ألأوضاع المائية في ألأراضي الفلسطينية وصلت الى حالة الكارثة لم يعد ممكنا بقاء قضايا المياه العاجلة رهن بمفاوضات مجهولة

بقلم: المهندس فضل كعوش


وصل الوضع المائي في ألأراضي الفلسطينية ، الى حالة حرجة للغاية ، لم يعد يحتمل المزيد من ألأنتظار والمماطلة ، ولم يعد بألأمكان إبقاء قضايا المياه مرتبطة بمصير مفاوضات مجهولة لفترة 20 عاما اخرى ، قطاع غزة يواجه منذ عدة سنوات كارثة مائية وبيئية مدمرة ، وأزمات مياه وعطش حادة وخانقة ومتفاقمة تسود معظم مناطق الضفة الغربية . ألأسرائيليون يعرفون كل ذلك ولكنهم غير معنيين بمعاناة الفلسطينيين وما يواجههم من مخاطر كبيرة في كافة مناحي حياتهم ومن ضمنها كوارث وأزمات المياه .

نسبة 95% من مصادر المياه الجوفية في قطاع غزة لم تعد صالحة للأستخدام ، بسبب اتساع مناطق الملوحة العالية داخل الطبقات الصخرية الحاملة للمياه الجوفية وبسبب تعرض تلك الطبقات للتلوث . سيطرة وتحكم واستنزاف اسرائيلي كامل ومستمر لكافة أحواض المياه الجوفية والسطحية الفلسطينية المنشأ في الضفة الغربية ، وتحويل كامل لمياه نهر ألأردن ، وتجفيف وتدمير بيئة الجزء الجنوبي من النهر ، وتحويل منطقة ألأغوار الفلسطينية الى منطق شبه صحراوية .
منذ إنطلاق عملية السلام في مدريد عام 1991 ، لم يبادر ألأسرائيليون بأية خطوة عملية على أرض الواقع ، لأثبات حسن نواياهم في مجال المياه ، هذا لو كانت لديهم حسن نوايا ورغبة حقيقية في السلام مع جيرانهم ، بل ما قام به ألأسرائيليون من إجراءات وممارسات فعلية على ارض الواقع كانت عكس ذلك تماما ، فقد أثبتوا بموجب تلك الممارسات ، مصداقية سوء نواياهم ، على ألأقل في مجال المياه كما ذكرنا ، حيث استمروا في عمليات ألأستنزاف القصوي لأحواض المياه الجوفية الفلسطينية الثلاثة وهي : الحوضين الرئيسيين الغربي والشمالي الشرقي وكذلك الحوض الشرقي ، مما ادى الى جفاف معظم الينابيع وألأبار الزراعية الفلسطينية التي كانت تشكل مصدرا هاما للفلسطينيين للحصول على بعض حاجتهم من المياه . و منعوا الفلسطينيين من القيام في حفر ألأبار لأغراض الشرب ، لسد الحد ألأدنى من إحتياجاتهم من المياه .
كما حرموا الفلسطينيين من ألأنتفاع بحقوقهم في مياه نهر ألأردن منذ العام 1964 وهذا ألأجراء كان بمثابة جريمة قانونية وأخلاقية بحق الفلسطينيين وحقوقهم كطرف مشاطيء وشريك كامل في الحوض ، وفق مباديء ومرجعيات القانون الدولي ، هذه الجريمة الكبرى ادت الى تدمير شبه كامل للأراضي الزراعية في منطقة الأغوار ، سلة غذاء فلسطين سابقا ً،كما تسببوا في جريمة أخرى أكبر من جريمة ألأغوار ، وهي الكارثة البيئية والمائية المدمرة التي حلت بقطاع غزة نتيجة للضغط القاهر على مصادر المياه الجوفية ، والتي تتحمل اسرائيل كافة تبعياتها وأسبابها المباشرة وغير المباشرة ، وغير ذلك من الممارسات العدائية الهادفة الى المزيد من تعطيش الفلسطينيين وتجفيف عروقهم وتدمير اراضيهم الزراعية .
أي بخلاصة شديدة ألأسرائيليون غير معنيين بحياة الفلسطينيين ومعاناتهم ، وغير معنيين ببقاءهم في وطنهم ويا حبذا لهم ، لو هاجر جميع الفلسطينيين من فلسطين ليحققوا بذلك الحلم الكبير الذي طالما راود القادة الصهاينة عبر التاريخ :
" فلسطين التاريخية يهودية بكاملها وبدون الفلسطينيين" ....


لا علاقة للسلام المزعوم ، الذي يدعي ألأسرائيليون رغبتهم في تحقيقه مع جيرانهم الفلسطينيين ، بالحقوق والمطالب الفلسطينية المشروعة ، بشأن كافة القضايا التفاوضية، ومن ضمنها حقوق المياه المغتصبة ، بل كل ما يهم ألأسرائيليين وما يسعون اليه هو فرض اجندتهم السياسية وفي مقدمتها ، ما يسمى حدود ألأمن ألأسرائيلي ، ويهودية الدولة ، وتشريع ألأستيطان وضمان امتداده وتوسيعه من خلال ما اصبح يعرف بصفقة تبادل ألأراضي ، وتثبيت جدار الفصل العنصري كحدود سياسية دائمة ، وتجزئة الضفة الغربية الى كانتونات معزولة ، وبقاء الجيش الأسرائيلي في منطقة ألأغوار وعلى الحدود الشرقية مع ألأردن لعقود طويلة ، مع رفض الأعتراف والعودة الى حدود عام 1967 ورفض قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي كمرجعيات أساسية للمفاوضات النهائية ، والتمسك والتشدد بأللاءات ألأسرائيلية تجاه كافة القضايا الجوهرية للحقوق الفلسطينية المشروعة .


ملف المياه وقضايا المياه ضمن ملفات الوضع الدائم ، لا زال هذا الملف ينتظر نتائج علم الغيب على طاولة المفاوضات المجهولة . الموقف ألأسرائيلي تجاه الحقوق المائية الفلسطينية موقفا معروفا ً بالتشدد والعنصرية والرفض والتنكر لتلك الحقوق ، وقد تنصل ألأسرائيليون من إلتزاماتتهم التي وقعوا عليها ، وفق المادة ألأربعون من إتفاقية اوسلو2 لعام 1995 بشأن المياه .


هذا الملف الهام لا يزال على طاولة المفاوضات كما اشرنا ، بأنتظار البحث منذ اكثر من 15 عاما ضمن ملفات وقضايا الوضع الدائم ، ويواجه ملف المياه ، لاءات اسرائيلية متشددة مثله مثل باقي الملفات ألأخرى للوضع الدائم والتي تشمل قضايا : القدس واللاجئين وألأستيطان والحدود والجدار وغور وادي ألأردن وغيرها من القضايا الجوهرية .
عناوين اللاءات الأسرائيلية بشأن قضايا المياه معروفة ومكررة في كل مناسبة ، كما صرح بذلك أكثر من مسؤول إسرائيلي سياسي ومهني وكما سمعها المفاوض الفلسطيني مرارا وتكرارا ، إما مباشرة من على طاولة المفاوضات خلال اللقاءات التي عقدت في كافة مراحلها ألأنتقالية والنهائية ، او من خلال اللقاءات ألأخرى وخاصة ألأجتماعات الدورية للجنة المياه المشتركة ، وايضا من خلال اجتماعات مجموعة العمل حول المياه المنبثقة عن المسار متعدد ألأطراف لعملية السلام وغيرها . يقول الأسرائيليون ويعيدون القول بما يخص ملف وقضايا المياه ، وبلغة أللاءات والتشدد ، وهي اللغة الوحيدة التي يجيدها مفاوضيهم :
• لم تعد توجد مياه عذبة في ألأحواض المائية المشتركة ، للتفاوض حولها مع الفلسطينيين ، كافة مصادر المياه العذبة مستخدمة فوق طاقتها وبالتالي لم تعد توجد مياه قابلة للتفاوض ، ولن نعيد ليترا واحدا من مياه مستخدمة من قبل مواطني اسرائيل ، وهذا ألأمر منتهي بالنسبة لنا ولكن الفلسطينيين مع ألأسف الشديد لا زالوا يتوهمون ويصرون على تكرار عبارات لا معنى لها ، ولا تفيدهم بشيء ، مثل عبارة حقوق المياه وإستعادة السيادة على مصادر المياه وغير ذلك .
• المفاوضات بشأن قضايا المياه ،ستكون فقط حول مصادر مياه إضافية غير تقليدية ، من ضمنها مشاريع مركزية مشتركة لتحلية مياه البحر ، بما في ذلك المياه المحلاة التي سيتم انتاجها من مشروع قناة البحرين اذا ما نفذ هذا المشروع ، وإستيراد المياه من دول أخرى ، و وتطوير إعادة إستخدام مياه المجاري المعالجة لأغراض الري ، وتوسيع وسائل إستخدام تقنيات الري ، وغير ذلك .
• لن يسمح الأسرائيليون للفلسطينيين القيام بحفر بئرا واحدة في مناطق الحوضين الشمالي الشرقي والغربي ،إذا ما تبين ان هذا ألأمر قد يلحق ضررا من النواحي الهيدروجيولوجية بأبارهم المنتشرة على امتداد الخط ألأخضر غربا وشمالا ً، او بأبارهم المحفورة داخل حدود الضفة الغربية .
• الحقوق المائية التي يطالب بها الفلسطينيون لن تكون بأي شكل من ألأشكال حقوق سيادية، لا سيادة لأحد على أحواض مائية مستخدمة من قبل ألأسرائيليين، للفلسطينيين الحق في الحصول على ما يحتاجونه من المياه للأغراض المنزلية فقط ولبعض الصناعات إن توفرت ، وبأسعار مماثلة لما يدفعه ألأسرائيليون ، ولن يسمح للفلسطينيين بتبذير مصادر المياه العذبة لأغراض الزراعة .
• لا يوجد للفلسطينيين ما يدعونه ويسمونه بحقوق مياه في حوض نهر ألأردن ، ما يمكن مناقشته والحديث عنه في هذا الصدد ،قد يتعلق بحقوقهم في مياه ألأودية الجانبية المشتركة بيننا وبينهم ، ليس الا ، ولن تعيد اسرائيل للفلسطينيين مترا واحدا من منابع المياه لنهر ألأردن العلوي ، لأن الفلسطينيين ليسوا شركاء في هذا الحوض .
هذه هي خلاصة الموقف الأسرائيلي التفاوضي الذي طرحوه على طاولة المفاوضات سابقا خلال الفترة 2008-2009 ، وهو نفس الموقف الي سطرحونه غدا ً اوبعد غد على طاولة المفاوضات في مراحلها القادمة ، موقف ثابت بشأن ملف المياه ، لن يحيدوا عنه قيد أنملة ، وهذا ما أثبتته السنوات العشرين الماضية : " لا مياه إضافية للفلسطينيين ، ولن يحصل الفلسطينيون على اكثر مما لديهم ألأن ، لا توجد مياه زائدة عن الحاجة لأعطائها لهم ، وحقوق الفلسطينيين هي حقوق إستخدام وإحتياجات ووفق المتاح فقط ، ولن يكون أي نقاش على طاولة المفاوضات ، يتضمن عبارة استعادة ليتر واحد من المياه المستخدمة من قبل ألأسرائيليين . ولن يقبل الأسرائيليون اي نقاش حول مسألة السيادة الفلسطينية على على اي مصدر من مصادر المياه المشتركة والمستخدمة بكامل طاقتها ، سطحية كانت ام جوفية ، والفلسطينيون ليسوا مشاطئين ولا شركاء في حوض نهر ألأردن " .....
في ضوء ما تقدم ، نكرر ما طرحناه سابقا ً ، كوجهة نظر مبنية على دروس وعبر مكتسبة ، بأن المفاوض الفلسطيني قد إرتكب حسب إعتقادنا خطأ كبيرا ، عندما وافق على تأجيل البحث في ملف المياه الى مرحلة مفاوضات الوضع الدائم ، خاصة وأن المفاوض الفلسطيني كان أكثر العارفين بحقيقة وطبيعة ألأوضاع المائية المتردية والسيئة جدا ً في الضفة الغربية وقطاع غزة على السواء ، والتي كانت سائدة قبل انطلاق عملية السلام في مدريد عام 1991 ، وبأن طبيعة تلك ألأوضاع وأبعادها المتفاقمة كانت تتطلب حلول عاجلة ، ولم تكن تتحمل ألتأجيل ، تلك ألأوضاع بقيت الى حد كبير على ما هي بعد عملية السلام ، ولا زالت على ما هي من تدهور مستمر الى ألأسوأ سنة بعد سنة حتى ألأن ، حيث بلغت طبيعتها وأبعادها مستوى خطير ، يمكن وصفه بالكارثة البيئية والمائية . وكما اسلفنا كان المفاوض الفلسطيني يعرف جيدا هذه الحقائق ويعرف طبيعة وأبعاد أزمات المياه الحادة التي انهكت حياة الفلسطينيين في معظم المناطق ، وأثرها السلبي الكبير على كافة برامج التنمية الفلسطينية ، وبالتالي لم يكن قرار الموافقة على تأجيل ملف المياه ، قرارا حكيما ، لأنه تسبب في تجميد قضايا حياتية وحيوية هامة جدا لسنوات طويلة ، تخطت ال15 سنة حتى ألأن ، ولم تكن تلك القضايا تتحمل ألتأجيل لسنة واحدة ، كما ان قرار التأجيل قيد ملف المياه وأخضعه للاءات ألأسرائيلية ولسياسة المماطلة والعرقلة المتعمدة ، وأعطى هذا ألتأجيل في نفس الوقت للأسرائيليين الذريعة والفرصة للأستمرار في عمليات ألأستنزاف للأحواض المائية الجوفية وفي تجفيف وتدمير بيئة الجزء السفلي لنهر ألأردن ، وفرض ما يدعي ألأسرائيليون بانها حقوق مكتسبة وسياسة ألأمر الواقع .
ويخشى مجددا ان يبقى هذا الملف رهينة لتلك اللاءات ولنفس السياسات ، ولسنوات وعقود أخرى طويلة ، في ظل تفاقم وإزدياد حدة أزمات المياه في الضفة الغربية ووصولها الى حالة حرجة جدا في العديد من المناطق السكنية بما في ذلك المدن الكبرى ، وتحول ابعادها الى كارثة بيئية وصحية في قطاع غزة كما سبق واشرنا اعلاه ، إستنادا الى العديد من الدراسات والتقارير العلمية التي اجمعت عليها معظم الجهات المحلية والدولية التي تابعت وتتابع هذ ألأمر عن كثب .
في ضوء التعنت ألأسرائيلي وتنكره للحقوق الفلسطينية بشأن كافة القضايا الجوهرية للوضع الدائم ، بما في ذلك قضايا المياه ، فهل سيتمكن المفاوض الفلسطيني من خرق هذا التعنت والرفض المستمر على مدار ما يزيد على 20 عاما من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة ...؟ وهل هناك أي إشارة تدل على أن الكيان الصهيوني قد يدرك انه لا يمكن تحقيق السلام مع الفلسطينيين في ظل إستمرار الهيمنة والسيطرة والتنكر للحقوق الفلسطينية المشروعة ، وخاصة ما يتعلق بمسألة حقوق المياه ، بهدف إبقاء الفلسطينيين يعانون ويلات العطش وأزمات نقص المياه الحادة الى ألأبد .
كافة المؤشرات والحقائق الميدانية ، المتعلقة بالمعطيات البيئية والهيدرولوجية ووفق معاييرها وأبعادها السجيلة الميدانية ، تثبت طبيعة المخاوف الحقيقية التي اصبحت تتهدد سلامة وديمومة مصادر المياه المتبقية ، وهي أهم مقومات الحياة والبقاء ، وأهم ما يمتلكه ألأنسان ، فألأراضي الفلسطينية تعيش منذ عدة سنوات ، كارثة مائية وبيئية متفاقمة ومدمرة ، تتمثل أبعادها بأزمات العطش ونقص المياه ، التي اصبحت تزداد حدتها يوما بعد يوم ، في معظم مناطق الضفة الغربية دون استثناء ، وإتساع مناطق التلوث والملوحة العالية في معظم أبار المياه في قطاع غزة . لم يعد الوضع المائي في الأراضي الفلسطينية قابلا ً للأنتظار لسنوات اخرى ، قد يفقد الفلسطينيون خلالها كامل النظام النظام الجوفي وهو المصدر الوحيد المتاح لدى الفلسطينيين ، اذا لم يستعيدوا عاجلا ً، وليس آجلا ً، حقوقهم المائية كاملة في أحواض المياه الجوفية وفي حوض نهر ألأردن خاصة ، وبالتوازي مع ذلك يمكن الشروع في تطوير مصادر مياه إضافية غير تقليدية تشمل تحلية مياه البحر وإعادة إستخدام مياه المجاري المعالجة في الزراعة على نطاق واسع .
لم يعد الوضع المائي يحتمل إنتظار مفاوضات مجهولة ، ولم يعد يوجد امل من هذه المفاوضات على ما يبدو في إستعادة الفلسطينيين لحقوقهم المشروعة ، بما في ذلك الحقوق المائية ، ولم يعد الوضع المائي في قطاع غزة خاصة يحتمل اللقاءات والوعود التفاوضية ، وما يعقب تلك اللقاءات من تصريحات وخطب ومبررات ملَّ الفلسطينيون منها .
الفلسطينيون يواجهون كارثة مائية وبيئية حقيقية في قطاع غزة ، وأزمات مياه حادة ومتفاقمة في معظم مناطق الضفة الغربية ، مصادر المياه المتاحة لدى الفلسطينيين ، لم تعد تكفي لسد 27 % من إحتياجاتهم الفعلية ، والفجوة بين المتاح والطلب في ازدياد كبير ، مع ازدياد عدد السكان ، وما يصاحب ذللك من اتساع في عمليات الضخ الجائر وألأستنزاف ومخاطر الملوحة العالية والتلوث بأشكاله لمصادر المياه الجوفية ، الى جانب التأثيرات السلبية الكبيرة لظاهرة التغير المناخي التي باتت تشكل هي ألأخرى عاملا ً إضافيا ً يتهدد مصادر المياه العذبة .
امام هذه التحديات الكبيرة ، بأبعادها الخطيرة جدا على الوضع المائي الفلسطينيي ، فقد بات من المصلحة الفلسطينية العليا حسم الأمور المتعلقة بالمياه والبت بشأنها بدون اي تأجيل أو تأخير ، وعدم ابقاء قضايا المياه العاجلة رهن لسياسة المماطلة ألأسرائيلية ، او رهن لمفاوضات مجهولة ، وتحميل ألأسرائيليين المسؤولية الكاملة امام المجتمع الدولي ومؤسساته تجاه ما يواجه الفلسطينيين من مخاطر بيئية مدمرة في حالة إصرارهم ورفضهم انهاء ملف المياه في العاجل ، حيث لم تعد مشاكل المياه محصورة في ازمات نقص موارد المياه ، بل في طبيعة المخاطر التي تتهدد سلامة وديمومة الأحواض المائية الجوفية كما سبق وأشرنا أعلاه .
ولتحقيق ذلك يتطلب حسب إعتقادنا ورؤيتنا لهذا ألأمر ، ان يتم فصل ملف المياه عن الملفات التفاوضية ألجوهرية ألأخرى للوضع الدائم ، والشروع في بحث المسائل العاجلة بشأن المياه وفي مقدمتها تحديد واقرار الحقوق المائية لكل طرف في أحواض المياه المشتركة ، وآليات وأوجه التعاون الفلسطيني ألأسرائيلي في مجال المياه على اساس ألأحترام المتبادل والمنفعة المشتركة في حماية البيئة المائية لكامل نظام ألأحواض المائية المشتركة ، كأولوية هامة ، وفي تطوير مصادر مياه غير تقليدية وفي مقدمتها تحلية مياه البحر ، وإعادة إستخدام مياه المجاري المعالجة في الزراعة وإقرار العمل بمبدأ التبادلية لمصادر المياه بنوعيها التقليدي وغير التقليدي ، وفق ألأحتياجات المطلوبة وحسب جغرافية المناطق المحتاجة . وهذه أمور فنية بالدرجة ألأولى ، لا يعيق تنفيذها اي سبب سياسي أخر .
يشكل الوضع المائي المأساوي بل والكارثي المتفاقم في بعديه الكمي والنوعي أكبر وأهم التحديات والهموم التي واجهت ولا زالت تواجه حياة الفلسطينيين وتزيد من معاناتهم وفقرهم، منذ العام 1967 وقد تمتد ابعادها ، لتشكل اكبر واهم العقبات التي ستواجه قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وخاصة ما سيواجه هذه الدولة من تحديات وصعوبات في تحقيق برامجها التنموية ألأساسية التي تشكل المياه عمادها ألأساسي .
ففي الضفة الغربية لا تزال ازمات المياه بحدتها المتفاقمة ، تزيد حياة الفلسطينيين معاناة وقساوة ، فنسبة تزيد على 32% من مجموع التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية والمقدرة بحوالي 620 تجمعأ سكنيا ، تشمل الخرب والقرى والبلدات والمدن الكبرى ، لا يزال اهالي تلك التجمعات حتى هذا اليوم يفتقرون كليا لمصادر المياه العذبة الصالحة للشرب ، ولا زال عدد كبير جدا منهم يعتمدون على ألأبار الزراعية السطحية والضحلة احيانا ، او على تصريف بعض العيون والينابع الشحيحة المتبقية ، وفي البعض ألأخر من تلك التجمعات وعددها كبير ، لا يزال اهاليها يلجأون مضطرين الى شراء المياه من باعة التنكات المتنقلة ، وهي مياه غير مراقبة وغير آمنة من النواحي الصحية ، وبأسعار مرهقة جدا لهم ، يصل سعر المتر الكمعب الواحد الى اكثر من خمسة دولارات احيانا ، كما ان هناك عددا كبيرا من القرى والبلدات وأحياء كبرى في بعض المدن الفلسطينية ، لا زال اهلها يعانون من نقص شديد ومتزيدا في موارد المياه المتاحة وخاصة خلال فترات الصيف ، حيث لا يتجاوز معدل ما يحصل عليه الفرد الفلسطيني من المياه لأغراض الشرب والمنزل وكذلك للأحتياجات الصناعية في التجمعات السكنية المخدومة بشبكات مياه ، بما في ذلك المدن الكبرى، الى اقل من 70 ليتر في اليوم ، علما بأن معدل نسبة الفاقد من الشبكات ، عالية جدا ولا تقل عن معدل 40% لأسباب عديدة أهمها قدم وإهتراء أجزاء كبيرة من الخطوط الرئيسية وشبكات توزيع المياه .
كان الفلسطينيون في السابق يعتمدون على مياه ألأبار الزراعية ذات ألأنتاجية الوفيرة والعالية ، وعلى تصريف مياه الينابيع الغزيرة ، خاصة وان نصف التجمعات الفلسطينية ، لم تكن تتوفر لديها في انظمة لخطوط وشبكات نقل وتوزيع المياه ، كما ان باقي التجمعات كانت لديها شبكات جزئية وبقدرات فنية محدودة ، ولم تكن تغطي كافة المناطق السكنية داخل تلك التجمعات ، ولا يزال يوجد في الضفة الغربية وكما اسلفنا اعلاه عدد كبير من التجمعات السكنية الفلسطينية منها قرى وبلدات كبرى يزيد عدد سكان التجمع الواحد منها على خمسة الاف مواطن ، تفتقر تلك التجمعات الى مصادر المياه العذبة الصالحة للشرب وألأستخدامات المنزلية ، ويفتقر بعضها الى انظمة النقل والتخزين وتوزيع المياه حتى يومنا هذا .
ونظرا للتغيرات المناخية الحاصلة ، وما يصاحبها من إرتفاع في درجات الحرارة وتراجع معدلات ألأمطار وامتداد مواسم الجفاف لفترات اطول ، مع ازدياد الطلب على المياه نتيجة للنمو في عدد السكان ، فقد إزداد الضغط على ألأحواض المائية الجوفية ، وهي مصادر المياه الوحيدة المحدودة المتاحة للفلسطينيين ، مما ادى تدريجيا الى جفاف اكثر من 60% من الينابيع والعيون الصغيرة والكبيرة وتراجع تصريف الينابع المتبقية بشكل كبير ، كما أدت العوامل الطبيعية للتغير المناخي ، الى جفاف العديد من ألأبار الزراعية وتراجع كبير في انتاجية ألأبار ألزراعية ألأخرى المتبقية ، وكذلك أبار مياه الشرب العميقة وبنسبة تتراوح بين 35-65 % ، وهذا مؤشر خطير جدا ، قد يكون بمثابة جرس إنذار لخطورة الوضع المائي وما يتهدد سلامة وديمومة مصادر المياه الفلسطينية المتاحة والمحدودة جدا .
ما يحصل عليه الفلسطينيون فعليا من موارد المياه المتاحة ، من الينابيع الشحيحة المتبقية ، لم يعد يتجاوزمعدل 24 مليون متر مكعب في السنة ، علما بأن تصريف الينابع كان خلال الستينات يصل الى اكثر من 75 مليون متر مكعب ، اي ان نسبة التراجع في تصريف الينابيع بلغت أكثر من 70% ، كذلك بالنسبة للأبار الزراعية التي إنخفض معدل إنتاجها السنوي من 58 مليون متر مكعب خلال منتصف الستينات الى اقل من 26 مليون متر مكعب حاليا ، أي بنسبة تراجع تزيد على 58 % . الى جانب ذلك ما تم اثباته من خلال سجلات الرقابة الهيدروجيولوجية ، بشأن ظاهرة الهبوط المتواصل في مستوى سطح المياه ، في عدد كبير من ابار مياه الشرب ، في الحوضين الجوفيين الشرقي والشمالي الشرقي ، وهي ابار عميقة جدا ، وهذا ألأمر يتعلق بالطبقات الصخرية الرئيسية البعيدة الحاملة للمياه الجوفية ، والتي تشكل ما يعرف بالطبقات الصخرية السفلى الحاملة للمياه الجوفية ، حيث تشكل هذه الطبقات النظام الرئيسي للأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية . تعتبر هذه الظاهرة ألأكثر خطورة على الوضع الهيدروجيولوجي لنظام ألأحواض المائية الجوفية ، نظرا لأنها تتعلق بهبوط تدريجي كبير لمستوى سطح المياه في هذه الطبقات، وتشمل تلك ألأبار بالدرجة ألأولى مجموعة ابار حوض بطن الغول القديمة التي لا زالت تدار تحت إشراف شركة المياه ألأسرائيلية "ميكوروت" ، وكذلك مجموعة ألأبار الجديدة ، التي تم حفرها بعد اتفاقية اوسلو2 لعام 1995 ، والمدارة من قبل سلطة المياه ويصل عددها الى حوالي 18 بئرا، إضافة الى بعض أبار عين سامية الستة ، الواقعة شرق رام الله ، وصولا ً الى أبار الشرب التابعة لبلديتي نابلس وجنين ، ويقدر انتاج مجوعة ابار مياه الشرب مجتمعة حوالي 31 مليون متر مكعب في السنة . هذه المؤشرات الهيدروجيولوجية المتمثلة كما اشرنا في التراجع الخطير لتصريف الينابيع وألأبار بنوعيها الزراعي والشرب ، يعتبر بمثابة انذار للفلسطينيين لكي يدركوا بأن احتمال فقدانهم لمصادر المياه الجوفية ، لم يعد الا مسألة وقت ليس إلا ، وبأن خطر تعرض ابارهم وينابيعهم للنضوب والجفاف هو أمرا ً واقعا لا محالة .
وفق ما تقدم فأن اجمالي ما يحصل عليه الفلسطينيون في الضفة الغربية من كافة هذه المصادر ولكافة أوجة ألأستخدام ، الشرب والمنزل والزراعة والصناعة ، لم يعد يتجاوز بمجموعه معدل 117 مليون متر مكعب في السنة ، تشكل هذه الكميات أقل من 15% من اجمالي الطاقة المائية المتجددة سنويا ، والتي تنشأ وتتكون بكاملها عن مياه الأمطار التي تسقط داخل حدود الضفة الغربية بمعدل سنوي لا يقل عن 850 مليون متر مكعب ، منها 750 مليو متر مكعب ، تتسرب الى باطن ألأرض ، لتشكل مصادر المياه الجوفية ، وحوالي 100 مليون تشكل مياه ألأودية الموسمية . تسيطر وتنهب إسرائيل اكثر من 85% من مصادر المياه الفلسطينية المنشأ ، والتي تقع كامل مساقط مياهها كما اسلفنا داخل حدود الضفة الغربية .
إضافة لموارد المياه اعلاه ، يحصل الفلسطينيون في الضفة الغربية حاليا على كميات مياه اضافية ، بمعدل 46 مليون متر مكعب ، يتم التزود بها من خلال شركة المياه الأسرائيلية "ميكوروت" بسعر وسطي 3.5 شيكل للمتر المكعب الواحد ، علما بأن الجزء الأكبر من هذه الكميات ، بدأت عملية التزود بها سابقا ، قبل إنطلاق عملية السلام في مدريد عام 1991، وبمعدل 5 ملايين متر مكعب لقطاع غزة ، ، وحوالي 31 مليون متر مكعب للضفة الغربية ، ولا تزال هذه العملية مستمرة حتى ألأن ، بألأضافة الى 10 مليون متر مكعب في السنة ، وهي كميات إضافية للضفة الغربية ، إبتدأ التزود بها ، بعد اتفاق اوسلو2 ، طبقا ً للمادة ألأربعون من ألأتفاقية المرحلية .
نذكر بأن المادة ألأربعون تضمنت ثلاثة بنود اساسية حول المياه ، البند ألأول وينص على اعتراف الجانب ألأسرائيلي بحقوق المياه الفلسطينية والألتزام بالتفاوض بشأن هذا ألأمر ، في اطار مفاوضات الوضع الدائم ، واما البند الثاني فكان يتعلق بألتزام إسرائيل بتسهيل حصول الفلسطينيين على كميات مياه اضافية ، قدرت بمعدل 80 مليون متر مكعب في السنة خلال المرحلة ألأنتقالية 1995-1999 ، والبند الثالث ويتعلق بأوجه وآليات التعاون بين الطرفين لتنفيذ ما تضمنته المادة ألأربعون في مجالي المياه والمجاري ، الا ان ألأسرائيليين وكعادتهم ، تنكروا للأتفاقية المرحلية وتنصلوا من التزاماتها عليهم ، وراحوا يختلقون التأويلات والتفسيرات ، ويضعون العراقيل والتعقيدات امام المشاريع الفلسطينية التي قدمت للجنة المياه المشتركة ، لذلك لم يتمكن الفلسطينيين من تطوير كميات المياه ألأضافية المتفق حولها وهي كما أشرنا أعلاه 80 مليون متر مكعب في السنة ، خلال فترة السنوات الخمسة للمرحلة ألأنتقالية 1995-1999 وبعدها ، وكل ما استطاع الفلسطينيون تطويره من تلك الكميات حتى يومنا هذا ، لم تتجاوز فعليا معدل 22 مليون متر مكعب ، أي بأقل من الكميات التي تم ألأتفاق حولها بنسبة تفوق ال 70% ، علما ً بأن الفلسطينيين فقدوا بالمقابل ، منذ العام 1995 وحتى ألأن ، أكثر من 40 مليون متر مكعب ، نتيجة لتراجع إنتاجية ألأبار الزراعية وشح وجفاف العديد من الينابيع الرئيسية كما سبق وأشرنا أعلاه ، مثل ينابيع بردلة والفارعة والعوجة وفصايل وغيرها ، والسبب الرئيسي في ذلك ، يعود الى الممارسات ألأسرائيلية في تعريض احواض المياه الجوفية الى عمليات استنزاف قصوي مستمر على مدار الساعة ، من خلال ألأبار ألأسرائيلية العميقة والعالية ألأنتاجية التي تم حفرها داخل مناطق الضفة الغربية وخاصة في مناطق الحوض الشرقي ، او على حدودها الغربية مع امتداد الخط ألأخضر ،والتي تشكل شبكة تضم اكثر من 550 بئرا عميقا بأنتاجية عالية جدا تصل الى أكثر من 1000 متر مكعب في الساعة للبئر الواحدة ، هذا بألأضافة الى تأثير التغيرات المناخية .
خلاصة هذا التحليل ، نشيرالى ان إجمالي ما هو متاح ألأن لدى الفلسطينيين من المياه في الضفة الغربية ، من كافة المصادر، لا يتجاوز حاليا معدل 163 مليون متر مكعب ، يستخدم منها حوالي 80 مليون متر مكعب في قطاع الزراعة ، وبالتالي ما يتبقى للأستخدام المنزلي والشرب والصناعة ، لا يتعدى 83 مليون متر مكعب ، نسبة الفاقد من الشبكات وكما اشرنا اعلاه تصل الى 40% ، اي ان معدل ما هو متاح فعليا للأستخدام ، لا يتجاوز بمجموعه 50 مليون متر مكعب في السنة ، أي بمعدل لا يتجاوز 20 متر مكعب للفرد الواحد في السنة ، اي ما يعادل 55 ليتر للفرد الواحد في اليوم ( عل اساس إجمالي عدد السكان 2.6 مليون نسمة ) . مقابل ذلك فأن معدل ألأستهلاك للفرد الواحد في اسرائيل يتجاوز 400 ليتر/ اليوم ، وفي المستعمرات ألأسرائيلية المزروعة في كافة انحاء الضفة الغربية ،يتجاوز هذا المعدل بسهولة 800 ليتر/ اليوم ، مع العلم بأن أجمالي ما تستهلكه المستعمرات ألأسرائيلية من المياه لكافة ألأغراض بما في ذلك الزراعة والشرب والمنزل والصناعة اصبح يتجاوز، معدل 92 مليون متر مكعب لعدد يقدر ب 520 الف مستوطن ، اي ما يقارب ضعفي ما هو متاح لأكثر من مليونين ونصف المليون مواطن فلسطيني من المياه ، نذكر هنا ، بأن الحد ألأدنى لأحتياجات الفرد الواحد من المياه للأغراض المنزلية والشرب فقط ، لا يقل عن 130 ليتر / اليوم ، وفق معايير منظمة الصحة العالمية .
حجم العجز القائم حاليا في مصادر المياه في الضفة الغربية ، للأغراض المنزلية والصناعية فقط بدون ألأحتياجات الزراعية ، يقدر بمعدل 100 ليتر للفرد في اليوم ، اي ما يقارب 260 الف متر مكعب في اليوم ، وهو ما يعادل 96 مليون متر مكعب في السنة ، هذه الكميات تمثل الحد ألأدنى للعجز المائي القائم ، أما بالنسبة للقطاع الزراعي ، فأن الحاجة العاجلة لكميات إضافية من المياه ، بما يكفي لري 100 الف دونم اضافي من ألأراضي الزراعية على ألأقل ، تقدر بحوالي 70 مليون متر مكعب ، أي ان إجمالي حجم العجز القائم حاليا في الضفة الغربية ، يقدر بحوالي 166 مليون متر مكعب ، أي ان الضفة الغربية بحاجة عاجلة اليوم وقبل الغد الى هذه الكميات ألأضافية من المياه ، لسد العجز القائم في موارد المياه ولكافة ألأغراض : الشرب والمنزل والصناعة وكذلك لأغراض الزراعة ، وهذا العجز يعتبر الحد ألأدنى .
أما ألأحتياجات المستقبلية من المياه للضفة الغربية ، للأغراض المنزلية والشرب والصناعة ،حتى العام 2025 ، فانها ستصل الى ما يقارب 380 مليون متر مكعب ، بمعدل تزايدي بنسبة 7% في السنة من إجمالي ألأحتياجات الحالية المقدرة بمعدل 186 مليون متر مكعب ، متاح منها 96 مليون متر مكعب فقط ، وبذلك سيكون حجم ألأحتياجات لعام 2025 حوالي 300 مليون متر مكعب ، لقطاع المنزل والشرب والصناعة فقط ، اما للقطاع الزراعي فستكون الحاجة الى حوالي 250 مليون متر مكعب لري حوالي 350 الف دونم ، المتوفر من هذه الكميات حاليا لا يتجاوز 70 مليون متر مكعب ، بذلك فأن الضفة الغربية بحاجة الى ما يقارب 180 مليون متر مكعب للقطاع الزراعي عام 2025 ، إضافة على الكميات المتاحة ، وعلى هذا الأساس فأن حجم كميات المياه ألأضافية المطلوب توفرها حتى العام 2025 لكافة ألأحتياجات المنزلية والشرب والصناعة والزراعة قد تتجاوز معدل 480 مليون متر مكعب.
لهذا فأن الوضع المائي في ألأراضي الفلسطينية ،بالغ ألأهمية بالنسبة لحياة الفلسطينيين ولمستقبل دولتهم القادمة ، لذلك فأن الفلسطينيين أمام تحدي كبير جدا ، هل سيتمكنون من توفير إحتياجاتهم الحالية والمستقبلية من المياه وفي الحد ألأدنى ، في ظل التعنت ألأسرائيلي والتنكر للحقوق الفلسطينية في مصادر مياه ألأحواض الجوفية وفي حوض نهر ألأردن . فألأمر خطير بل ومخيف جدا ، له ابعاده المدمرة ، في ظل التأثيرات المباشرة للتغيرات المناخية ، وفي ظل تزايد الضغط علي تلك المصادر المحدودة ، وتعرضها الى مخاطر ألأستنزاف القاهر والنضوب والتلوث ، مما سيترتب عن ذلك فقدان تدريجي لمصادر المياه الجوفية الوحيدة المتاحة ، ستكون نتائجه وعواقبه وخيمة جدا على كافة المناحي الحياتية للفلسطينيين وإقتصادهم ، وعلى مجمل النشاطات وبرامج التنمية وحماية البئية والصحة العامة .
ولذلك فأن أهم المخاطر التي تواجه الفلسطينيين ، يتمثل كما اسلفنا ، بفقدانهم لمصادرهم المائية الوحيدة من الينابيع المتبقية وألأبار السطحية الزراعية بسبب تعرضها للجفاف شبه الكامل خلال السنوات العشرة القادمة ، كما ستتعرض ابار مياه الشرب الرئيسية لأستمرار ظاهرة الهبوط الكبير في مستوى سطحها المائي ، وهو ما سيؤدي مباشرة الى تراجع كبير في إنتاجية ألأبار ، وقد يصاحب ذلك تردي في نوعية المياه في بعض المناطق ، كلما ازداد معدل الهبوط في مستوى سطحها المائي ، وهذا ألأمر يدرك ابعاده ومخاطره جيدا خبراء المياه والبيئة الفلسطينيين .
علما بأن هبوط مستوى سطح المياه في معظم ابار منطقة بطن الغول وجنوبها ، قد سجل خلال السنوات الخمسة عشرة الماضية معدل يزيد عن المتر الواحد سنويا، وما يقارب 20 الى 25 مترا ، خلال هذه الفترة ، كما سجل معدل انتاجيتها من المياه تراجعا بنسبة تزيد عن 33% خلال نفس الفترة ، مما يؤكد ما أشرنا اليه من مخاوف كبيرة وحتمية بفقدان الفلسطينيين لمصادرهم من المياه الجوفية المنتجة من خلال الأبار .
وفي باقي المناطق رغم الوضع المائي المأساوي المتفاقم حدة وسوءا ، وإنعكاس ذلك على حياة الفلسطينيين من أزمات متواصلة ومعاناة قاسية لحالات العطش ونقص المياه بل وإنقطاعها كليا احيانا في بعض المناطق ، خاصة خلال اشهر الصيف وفترات الجفاف المتزايدة وعلى مدى اكثر من سبعة اشهر في السنة . معظم المدن والبلدات والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة ، تعاني من ازمات نقص المياه وتدهور نوعيتها ، ورغم ذلك لم يشكل هذا ألأمر ، اي نوع من ألأهتمام من قبل ألأسرائيليين ، اللذين يدركون تماما انهم السبب وراء الكوارث والمعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في كافة جوانب حياتهم القاسية ومن ضمنها معاناة العطش ومخاطر انساع ظاهرة الملوحة العالية والتلوث بأنواعه وأشكاله وأبعاده الصحية والبيئبة خاصة في قطاع غزة .
الوضع المائي الصعب والخطير في الضفة الغربية لم يعد من الممكن تأخيره وربطه بمفاوضات مجهولة مضى عليها أكثر من 20 عاما ، لم تحقق اي تقارب في وجهات النظر في الحد ألأدنى ، ولا شيء على أرض الواقع ، يثبت كما أسلفنا وجود اية بادرة إسرائيلية لحسن النوايا في مجال المياه ، سوى التصريحات الديبلوماسية التي لا فائدة منها ، ولم يتفق الجانبان حتى الأن على المرجعيات الأساسية للعملية التفاوضية ، ولم ينجحوا في التوصل الى اي اتفاق حول أجندة موحدة بشأن ملف المياه ، في ظل وجود خلافات عميقة وفجوة كبيرة جدا بين الموقفين ، ولذل قد يمتد الجدل التفاوضي الى 20 سنة اخرى او اكثر بكثير دون ان يتمكن الطرفان من تحقيق اي تقدم بشأن اية قضية من قضايا الوضع الدائم ، ومن ضمنها كما أشرنا قضايا المياه العاجلة ، لهذا أصبح ألأمر يتتطلب بالضرورة اتخاذ اجراءات عاجلة ، قد تشمل :
- فصل ملف المياه عن الملفات التفاوضية الأخرى للوضع الدائم ، والتعامل مع قضايا هذا الملف ، كقضايا عاجلة وطارئة ، جزء منها سياسي يتطلب البحث والنقاش للوصول الى تفاهمات نهائية ، بشأن إيجاد آلآليات القانونية وألأدارية والفنية الدائمة لأدارة ألأحواض المائية المشتركة على اساس إحترام كل طرف لحقوق الطرف ألأخر في تلك ألأحواض . وجزء هام اخر فني يتطلب تعزيز وتطوير التعاون ووضع خطط عمل مشتركة ، لمواجهة ازمات نقص المياه لدى الفلسطينيين ، وتطوير آليات للعمل والتعاون الفني المشترك بهدف حماية البيئة المائية وخاصة ما يتعلق بالكارثة البيئية والمائية في قطاع غزة ، وكذلك حماية احواض المياه الجوفية في الضفة الغربية من مخاطر ألأستزاف ، والتعاون في تطوير مصادر مياه إضافية غير تقليدية ، وفي مقدمتها تحلية مياه البحر وإستيراد المياه من الخارج إذا لزم ألأمر .
- في اطار الية التعاون الفني وكحالات عاجلة يتم الشروع في حفر عدد من ألأبار لأغراض الشرب في الحوضين الجوفيين الغربي والشمالي الشرقي ، بما يمكن الفلسطينيين من الحصول على كميات إضافية من المياه من هذين الحوضين لسد ألعجز القائم من المياه .
- متابعة الحفر لمزيد من ألأبار في المنطقة الشرقية والجنوبية الشرقية لحوض بطن الغول ، بما يمكن من تحويل المياه المتجهة الى ينابيع الفشخة على ساحل البحر الميت ، وضخها بأتجاه محافظتي الخليل وبيت لحم ووفق ما تقود الى ذلك الدراسات الهيدروجيولوجية لهذه المنطقة.
- الشروع في دراسة وتنفيذ مشروع قناة الغور الغربية ، من بحيرة طبريا مرورا بغور بيسان وحتى جنوب اريحا ، على امتداد مناطق ألأغوار الفلسطينية ، وإقامة محطات ضخ على القناة لتحويل المياه الى ألأراضي الزراعية وفق دراسات الجدوى الأقتصادية لأعادة تطوير منطقة ألأغوار الفلسطينية . او إعادة فتح منافذ نهر ألأردن بأتجاه المجرى الجنوبي ، لتعود المياه الى هذا الجزء بشكل طبيعي كما كانت عليه في السابق ، والشروع وعلى الفور في تنظيف هذا الجزء ووقف إلقاء وتصريف المخلفات السائلة والصلبة في مجراه وإعادة تحويل مياه الينابيع المالحة الى خارج حوض النهر .

اما في قطاع غزة فقد تجاوز معدل العجز المائي السنوي التراكمي ، على ثلاثة اضعاف معدل حجم التغذية السنوية المتاحة من مياه ألأمطار ، والتي تقدر بمعدل 50 مليون متر مكعب في السنة ، بينما يجري ضخ ما يزيد على 185 مليون متر مكعب في السنة ، وهو ما أصبح يشكل إستنزافا ً وتهديدا خطيرا لسلامة وديمومة النظام المائي الجوفي في قطاع غزة ، تجاوز كل الخطوط الحمر لمعايير ما يعرف من النواحي الهيدروجيولوجية بالضخ ألآمن ، هذا بألأضافة الى زيادة مخاطر التلوث الناتج عن المخلفات الصلبة والسائلة بنوعيها الزراعي والصناعي .
فالوضع المائي في قطاع غزة لم يعد بحاجة الى التحذير ولا الى دق ناقوس الخطر من حدوث الكارثة ، لأن الكارثة قد حلت منذ سنوات واصبحت ابعادها تتفاقم سنة بعد سنة ، في كافة ابعادها وجوانبها البيئية والصحية وألأقتصادية والأجتماعية ، حيث وكما اكد معظم خبراء المياه والبيئة الفلسطينيون في القطاع ، بأن ما يزيد على 95% من المياه الجوفية ، وهي المصادر الوحيدة المتاحة ، قد اصبحت مياه عالية الملوحة ، غير صالحة لا للشرب ولا لأي نوع من ألأستخدامات المنزلية ، وفق المعايير الصحية المطبقة في دول العالم ، وما يزيد من أبعاد هذه الكارثة ، تعرض العديد من أبار مياه الشرب الى التلوث العضوي ، خاصة ما اثبتته نتائج الفحوصات المخبرية بوجود معدلات عالية جدا لعنصر النيترات في العديد من تلك الأبار وكذلك وجود عناصر ملوثة أخرى غير عضوية ، مضرة بالصحة العامة وبمعدلات عالية .
لم يعد بأمكان المواطن الفلسطيني في معظم مناطق قطاع غزة ألأستحمام بمياه ألأبار ، نظرا لملوحتها العالية التي لم تعد تطاق ، ولم تعد تلك المياه تصلح لأي نوع من ألأستخدامات الصناعية الغذائية وغير الغذائية ، كما ان نسبة كبيرة من ابار المياه ذات الملوحة العالية التي اصبح معدل تركيز عنصر الكلورايد في مياهها يتراوح بين 1500 ملغ / الليتر وحتى 3000 ملغ / الليتر ، ولذلك لم تعد مياه تلك الأبار تصلح حتى للزراعة ، وقد أصبح من المؤكد بأن ألطبقات الصخرية الحاملة للمياه الجوفية قد تتحول في القريب العاجل الى إمتداد جوفي لمياه البحر ، يغطي معظم تلك الطبقات داخل قطاع غزة ، اي بمعنى أخر دمار شامل لما يعرف بالنظام الهيدروجيولوجي للأحواض المائية الجوفية ، وبالتالي سيفقد القطاع امله في ألأستفادة وألأنتفاع بمياه الأمطار السنوية التي اصبحت تتتحول الى مياه عالية الملوحة فور دخولها الى الطبقات الجوفية في باطن ألأرض .
لم يعد بألأمكان كم يبدو ، تفادي حصول الكارثة البيئية الزاحفة تدريجيا الى احواض مياه غزة ، إلا إذا تم ألأعلان عن حالة طواريء بيئية ، تشارك فيها دول مانحة الى جانب السلطة الوطنية والضغط على أسرائيل بتحمل مسؤوليتها تجاه ما يحدث ، ويمكن ان تتركز حالة الطواريء على خطة عمل فورية لتنفيذ إجراءات عاجلة وفورية على ارض الواقع قد تشمل :
- تبني موسسة السلطة الوطنية قرار الأعلان عن قطاع غزة منطقة منكوبة بيئيا ومائيا .
- وقف فوري لعمليات الضخ الجائر من ابار المياه التي يتجاوز معدل الملوحة فيها المعايير المسوح بها وفق نوع الأستخدام لتلك ألأبار .
- استكمال ما تبقى من العمل في خط نحال عوز والبدء فورا في ضخ المياه عبر هذا الخط الى مناطق محافظة غزة وبمعدل 5 مليون متر مكعب في السنة يتم خلطها بكمية مماثلة من ابار غزة المتوسطة الملوحة ، وحسب ما يرى الخبراء والمختصين في هذا المجال .
- اعادة بناء خط قطيف القديم الذي تم تدميره بعد انسحاب اسرائيل من قطاع غزة ، لتزويد محافظتي خان يونس ورفح بكميات اضافية من شبكة ميكوروت وبمعدل 5 مليون متر مكعب في السنة لكل محافظة ، وأن يتم خلط تلك المياه بكميات مماثلة من مياه ألأبار المحلية ذات الملوحة المتوسطة ، وحسب ما يقره الخبراء والمختصين في هذا المجال .
- الشروع في البحث عن مصادر تمويل يمكن من خلاله تنفيذ مشروع الخط الناقل الرئيسي ومشتملاته وفق ما كان مخطط لهذا المشروع سابقا ، ليكون هذا النظام الناقل جاهزا لنقل وتوزيع موارد المياه ألأضافية على كافة المحافظات ،
- إنشاء ثلاث محطات لتحلية مياه البحر ، تحدد مواقعها وفق مناطق ألأحتياجات والتزود ، على ان لا يتجاوز عددها ثلاثة محطات ، بقدرة إنتاجية لكل محطة من 10 الى 15 مليون متر مكعب، كأقصى طاقة إنتاجية، وذلك لأعتبارات إقتصادية وفنية وبيئية يتم مراعاتها ضمن دراسات الجوى ألأقتصادية .
- اعادة التفاوض مع الجانب ألأسرائيلي لتنفيذ خط مياه جديد يربط محطة التحلية في عسقلان بالخط الناقل الجديد في منطقة بيت لاهيا ، لضخ 20 مليون متر مكعب في السنة ، كان قد سبق ألأتفاق حول هذا المشروع سابقا مع مفوض المياه ألأسرائيلي شمعون طال عام 2005 وإستعداد امريكي انذاك لتمويل المشروع .
- التفاوض مع ألأسرائيليين لتزويد قطاع غزة مستقبلا ، بكميات مياه إضافية لأغراض الري ،من خلال الخط القطري الناقل بمعدل لا يقل عن 50 مليون متر مكعب ، كجزء من الحقوق الفلسطينية في مياه حوض نهر ألأردن .
هذه المشاريع العاجلة تعتبر بمثابة ألحلول العملية الوحيدة لأنقاذ الوضع المائي في قطاع غزة من الدمار الشامل لنظامه المائي الجوفي ، وما يدعيه بعض الخبراء ومن ضمنهم مع ألأسف الشديد، احد موظفي وخبراء البنك وهو فلسطيني الجنسية ومن سكان قطاع غزة وكان في السابق مستشارا ً لدى سلطة المياه ، أفتى هذا الخبير بأن لدى قطاع غزة ما يكفيها من مصادر المياه الجوفية لسنوات طويلة وكان يعني بذلك ، وجود اكثر من 6 مليار متر مكعب من المياه الجوفية ألأحتياطية غير المتجددة ، معتبرا ان هذه الكميات كافية لعقود طويلة لتغطية ألأحتياجات اللازمة من المياه لكافة ألأغراض ، اذا ما تمت تحليتها ،وإدارتها بشكل ناجح ، علما بأن هذا الخبير الذي إدعى ولا زال يدعي المعرفة الواسعة في مجال علوم وتقنيات المياه ، يدرك تماما ان هذه المياه التي يتحدث عنها هي مياه عالية الملوحة وتزداد ملوحتها يوما بعد يوما ، فكلما تم سحب متر مكعب منها ، يحل محله مباشرة متر مكعب من مياه البحر الزاحفة بأتجاه الداخل ، هذا عدى عن ظاهرة التلوث العضوي وغير العضوي التي تتعرض لها مناطق المياه الجوفية في قطاع غزة بسبب الضخ الجائر وحالات ألأستنزاف القصوي المستمرة والتي ستستمر ما لم يتم معالجة ووقف هذا النزف الخطير .
فبدلا ً من ان يقترح خبير البنك الدولى استمرار عمليات الضخ الجائر وإستنزاف ألأحواض الجوفية ، كان أجدى به ان يقدم أفكار ومقترحات تتضمن اوجه المعالجات والحلول المجدية لحماية تلك ألأحواض من مخاطر الدمار الشامل لطبقاتها الصخرية الحاملة للمياه الجوفية، والتي لا يمكن اعادة اصلاحها في حالة تعرضها للدمار الشامل ، اذا ما تحولت مستقبلا ً الى امتداد لمياه البحر داخل القطاع .
كما ان هناك البعض من المسؤولين والخبراء الفلسطينيين ، اقترحوا على القيادة الفلسطينية ، بناء محطة تحلية مركزية بطاقة انتاجية تصل الى 50 مليون متر مكعب ، وهذا حسب إعتقادنا ، قرارا خاطئا ً وغير مبنيا على دراسات واعية للجدوى ألأقتصادية ، مع مراعاة دقيقة لأوضاع قطاع غزة ألأقتصادية وألبيئية وألأجتماعية ، لذلك قد يترتب عن بناء محطة بهذا الحجم مخاطر ومحاذير عديدة من كافة الجوانب ، من ألأفضل تجنبها منذ البداية .
فمشاريع التحلية رغم اهميتها وجدواها في توفير المياه المحلاة لسد الأحتياجات المطلوبة ، الا ان هذه المشاريع تبقى تكلفتها عالية ومشاكلها التقنية كبيرة ، نظرا لحاجة هذا النوع من المشاريع الصناعية الضخمة الى اليد العاملة الماهرة وحاجتها لقطع الغيار لزوم عمليات الصيانة الدورية ولمتطلبات التطوير والتجديد ، وهي غير متوفرة لدى الفلسطينيين ، وكذلك حاجة عملية التحلية للمواد الكيماوية ألأساسية ، وهي غير متوفرة ايضا وباهظة الثمن ، وقد وصف احد خبراء المياه مصانع تحلية مياه البحر بالغول الصناعي ، نظرا لما تحتاجه من قطع غيار ومواد كيماوية ، ونظرا لتعرض مكوناتها وتجهيزاتها للنآكل ، وبالتالي حاجتها للصيانة الدورية الدائمة .
هذا بألأضافة الى المشاكل ألأخرى لمصانع التحلية من النواحي البيئية وخاصة ما يتعلق بالغازات السامة المنبعثة منها ، ومشاكل التخلص من المياه ذات الملوحة العالية التي تحتوي على مواد كيماوية وتعرف بأسم المحلول الملحي " البراين" المرفوض من عملية التحلية ، وغير ذلك من الأمور البالغة ألأهمية التي يجب ان تؤخذ بعين ألأعتبار ضمن دراسة الجدوى ألأقتصادية ،وعدم التسرع في تبني نوع وحجم محطات التحلية المراد تبنيها .
بأعتقادنا ان ملف المياه يشكل أكبر وأهم التحديات التي تواجه الفلسطينيين ، فالمياه هي الحياة وهي مقومات البقاء والوجود لكل كائن حي ، ولن يكون بوسع الفلسطينيين ألأستمرار في حياتهم ولا في بناء دولتهم القادمة من دون وجود ما يكفيهم لسد حاجتهم من المياه ، ونعني إستعادة حقوقهم في أحواض المياه الجوفية وفي حوض نهر ألأردن ، فأذا ما فشلوا في إستعادة تلك الحقوق ، فهذا يعني انهم فشلوا في ضمان مقومات حياتهم وبقائهم وهي المياه، وعندها فأنهم ليسوا بحاجة لأن يبحثوا عن اي امر أخر، سوى ألأعلان عن تنازلهم عن حياتهم وعن حياة اجيالهم القادمة .

اعداد : المهندس فضل كعوش
الرئيس السابق لسلطة المياه
الرئيس السابق للجنة المفاوضات
حول المياه

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت