انهيار إستراتجية الفوضى ألخلاقه على صخرة الصمود السوري

بقلم: علي ابوحبله


حين أطلقت كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكيه في عهد جورج بوش الابن مصطلح الفوضى ألخلاقه ظن الجميع أن ذلك كان مجرد تصريح ليس إلا ، وحين نجحت الاداره الديموقراطيه في عهد اوباما اعتقد البعض أن تصريحات الفوضى ألخلاقه ليست إلا فقاعات في الهواء ، لكن حقيقة ما نشهده في عالمنا العربي أن الفوضى ألخلاقه هي ضمن استراتجيه امريكيه تسعى لعملية تغيير في العالم العربي ضمن ما ترتئيه الولايات المتحدة لصالحها وصالح حلفائها في المنطقة ضمن مفهوم يقوم على ضرورة تصفية القضية الفلسطينية ضمن مشروع يستهدف العديد من دول العالم العربي ليقود لمرحلة تتطلب الخنوع والاستسلام للمخطط الأمريكي الصهيوني ، من هنا نجد أن مصطلح الفوضى ألخلاقه لم يكن مجرد لعب بالألفاظ والمصطلحات ، لكنه استجابة للخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه إدارة جورج بوش الابن بإعلانها الحرب على العراق وان هذه الحرب هي بفعل إصرار المحافظون الجدد على خوضها خدمة لأهداف وتطلعات إسرائيل إليها لتدمير العراق ومكونات الشعب العراقي وتفكيك الجيش العربي العراقي ، إن أمريكا التي وجدت نفسها بمأزق حربها على العراق فإنها وجدت أن أفضل السبل للوصول إلى أهدافها وغاياتها هو بتفجير الجبهات الداخلية للدول المستهدفة بإحداث الفوضى فيها خدمة وتوطئة للمشروع الأمريكي الصهيوني ، لقد جربت بداية خلق الفوضى في إيران من خلال استغلال الانتخابات الرئاسية السابقة لكنها فشلت في ذلك فشلا ذريعا ، وهي وجدت في بعض مناطق ودول العالم العربي البيئة الحاضنة لعملية إحداث الاضطرابات والفتن الداخلية وهي تسعى في مسعاها هذا لخلق حروب أهليه تسهل عليها إضعاف مقاومة الشعوب واختراقها لهذه الشعوب ، وعليه فان ما يجري في سوريا ولبنان ومصر وليبيا وفلسطين هو ضمن المخطط المرسوم للمخطط الأمريكي من خلال ألاستراتجيه الامريكيه المعتمدة لإضعاف قدرات هذه الدول على الصمود وإضعاف مقاومتها للمخططات الامريكيه الصهيونية في المنطقة ، إن الإرهاب الممارس من قبل المجموعات السياسية الممولة من دول عربيه بدعم أمريكي غربي صهيوني إنما يهدف لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وان الأعمال الارهابيه للتفجيرات التي تشهدها المنطقة هو بهدف زرع الدمار والخراب في تلك البلدان العربية المستهدفة ، تتبارى الاداره الامريكيه تارة لتأييد تلك التفجيرات وبخاصة لتلك التي تحدث في سوريا ولبنان وفي مصر الآن وإذا وجدت أن مصلحتها إدانة تلك الأعمال تدينها بأشد وأقسى العبارات ، وان الذي يحدد طبيعة تلك العمليات الارهابيه هو في طبيعتها الارهابيه في التوافق أو التعارض مع المصالح الامريكيه الصهيونية ، ألاستراتجيه الامريكيه هي من تدفع بالإرهاب في سوريا وهي تقدم الدعم المادي والمعنوي للمجموعات المسلحة وتقدم ألتغطيه السياسية لحلفائها الداعمين للإرهاب في سوريا ، وحقيقة التوصيف للإرهاب ومصطلح الفوضى ألخلاقه هو أصبح ردة فعل للتغطية على الفشل الأمريكي في المنطقة لدرجة أن الفوضى في بعض بلدان العالم العربي أصبحت مصلحه امريكيه مؤقتة وذلك نتيجة الغياب للخطة الامريكيه المستندة للأخذ بمصالح المنطقة والابتعاد عن تحقيق مصالح إسرائيل على حساب مصالح الشعوب العربية ضمن محاولات تصفية القضية الفلسطينية وزرع وتثبيت كيان ديني عنصري في المنطقة ضمن مفهوم يهودية ألدوله ، لم يعد بمقدور أمريكا أن تدعي أن خلقها للفوضى كان تكتيكيا وأنها تسعى لاستقرار المنطقة لأنها تريد في الأصل استقرار للمشرق العربي وأنها لا ترغب أن تعمم الفوضى في العراق على المنطقة لأنها لا ترغب أن تكون مضطرة مع حلفائها في الأطلسي وفي غيره للقتل غير البناء على جبهات عربيه متفجرة ، وان تدخل الأطلسي في ليبيا لم يؤتي أكله وثماره وان ليبيا تعيش الفوضى وهذا ما أربك أمريكا وحلفائها بفشل مخططهم ، وهم في هذا لا يسعون لتكرير ذلك في سوريا وهم يستعملون لغة الحرب الناعمة وهي تدفع لهذه الحرب أهل المنطقة في أن يقتتل بعضهم ببعض ضمن محاولات تحقيق فوائد ونتائج لتلك ألاستراتجيه ، هذه ألاستراتجيه الامريكيه جعلت أمريكا تخسر للعديد من مواقعها لصالح تثبيت مواقع لروسيا في المنطقة ، إن الفوضى ألخلاقه هي خيار استراتيجي حقيقي وليس تكتيكي وقد أخذت أمريكا تدرك خطورة إستراتجيتها بنتيجة فشلها في إدارة أزمة الصراع وبفشل مشروعها الذي اعتبرت الأنموذج التركي مثالها في تحقيق أهداف وغايات إستراتجيتها للفوضى ألخلاقه ، اعتقدت الاداره الامريكيه انه بمقدورها الاستفادة من الواقع المستجد لبلدان الربيع العربي واعتقدت أن الحرية والديموقراطيه التي تنادت لحمل لوائها سيؤتي ثماره لتصطدم مخططاتها على صخرة الصمود السوري من خلال تماسك قوات الجيش العربي السوري وقدراته للتصدي للمجموعات المسلحة ووعي وإدراك الشعب السوري لخطورة المؤامرة التي تستهدف سوريا مما خلق واقعا مستجد ضمن تغير قواعد أللعبه وإنهاء التحكم الأحادي القطبي لأمريكا في حكم العالم ، وأصبح هناك توازن قوه دولي وإقليمي ضمن معادلات تفرض نفسها ووجودها ضمن معادلة التغيير ، لقد شكل سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر ضربه موجعه للسياسة الامريكيه وال استراتيجيه الامريكيه وجعل الاداره الامريكيه مربكه في كيفية معالجة الوضع المستجد على الساحة الامريكيه بعد أن استطاع الجيش المصري أن يغير في قواعد أللعبه ويربك الاداره الامريكيه وإستراتجيتها في إدارتها للفوضى ألخلاقه في المنطقة ، إن المضمون النظري لإستراتجية الفوضى ألخلاقه هي في ورقة عمل قدمتها مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأوسط وهي ذات ميول صهيونيه إلى الخارجية الامريكيه وملخص ما أوردته تلك الورقة هو الإيحاء بان الأفضل لإدارة جورج بوش الابن أن تشجع على حالة الغليان وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط ما دام الخلاف مع الحكام والمعارضين يؤدي إلى إنتاج حالات من الهدوء والطمانينه على الساحة الامريكيه ويحقق الأمن والاستقرار لإسرائيل ، وهناك أفكار ومقالات للعضو البار في معهد المشروع الأمريكي مايكل ليدن وهو احد أصحاب النفوذ في دائرة المحافظين الجدد واحد ابرز من يعهد إليهم المركز بوضع التصورات والخطط التفصيلية التي تبنى عليها السياسات الامريكيه في الشرق الأوسط عامة والدول العربية خاصة ، وقد ارتبط اسم ليدن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بنظرية التدمير والبناء التي خرج بها كمحصله لعمله في عام 2003 مع مجموعه من خبراء معهد المشروع الأمريكي ويقضي بإعداد مشروع التغيير الكامل في الشرق الأوسط والمقرر تنفيذه خلال عشر سنوات ويشمل إجراء إصلاحات سياسيه واجتماعيه واقتصاديه شامله في كل دول المنطقة عبر إستراتجية الهدم ثم إعادة البناء ، وكانت وزير الخارجية الأمريكي كوندليزا رايس هي صاحبة الفضل في تحول هذا التعبير إلى مصطلح صار الكثيرون يعولون عليه في فهم ألاستراتجيه الامريكيه الجديدة في المنطقة ، وفي حديثها الشهير لصحيفة واشنطن بوست الامريكيه ردت على استفسار حول كون التفاعلات التي تموج بها هذه المنطقة من العالم لا تترك مجالا سوى للاختيار بين الفوضى أو سيطرة الجماعات الاسلاميه على السلطة ولن تؤدي بالضرورة إلى انتصار الديموقراطيه بالقول أن الفوضى التي تفرزها عملية التحول الديمقراطي في البداية هي نوع من الفوضى ألخلاقه التي لربما تنتج وضعا أفضل تعيشه المنطقة حاليا ، هكذا تراوح مضمون التصور الأمريكي لمفهوم الفوضى بين عدد من المعاني المتقاربة ابتداء من تصريحات رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي إبان جورج بوش الابن التي سوت بين الفوضى وحرية التخريب مرورا بمقترحات معهد واشنطن ومعهد المشروع الأمريكي التي أوصت بنشر الفوضى في الشرق الأوسط إما لتصدير المشاكل الداخلية في الولايات المتحدة الامريكيه وإما لتهيئة بيئة داخليه في بلدان الشرق الأوسط كمقدمه لتغييرها وانتهاء بتصريحات رايس التي اعتبرت انتشار الفوضى ضريبة تحول نحو الديموقراطيه ، إن الحرب الناعمة التي تعتمدها الاداره الديموقراطيه لا يتعارض ومفهوم الفوضى ألخلاقه وهي ضمن إستراتجية أمريكا في قيادتها للإرهاب في المنطقة ، وان أمريكا تتبنى اصطلاح الحرب الناعمة أو حرب الاستحواذ بوجهة نظرها كاستراتيجيه في سياستها الخارجية فالفوضى التي تعتقد الاداره الامريكيه أنها تمارسها في المنطقة هي نوع من الفوضى الموجهة والقائمة على افتراض قابلية منظومة أوضاع الشرق الأوسط لإعادة الانتظام وفق ترتيب معين يحقق مصالح أمريكا ، وقد اجتهدت الاداره الامريكيه من خلال تبنيها لسيناريو حرب الأفكار من خلال محاولة فرض مناخ فكري يحقق لها بيئة آمنه للتواجد المستقر ، لكن أمام صمود سوريا وتماسك الجيش العربي السوري وقدرة السوريين من التأقلم مع الفوضى التي خلقتها ألاستراتجيه الامريكيه ودعمتها دول النظام التابعة لأمريكا ضمن دعم المجموعات المسلحة لإحداث الفوضى هذا الصمود السوري عرى ألاستراتجيه الامريكيه للفوضى ألخلاقه أو الحرب الناعمة وانه بفضل الصمود السوري انعكس بمردود على الشعب المصري الذي قاد عملية تمرد على أهداف ثورة الربيع العربي المدعومة أمريكا لفرض واقع جديد على ألامه العربية ضمن ما سعت الاداره الامريكيه لتحقيقه ، هل نشهد أمام واقع الصمود السوري وتحقيقه لنجاحات على الأرض وأمام المشهد المصري والحالة التي تشهدها ليبيا والتغير للمزاج الشعبي التونسي وصمود لبنان في وجه الهجمة الارهابيه التي يتعرض لها انهيار ألاستراتجيه الامريكيه لمفهوم الفوضى ألخلاقه ، وهل نحن أمام تغيرات مستقبليه تؤدي لخسران أمريكا لمواقعها ومصالحها بفعل سياستها ودعمها لأمن إسرائيل ، وهل خسرت أمريكا بفعل انهيار إستراتجيتها وإدارتها للفوضى ألخلاقه من وجودها كقوة أحاديه مهيمنة ، مما خلق حاله من التوازن الدولي والإقليمي مؤداه فشل إستراتجية الفوضى ألخلاقه الذي أدى للفشل الأمريكي في سياستها التي استهدفت الهدم والبناء واستهدفت سياسة الاحتواء لدول وحركات المنطقة حيث فشلت سياسة الاستحواذ وان النموذج المصري قد يكون احد أهم ما خسرته أمريكا بعد أن لم تستطع التغيير في البنية السورية والتوجهات السورية التي ما زالت على موقفها الداعم والمؤيد لمحور المقاومة والممانعة






جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت