحراف.

قال تعالى: (لقد خَلَقنا الإنسانَ في أحْسَنِ تَقْويم ثُمَّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلينَ إلا الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فَلَهُمْ أجْرٌ غَيْرُ مَمْنُون).سورة التين .

وكل إنسان سوف يسأل عن فترة شبابه يوم القيامة , يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع .. عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به ( رواه الترمذي).

اليوم بعد الثورات الجماهيرية التي اجتاحت عددا من البلدان العربية، أظهرت بشكل واضح لا يدع مجالا للشك قدرة التغيير التي يمتلكها هؤلاء الشباب حتى في أصعب الظروف وأكلحها، ومع أعتى الأنظمة وأكثرها هيمنة وفسادا..

نود القول أن ما يحدث اليوم من ثورات في البلاد العربية دليل على أن المستقبل لهؤلاء الشباب الذين شرعوا بتغيير وجه المرحلة.. بالانتفاض على ظلم حكامهم .. فكانوا السيف المشرع في وجه الظلمة.. وأثبتوا للعالم أجمع أنهم الحاضر والمستقبل المشرق.. وأنهم حماة الديار.. ومجد الأمة القادم...

فعلي قادة الأمة الإسلامية وعلمائها ومفكريها أن تولي الشباب اهتمامنا , وألا تجعل بينهم وبين الشباب حواجز تعيق من التواصل معهم والإنصات إليهم , ومشاركاتهم مشاعرهم وأفكارهم .
كاتب وصحفي فلسطيني

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت