يدخل اسم رابعة العدوية تاريخ الأمة الإسلامية هذه المرة من باب التضحية والفداء، وكان اسم رابعة العدوية قد دخل التاريخ الإسلامي من باب التصوف، أو العشق الإلهي، وشخصياً لا أجد فوارق كبيرة بين التضحية والفداء وبين العشق الإلهي، ففي كلا الحالتين يتجرد الإنسان من أغراض الدنيا، ويصفو بعطائه خالصاً لله.
لقد جسد الشعب المصري نموذج التضحية والفداء بشكل يفرض على كل عقلاء العرب والمسلمين أن يستفيدوا من تجربة المصريين في العطاء، وأن يتعلموا من المصريين أصول العشق للوطن، وكيف تقدم الروح رخيصة، ولاسيما أن قيادة التحالف الوطني لدعم الشرعية قد شكلت النموذج الحي للقائد الذي يتقدم جنوده، يفترش الأرض معهم، ويقدم أبناءه ونفسه رخيصة في سبيل قناعته الفكرية والسياسية.
لقد جسدت رابعة العدوية فكرة الحق الذي يتصدى للقوة، ومثلت فكرة الشرعية التي ترفض الاغتصاب، لقد كانت رابعة العدوية قبل محاولات فض اعتصامها مكاناً محدود الأبعاد، فصارت بعد أن نزفت الدم فكرة تطير فوق كل ساحات مصر، وتجتاز المكان بعيداً عبر التاريخ إلى حادث مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، إنها فكرة التضحية والفداء التي ما زالت تثير الإعجاب، وتحرك المشاعر ضد الظلم حتى يومنا هذا.
رابعة العدوية معركة كل عشاق الديمقراطية وحرية الرأي في الأمة العربية، وهي معركة ضد كل عبيد السلطان في بلاد العرب، لأن ما يجري على أرض مصر من أحداث لا تخص الشعب المصري وحده، فما يجري على أرض مصر ليس إلا رافعة النهوض للأمة العربية والإسلامية، وستؤثر على مجمل الشرق، بل ستحدد مصير العالم كما قال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي "ولندسي جراهام" الذي زار مصر أخيراً.
إن مكانة مصر الحضارية والإنسانية لتفرض على كل المخلصين لهذه الأمة من عرب ومسلمين أن يبادروا إلى مد يد العون إلى الشعب المصري، وأن يجتهدوا للتواصل مباشرة بقياداته السياسية والعسكرية، ويدعوهم لحقن الدماء، وأن يعملوا على الخروج من هذه الحالة التي ستجر الدمار والهلال والتمزق على الشعب المصري وعلى الشعب العربي لعشرات السنين. إن مصر قلب العرب، فإن نزف القلب تشنجت أطراف الجسد.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت