فلسطين قوية: التعاون التركي الفلسطيني بين القوة والمصالح

بقلم: باسل خليل خضر


رداً على من يدعي ان الفلسطينيون لا يملكون أي من عناصر القوة لاستخدامها في مواجهة القوة الاسرائيلية, سوف اقوم بكتابة سلسلة مقالات تهتم بإظهار عناصر القوة الفلسطينية وكيفية استخدامها, فأن فلسطين تمتلك الكثير من عناصر القوة, مثل علاقاتها مع الدول المتعاطفة مع القضية الفلسطينية, والحق الفلسطيني بحد ذاته عنصر قوة للفلسطينيين, وهذا المقال متخصص في عناصر القوة التي يملكها الفلسطينيين كنتيجة لعلاقاتهم مع تركيا وكيفية تطوير هذه العلاقة والاستفادة منها بشكل جديد.
تركيا الدولة القريبة من العرب والقريبة من القضية الفلسطينية والغيورة على المقدسات الاسلامية, هي في الاصل دولة لها مصالحها, ونحن الفلسطينيين لا نستطيع ولا نعرف كيف يمكن استغلال هذه الدولة لصالحنا وصالح قضيتنا لتشكل مصدر قوة لنا, نستطيع من خلاله مواجهة القوة الاسرائيلية, ولكن ما لم نستطيع فعله تنبه له الاسرائيليين منذ اكثر من عشرون عام, فقد عقدت اسرائيل العديد من الوثائق والتحالفات مع تركيا في عام 1994 و 1996, ولكن المهم في هذه الوثائق هو القدرة الاسرائيلية على استغلال العلاقة مع تركيا لتحقيق مصالحها, فقد جاء في هذه الوثائق انشاء "المنتدى الامني للحوار الاستراتيجي" الذي يهدف الى رصد الاخطار المشتركة وكيفية مواجهتها, فيغلب على هذه الوثائق لغة المصالح المشتركة, فتركيا سمحت بوجود اجهزة تنصت اسرائيلية في تركيا لرصد اية تحركات عسكرية في المنطقة, الا ان اسرائيل يجب ان تزود تركيا بمعلومات وصور الاقمار الصناعية الاسرائيلية واجهزة التنصت والتجسس الالكترونية, غير ان هناك تعاون في تحديث السلاح والدوريات المشتركة, ويعتبر هذا جزء من التعاون العلني ولكن التعاون المخفي هو اعظم واكبر مثل اقامة المشروع الشرق اوسطي.
ليس فقط تحالف عسكري بين اسرائيل وتركيا بل اصبحت تركيا عمقاً استراتيجيا لإسرائيل, وقاعدة تتحرك منها القوات الجوية الاسرائيلية لتضرب ما حولها من اعداء, فقد شكلت الاتفاقية العسكرية التركية-الاسرائيلية 1996 احتكار للقوى المتفوقة في المنطقة العربية وما جوارها, كل ذلك استطاعت اسرائيل تحقيقه في علاقاتها مع تركيا, ونحن اقرب الى تركيا, اما الفلسطينيين فينتظرون مواد تموينية, ومساعدات خيرية, او زكاة اموال الاتراك, او عدد قليل من المنح الدراسية او بعض التعاون الثقافي, من خلال المنظمات والمؤسسات الحكومية والغير حكومية, ومن هنا اوجه دعوة للقيادة الفلسطينية وللكتاب, الى صياغة نوع جديد للعلاقة مع تركيا بحيث تكون لغة المصالح مرتبطة بهذا الشكل الجديد, بحيث تكون العلاقة مع تركيا مصدر قوة للفلسطينيين بشكل فعال, وعندما نقول مصالح مشتركة البعض يقول ما هي مصلحة تركيا مع شعب لا يملك شيء, ولكن اقول لهم شعبنا يملك الكثير من مكامن القوة وكثير من الدول لها مصالح عند فلسطين, واكثر من ذلك ان تركيا لها مصالح كبيرة وكثيرة في الشرق الاوسط.
سنقوم بالبحث؛ كما ادعوا الكتاب ايضاً, عن ما تحتاجه تركيا وما نحتاجه نحن ومحاولة الدمج بينهما لتشكيل مصالح مشتركة, وفي هذا المقال سوف اطرح بعض مصالح تركيا في دعم فلسطين لتحقيق اكبر قدر من التعاون, فهناك العديد من الجوانب التي يمكن من خلالها استغلال تركيا واغرائها لدعم فلسطين وانشاء مصالح مشتركة وهي كالتالي:
1- فلسطين تمثل العمق الاسلامي من خلال وجود المسجد الاقصى واحتلاله, وتركيا دولة ترغب في لعب دور اقليمي, فالعمق الاسلامي هنا ذات اهمية ويمكن استغلاله, فتركيا بحاجة لان تظهر بشكل جميل في الشرق الاوسط ذات الطابع المسلم, فأن اقامة مشاريع لدعم القدس والفلسطينيين الذين يعانون من الاحتلال والظلم, سوف يرفع رصيد شعبية تركيا في المطقة, فمثلا توافد اعداد كبيرة من الخليج العربي للسياحة في تركيا يعود لأسباب عديدة منها تعاطف تركيا مع الفلسطينيين.
2- فلسطين دولة محتله وتعاني ويلات الحصار والظلم الاسرائيلي, وهذا بحد ذاته يجلب لنا التعاطف الدولي, وقد ظهر ذلك التعاطف بشكل كبير عندما قررت فلسطين الذهاب للامم المتحدة للحصول علة دولة مراقب, فأغلب دول العالم ايدت المطلب الفلسطيني بقوة, رغم معارضة الدولة الاقوى في العالم (الولايات المتحدة) الا اننا حصلنا على اغلبية مؤيدة لفلسطين, وهذا التعاطف يمكن استغلاله مع أي دولة لأنه يعتبر عنصر قوة لفلسطين, بحيث انها اذا اقامت تعاون اقتصادي وامني وتجاري وثقافي وتبادل خبرات واستثماري, فأنها حتماً سوف تحصل على التأييد العالمي المتعاطف والمؤيد لفلسطين, فيجب استغلال ذلك من اجل اغراء تركيا واي دولة للحصول على التعاون والدعم لفلسطين.
3- الشعب الفلسطيني مستهلك جيد للبضائع التركية, فأن استهلاك كبير للبضائع مع وجود عدد كبير من العاطلين عن العمل والايدي العاملة, يعتبر ارض خصبة لإقامة المشاريع الاستثمارية, وهذا ما نريده في فلسطين مشاريع استثمارية صناعية وانتاجية وليس معونات خيرية, فنحن بحاجة لتشغيل الكم الكبير من الخريجين والعاطلين عن العمل, وجود المشاريع الاستثمارية يشكل قوة لفلسطين لا يمكن الاستهانة بها, فهي تجعل فلسطين قابلة للتحدي والمواجهة.
4- استغلال الراي العام التركي والوصول الية, فالشعب التركي لن يتردد لحظة واحدة في دعم فلسطين لأنه شعب مسلم, ويمكن استغلال ذلك, فأن أي حكومة تسعى الى تأييد شعبها لها ورضا الشعب عنها, فأن فلسطين توفر للحكومة التركية هذا الرضا اذا ما قامت بدعم حقيقي وفعال لفلسطين من خلال المشاريع الحقيقية والتنموية, فيمكن من هنا تحصل فلسطين على التعاون مع تركيا على اساس مصالح مشتركة.
5- الدفاع عن قضية عادلة, ان أي دولة تريد ان تصبح دولة عظمى تبدأ تبحث عن قضايا عادلة وتتولى مهمة تحقيقها, فأن الولايات المتحدة بدأت بالدفاع عن الديمقراطية والسلام, والاتحاد السوفيتي بدأ بالدفاع عن الشعوب المظلومة, فنحن الان نوفر لتركيا قضية اهم من كل القضايا السابقة لتصعد بها الى قمة الدول العظمى, وكان ذلك ظاهر بقوة خلال التصويت لفلسطين عضوية دولة مراقب, فقد ظهرت تركيا المدافع عن الحق الفلسطيني في الامم المتحدة, ولا يجب اعطاء هذه الميزة لتركيا دون مقابل فيجب استغلال ذلك من اجل فلسطين.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت