سماحة الشيخ حسن نصر الله يضع النقاط على الحروف

بقلم: راسم عبيدات


كما مثَل أبو ذر الغفاري الإسلام الثوري والحقيقي،فها هو سماحة الشيخ حسن نصرالله في خطابه في ذكرى يوم القدس العالمي،يسير على خطى ونهج أبا ذر الغفاري،ويترجم المعاني الحقيقية والسامية للإسلام،معاني العزة والكرامة ورفض الذل ونصرة المستضعفين من أبناء هذه الأمة،فهو رغم كل الضغوط والحروب والحملات الظالمة والتشويهية التي تعرض ويتعرض لها هو شخصياً وما يمثله من قيم واخلاق وثورية ومبدئية وصدقية لحزب ثوري مقاوم من مختلف الأطراف محلية وعربية وإقليمية ودولية لم يفقد لا البوصلة ولا الإتجاه،وقد خبرنا هذا الرجل جيداً في الحرب العدوانية التي شنتها اسرائيل على حزب الله والمقاومة اللبنانية في تموز/2006،حيث قال عندما جاءته العربان المنهارة من كل حدب وصوب مرتعدة الفرائص ومستدخلة الهزائم،طالبة منه تسليم الجنديين الإسرائيليين المأسورين أنذاك،مقابل وقف العدوان الإسرائيلي،وكان رده المزلزل والواثق والله لو إجتمعت كل دول العالم علينا،لن اسلم هذين الجنديين،وكان له ما أراد،وتحرر المناضل سمير القنطار،الذي طالما قالت المخابرات الإسرائيلية ومستواها السياسي،بانها لن تسمح بخروجه حياً من المعتقل.
اليوم بكل عنفوان وثقة وعزة يعلن سماحته انه رغم كل ما يتعرض له شيعة الإمام علي كرم الله وجهه،من حملات تشويه وقدح وتحريض وتكفير وتخوين وإتهامات باطلة،فإنهم سيبقون اوفياء لفلسطين،ففلسطين لا يمتلك احد التنازل عنها،فهي لأهلها ولشعبها من البحر الى النهر،ويدعو رغم تفاوت حجم المسؤولة الجميع من العرب والمسلمين لتحمل مسؤولياتهم تجاه القدس،فمن لم يستطع دعم أهلها بالمال فبالموقف السياسي او الإعلامي،وذلك اضعف الإيمان،وسماحته لا يستطيع ان يزايد عليه احد،رغم جحود البعض فلسطينياً،فهو من وقف مع المقاومة الفلسطينية عسكرياً ومالياً وسياسياً وإعلامياً،وحتى دفع ثمن مواقفه جراء ذلك معتقلين وشهداء.
أعطوني واحد من قيادات السنة المسلمة يتحدث بمثل ما قاله سماحة الشيخ حسن نصر الله،او يتجرأ على دعم المقاومة حتى بالموقف السياسي،هذا إن لم يكن من ضمن المتآمرين على ذبحها وتصفيتها،من لديه الجرأة من كل "مخاصي" قياداتنا السنية،ان يتحدث بما تحدث به الشيخ حسن نصرالله،دون ان يبول في ملابسه الداخلية،رغم انني ضد الطائفية والمذهبية،فكل مقاوم مهما كانت هويته،فهو يمثلني،ما أروع هذا الشيخ عندما يقول"قولوا عنا ارهابيين مجرمين روافض ومجوس اقتلونا تحت كل شجرة وحجر وفي كل جبهة وعلى باب كل مسجد وحسينية،فنحن شيعة علي لن نتخلى عن فلسطين،زعماء السنة ليس لهم هم سوى التحريض على الفتن المذهبية والطائفية،وتمويل عمليات قتل العرب والمسلمين لبعضهم البعض،وتخريب بلدانهم،وتشغيل مصانع الأسلحة للغرب الإستعماري المجرم،هم لا يمتلكون لا إرادتهم ولا قرارهم السياسي،يصنع الغرب لهم عدواً إفتراضياَ،ويقول لهم هذا هو الخطر على الإسلام،أيام المد الشيوعي،جعلوا لهم من الشيوعية"البعبع" الذي سيلتهمهم ويحول بلدانهم وشعوبهم الى كفرة وملاحدة،ولذلك جندوهم من اجل تمويل الحرب على افغانستان الشيوعية،وإرسال ما يسمى بالمجاهدين العرب لتحريرها،وحينها وصف الرئيس الأمريكي ريغان حركة طالبان المصنفة الان امريكياً بالإرهابية،بانها حركة تحرر وطني وبطلاب الحرية،وبسقوط النماذج والتطبيقات الشيوعية في البلدان الإشتراكية،إخترعوا لهم عدواً إفتراضياً آخر،هم انتجوه ومولوه وسلحوه،هم جماعة القاعدة وبن لادن،وليصبحوا بين ليلة وضحاها"إرهابيين وقتلة"بدل طلاب الحرية وبعد أفول نجم القاعدة،وقد سبق ذلك،وبعد الثورة الخمينية،وخروج ايران من تحت عباءة وفلك المحور الأمريكي،تم شيطنة ايران،وبين ليلة وضحاها أضحت شيعية،وربما كان العرب قبل ذلك،في عهد الشاة الأمريكي مؤمنين بانها سنية 100%؟؟؟؟،وادخلوا العراق وايران في حرب مدمرة لمدة ثمانية أعوام حصدت الكثير من أرواح العرب والمسلمين،ودمرت الكثير من قدراتهم ومقوماتهم،واليوم وبعد قيام ما يسمى بالمصطلح الغربي الإستعماري"ثورات الربيع العربي"،وصعود حركة الإخوان المسلمين الى دفة الحكم في اكثر من قطر عربي،يريدون أن ينقلوا الفتنة المذهبية والطائفية من مستواها الرسمي الى المستوى الشعبي،وحرف الصراع وتحويره من صراع عربي- اسرائيلي الى صراع عربي- فارسي،يريدون إخراج ايران وحزب الله من معادلة الصراع،حتى يستمروا في السيطرة على المنطقة،ونهب خيراتها وثرواتها وبقاء الإحتلال الإسرائيلي جاثماً على صدر كل الأمة العربية.
في الوقت الذي يشدد فيه سماحته على ان اسرائيل،هي مصدر الخطر على كل أبناء دول المنطقة العربية،وانه لا مجال للتعايش مع هذا الكيان العنصري،الذي زرع في قلب الأمة العربية،في فلسطين وعلى انقاض شعبها،ووصفها بمثابة الغدة السرطانية،التي يجب إقتلاعها،نجد هناك من العربان العاربة والمستعربة،من يوفر لها الأمن والحماية،ويشرعن وجودها وإحتلالها للأراضي العربية المحتلة،ويعمل بمثابة العراب لها على مستوى المنطقة.
ولم ينسى سماحته القول،بان من يرعون الجماعات الإرهابية والتكفيرية،ويمدونها بالمال والسلاح والرجال،لكي تمارس قتلها على الهوية،تحت يافطة وذريعة"الجهاد"للتحرير من الطغاة والديكتاتورين،أولاً يسيؤون للجهاد نفسه،وللدين والشريعة الإسلامية،فديننا الحنيف،دين محبة وتسامح،وليس دين الذبح بالساطور والسكين مع التكبير،ولا دين نبش القبور ولا شق الصدور ولا اكل القلوب ولا جلد الظهور،وهم بذلك فقط يقدمون خدمة مجانية ،ليس لإسرائيل وحدها،بل للغرب الإستعماري المجرم،بإلباس ديننا صفة الوحشية والإرهاب والقتل.
المهم سماحة الشيخ حسن نصر الله بخروجه وظهوره العلني،فيه الكثير من التحدي لإسرائيل وعنجهيتها وغطرستها،وفي أقواله تاكيدات على إستمرار نهج المقاومة،وبان بوصلة المقاومة والجهاد،هي نحو فلسطين فقط،وسماحة الشيخ حسن نصرالله لا يتعامل مع الأمور بنزق وبردات فعل،فرغم التبدل والتغير في موقف وموقع حماس،إلا انه قال سنبقى نقيم علاقات مع كل فصائل المقاومة الفلسطينية،رغم الخلاف مع البعض منها حول القضية السورية وعدة قضايا اخرىفي المنطقة،إلا اننا في سبيل فلسطين،ننأى بانفسنا عن أية خلافات سياسية ومذهبية وفكرية وغيرها.
سماحة الشيخ حسن نصرالله نموذج نادر في هذا الزمن العربي الردىء،زمن فيه القابضين على مبائدهم كالقابضين على الجمر،زمن يهرول فيه الكثير من العرب نحو امريكا والغرب الإستعماري،وحتى اسرائيل طالبين ودهم ورضاهم،مقابل حماية عروشهم،بل ان الكثير من حكام تلك المشيخات والإقطاعيات،اصبحوا يجاهرون بخيانتهم وتآمرهم.
سيبقى الشيخ حسن رمزاً ورقماً صعباً بما يمثله،في المعادلات العربية والإقليمية والدولية،والمحور والمعسكر الذي ينتمي إليه الشيخ حسن،بات قادراً على رسم استراتيجيات جديدة،نامل ان تسهم في تغير خارطة المنطقة لمصلحة امتنا وشعبنا الفلسطيني.


القدس- فلسطين

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت