بداية أشد ما يؤلمني ويؤلم كافة أفراد الشعب الفلسطيني هو طفرة العداء الجماهيري التي أطلت نحونا من قبل الأشقاء في مصر،وتحميل الشعب الفلسطيني نتائج ما حدث في مصر ،وهذا افتراءا محض لأن الحقيقة غير ذلك للذين لايرون في اللوحة سوى الظلال أقول لهم .. انه من الطبيعي ،أنه لا يمكن لأي فصيل فلسطيني أيا كان أن يسعى لزعزعة أمن مصر ،ولا لعدم استقرار مصر فهذا ظلم كبير ومبالغة شديدة لأن أمن مصر واستقرار مصر يعنينا كفلسطينيين بالدرجة الأولى ،وهي مسئولية يتحمل تبعاتها الإعلام المصري الذي يزج بحالات فردية شاذة ليعممها فتصبح قضية رأي عام وهل نسي أبناء الكنانة في مصر رابطة الدم والمصاهرة والتاريخ والعلاقة الحميمة بين الشعبين ..!!وبالانتقال إلى قلب الموضوع الذي اكتب عنه وهو عما حدث في مصر أقول أن المسألة برمتها لما يحدث في مصر في رابعة العدوية، وميدان النهضة وبعض المحافظات بتحليلي الخاص هي معركة حياة أو موت لحركة أو حزب تأسس في عشرينات القرن الماضي ،قد تفككت أواصره ،فأوشك على الغرق في دياجير المعتركات السياسية ،ولم يعد في الجعبة سوى طلقة واحدة لحماية مكنونات الحزب ،وإلا فالضياع ،والانقراض قادم كما انقرضت الديناصورات في العصور القديمة ..إذا ما يحدث في مصر في الميادين المتأججة والمناهضة لقيادة الجيش و للعسكر أو الحكومة الحالية ، ليس له أي علاقة محضة بالدفاع عن الشرعية أواللاشرعية ،ولا الدفاع عن عودة شخص الرئيس محمد مرسي فحسب ، وإن كانت عودته بمثابة عودة الروح للجسد الواحد ، مما لا شك فيه أن متغيرات الأمور السريعة قد فاجأت حركة الأخوان في مصر ،والتي لطالما حلمت بالوصول إلى سدة الحكم على الأقل لحماية، وتامين أرواحهم ،فهم منذ سنوات طوال ومنذ نشأتهم وهم على علاقة عدائية بالدولة أقصد حكومة الدولة المصرية و دائما مكان اصطفافهم لم يكن إلا في المناهضة للنظام الحاكم ،صحيح أن هناك جماهير غفيرة قد التفت حول تلك الحركة التي تمثل النموذج الإسلامي ،وسط استياء وسخط الناس ضد العلمانية والليبرالية والشيوعية ومعظم حركات التحرر المدنية ،ولما تيقن أولئك الناس أن في سفينة الدين النجاة والخلاص لذا قد اتجهت شريحة من الناس لا يمكن الاستهانة بها من حيث العدد، ولذلك كان التعاطف الجماهيري المؤيد لحركة الإخوان في مصر وازدادت تلك الجماهير بعد ثورة 25يناير مما ساهم ذلك بشكل كبير في إنجاح الحركة، ووصولها لسدة الحكم عبر صناديق الانتخابات الحرة والنزيهة،والتي خاضها الشعب المصري بكل حفاوة ، حقيقة من السهل الوصول إلى أعالي قمم الجبال ،ولكن الصعوبة تكمن في الحفاظ والثبات على رأس القمة ،فكان لابد لمن صعد العلا بألا ينسى أبدا أن هناك من هم في قيعان الأرض يتطلعون بلهفة وشوق وأمل إلى الذين توسموا فيهم الارتقاء والطمأنينة والحرية والعدالة والعيش ،وإشراقه شمس جديدة عسى أن تذيب جليد المآسي ، والأحزان وسلسلة عذابات الماضي المتوالية ،ولما لم يشعر المعذبون في الأرض بأي بصيص أمل لذلك كانت الثورة الجديدة في 30يونيو لم يكن أولئك الذين خرجوا للتغيير بالإطاحة لشخص الرئيس المنتخب محمد مرسي ،ولا لحركة الأخوان المسلمين ولكنهم خرجوا ليقولوا أن الأوضاع قد ازدادت سوء بعدما دخلت جيوب الإخوان التنظيمات المتطرفة والتكفيريين سواء في سيناء أوغير سيناء ، والتي ما تزال تعيث في الأرض الفساد ،والترهيب وترويع الآمنين من قتل.. وخطف.. وسرقة ،وكل هذا تراءى لعامة الشعب أنه يتم بمباركة سيوف الإخوان ..ولذلك خرجت الجماهير لتطالب بتغيير المسار الوضعي البغيض الكالح السواد، وضرورة إتباع نمط جديد يحقق الرفاهية لهم ،أما بخصوص الانحياز من قبل الجيش للجماهير التي احتشدت الميادين ،وأني هنا لا أكن أي عداوة لحركة الإخوان ولا يمكني تجاوز موضوعيتي وإلا لكانت كتاباتي تحيزا وذاتية مفرطة ولذلك في قناعتي أنه لم يكن كذلك ما حدث من قبل الجيش هو مخطط للإنقلاب على الشرعية، بل أن انحيازا عسكريا لما هو أكثر أهمية وخطورة وتأثيرا من الشرعية ..ألا وهي أرادة الجماهير ،وحماية الأمن القومي المصري والذي بات يتهدده أعداء الوطن بلا شك أن النتائج عبر تلك المتغيرات لم يقبل بها كلا الفريقين بين مؤيد للجيش أو معارض ،وبين من انبطحوا في أغوار مصلحي الانقلاب ،أو الثورة ..لكني مازلت أقول برأيي الشخصي لو كان ماحدث في مصر في الآونة الأخيرة يسمى انقلابا فأنا اعرف جيدا أن في الجيش المصري رجال شرفاء لهم من الوعي والإدراك ورؤية الحقيقة ما يجعلهم يتمردون على قيادة الجيش ،ولن يستطيع الفريق السيسي ولا غيره أن يقف أمام إرادتهم الفولاذية ،لكن على النقيض تماما من ذلك لم يكن هناك أي تمرد أو خروج على الحاكم العسكري ،ولوخرج من يقول منهم أي من العسكر عفوا سيادة الوزير نحن نرفض الانسياق لأوامرك ولا نخاف في الله لومة لائم ..،وإلا لتغيرت مفاهيم كثيرة هنا قد يقول البعض أن الجيش يسلم بقرارات القيادة خوفا من الرمي بالرصاص عند رفض الأوامر.. وهنا أجيب أمثال أولئك القوم ما علمنا في خير أجناد الأرض من جبناء ،ولا مدسوسين فلا زالت صورة المؤسسة العسكرية بالرؤية العامة متماسكة ومتوائمة بكل توافق ..وبما أن الأثر يدل على المسير ،والبعرة تدل على البعير إذا ما حدث في مصر ليس انقلابا بل حالة تغيرية جديدة تحتاج الالتفاف حولها والتعامل معها من قبل المجموع ،والذين لابد لهم الاقتناع بأن عجلة التاريخ دوما تتقدم بكل اندفاع للأمام ،ولا يمكن أن ترجع أبدا للوراء كلمة أخيرة إذا كان لحركة الإخوان من نهوض وإحياء لجسد الحركة فعليها أن تصفي وتغربل من انضموا للقافلة والذين أساءوا للحركة فأصبحوا محسوبين عليهم كحلفاء .. أولئك الذين خلقوا وتيرة الحقد والكراهية بين أبناء الشعب ..المخاطبة هي للجيوب الإرهابية التي تستبيح الدماء ،وتعمل على تخريب الوطن ،ثم أن على حركة الإخوان العودة لأحضان الشعب من جديد دون أدني انسلاخ أوتحقير لمن خالفوهم الرأي ،وتفويت الفرصة على المتربصين لمصر ،وأولئك الذين يدفعون الأموال ،ويسخِّرون كاميراتهم ومحطاتهم الفضائية ليس حبا في الدفاع عن إعلاء الحق كما يدعون بل لتقطيع أواصر الوطن واشتعال نار الفتنة ، إذا تفويت الفرصة وهذا يتم من خلال فض الاعتصامات فورا ،وتغليب المصلحة العليا للدولة المصرية التي أصيبت نهضتها بالشلل !!وإلا فالخوف كل الخوف أن يحدث لحركة الإخوان ،ما حدث لليث بن سعد والذي قال عنه الإمام الشافعي: «الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به»أي ضيعوه..!!
وليكن الفاصل الوحيد بين ماحدث من انقلاب على من اعتبره انقلابا أو ثورة من أجل التغيير يحدده استفتاء غير مقصور على الذين خرجوا بالميادين أو الذين اعتصموا هنا أو هناك بل من خلال استفتاء شعبي يليق بعدد سكان مصر من علماء وبسطاء وفلاحين ومدن وبادية ،حتي يصبح معيارا حقيقيا ونتيجة حتمية واضحة المعالم ،وبمراقبة دولية يقبلها الجميع... أتمنى أن تعود ال
روح للجسد المصري ،من جديد !!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت