قراءة تحليلية فى اللعبة الأمريكية

بقلم: ناصر إسماعيل اليافاوي


من الواضح أنه منذ سقوط جدار برلين وانهيار الإمبراطورية السوفيتية وجدت الولايات المتحدة ضالتها في الهيمنة على العالم ليصبح أحادي القطب، وبدا حل القضايا العالمية على الطريقة الأميركية مثل الوطن العربي والشرق الأوسط، البوسنة، والصومال. وكان مؤتمر مدريد للسلام عام 91 بعد ضرب العراق وعزله، الفرصة المثالية لترسخ واشنطن أقدامها في الخليج، قواعد وأساطيل وأسواقاً للسلاح، وانفرط العقد بعيداً عن مرجعية الأمم المتحدة، ونتاجاً لهذه الهيمنة الأمريكية على العالم همشت الولايات المتحدة في كثير من خطواتها عن الأمم المتحدة بل توصل الأمر إلى استخدام موظفيها لأغراضها الخاصة ،مثل تجسس فرق التفتيش عن الأسلحة العراقية لحساب وكالة المخابرات الأميركية الـ CIA.
انطلاقا مما سبق خرجت إلينا أمريكيا بمفاهيم تضليلية حول لعبة الديمقراطية

المسألة جديدة ولكنها نوع من التداعيات للمد الديمقراطي ومن الصعوبة أن نحدد من أين اندلعت هذه النقطة في واشنطن ولكن المحصلة أن هناك نوع من الإجماع العام على أن الشرق الأوسط فيه خلل وأن الديكتاتوريات تحاول أن تغذي التطرف الإسلامي وأن المنطقة في حاجة بشكل أو بآخر إلى الانفتاح نحو الليبرالية ويحاولون أن يجدوا حلا لهذا.

وسعياً لعولمة هذه الخطوة وكسب تأييد الجانب الأوربي ،نجد الإدارة الأميركية تحاول تأسيس قناعتها بما شكله خطاب الرئيس الأميركي فيما يتعلق بديمقراطية المجتمعات العربية من خلال اعتماد هذه القناعة من قبل القوى الصناعية العظمى حيث أن الإدارة الأميركية بدأت تكتشف التكاليف الباهظة المترتبة عن مثل هذا المشروع فتطوير المشروع الديمقراطي هو قضية معقدة ومركبة وتتطلب وقتا واستثمارا هائلا ،ومن ثم الحقيقة بدأت الإدارة الأميركية تدرك أهمية مشاركة القوى الصناعية الكبرى ، وخاصة الأوروبية سياسيا واقتصاديا ومعنويا في مساعدتها على القيام بمثل هذه المبادرة في الشرق الأوسط مستغلة رغبة أوروبا في إيجاد صيغ تعاون إقليمية وسعيها تقسيم منطقة العالم العربي لتعاون أمني مع شمال أفريقيا وتعاون اقتصادي مع البحر المتوسط وتعاون اقتصادي أيضا مع دول الخليج، فبالتالي هناك عدة محاولات لإعادة تعريف المنطقة ولصياغة علاقات معينة خارج مفهوم الوضع السياسي والصراع العربي الإسرائيلي ومحاولة تطبيع علاقات مسبقة.

الشارع العربي يرى أن من مصلحة الدول العربية أن تقوم بتحول ذاتي ديمقراطي وبتطوير وبعملية إنماء متكاملة وعلى حكوماته التي تبنت السلام كخيار استراتيجي أن تتبنى استراتيجية للسلام واستراتيجية تحول ديمقراطي وتنمية وهذه قضايا لابد وأن تسير بقرار داخلي. وهذا يتطلب نظرة أكثر دقة وتمحص في الواقع العربي. لأن أي تدخل خارجي في هذه الشئون لن يكون له ثمرة إيجابية ولاسيما اذا كان التدخل أمريكيا فهذا لن يجد قبولا وإن كان الرفض ليس للاصلاح في حد ذاته وإنما الرفض للوجود الأجنبي وتعليل ذلك يعود إلى أسباب كثيرة مثل الدعم الأمريكي الأعمى لإسرائيل والذي أحدث خللاً كبيراً بالمنطقة نتيجة للتحالف والاندماج الاستراتيجي بين الدولتين، وقضية فلسطين والوجود الأمريكي في العراق، والتهديد بمحاسبة سوريا، والاصرار على نزع الأظافر العسكرية الإيرانية بوصفها دولة مسلمة، كل هذا أفقد أمريكا مصداقيتها في أنها تريد بهذه المنطقة خيراً.

ومما يزيد من هذا التشاؤم هو الفهم الجيد لخلفية هذه المبادرة إذ أنها تنطلق من قناعة الولايات المتحدة الأمريكية بأن هناك علاقة عضوية بين الحركات الدينية والعنف من ناحية وغياب الديمقراطيات في المجتمعات العربية من ناحية أخرى ، لذا سعت فاشلة إلى تقارب مع حركات دينية تقنعها بأنها وسطية لضرب تيار بتيار وإخراج المعتدل للسطح ومن ثم تقويضه لتكون في النهاية الغلبة لإسرائيل

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت