أبو العبد هنية والمزاوجة بين المقاومة والمفاوضات لتحرير الأسرى

بقلم: عبد الناصر فروانة


هذه هي المرة الأولى التي أستمع فيها للأخ " أبو العبد هنية " نائب رئيس المكتب السياسي لحركة " حماس " ورئيس حكومة غزة ، وهو يشدد فيها على ضرورة المزاوجة ما بين المقاومة والسياسة والدبلوماسية في تحرير الأسرى .

لم يقلل من شأن " الإفراجات " التي جاءت في إطار المفاوضات كما فعل البعض من قبله ، بل أشاد بالجهود السياسية والدبلوماسية الفلسطينية في تحرير الأسرى من سجون الاحتلال الإسرائيلي .

وقال وبوضوح المقاومة حررت والمفاوضات حررت ، بالدبلوماسية حررنا وبصفقات التبادل حررنا ، وأن المعيار الأساسي هو الهدف المتمثل بتحرير الأسرى، والآلية هي المزاوجة ما بين المقاومة والدبلوماسية ، وأن لا حرج في ذلك ، لطالما أن ذلك لا يضر بالثوابت الوطنية ودون مساومة أو مقايضة على الحقوق .

كلمات كانت رائعة بروعة الأسرى وتضحياتهم وتعكس عقلية قيادية متفتحة تجيد قراءة الواقع بموضوعية ، بعيدا عن الفئوية الضيقة أو الحزبية المقيتة ..

جاءت أقوال الأخ " أبو العبد " هذه خلال استقباله للأسرى القدامى الذين تحرروا من السجون الإسرائيلية في الدفعة الأولى قبل أيام ، بالإضافة لممثلي أهالي الأسرى والمؤسسات الفاعلة في مجال الدفاع عن الأسرى ، وكافة أعضاء لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية ، تلبية لدعوته وإصراره على استقبال المحررين وتكريمهم وذلك في بيته يوم أول أمس الاثنين .

" أبو العبد " .. إلتقيته مراراً من قبل ، فيما هي المرة الأولى التي ألتقيه فيها مباشرة منذ " الانقسام " المرير قبل ما يزيد عن ست سنوات .

اللقاء لم يكن بالحدث العادي الذي من الممكن تجاوزه والمرور عنه دون توقف ، كونه يتم في بيت رئيس وزراء الحكومة المقالة بغزة ، وأن الغالبية العظمى من الأسرى المحررين والحضور أيضاً هم من أبناء حركة فتح التي هي على نقيض مع حركته " حركة حماس " ومع حكومته بغزة .

فالاستقبال كان حاراً ، والترحاب بدى شديداً بالأسرى المحررين وبكافة الحضور ، ومشهد الحضور لم يكن عادياً حيث عشرات من الشخصيات الوطنية والناشطين في مجال الدفاع عن الأسرى وممثلي المؤسسات وأهالي الأسرى من مختلف التنظيمات والتوجهات السياسية والفكرية يجسدون مظهر رائع وصور الوحدة الوطنية بأبهى صورها وأروع تجلياتها .

ويتوسطهم مجموعة من الأسرى القدامى الذين تحرر بعضهم حديثاً في إطار المفاوضات السياسية ونتاجاً للجهود الدبلوماسية الرائعة التي بذلها السيد الرئيس " أبو مازن " والمفاوض الفلسطيني .

والبعض الآخر تحرر في إطار صفقة التبادل الأخيرة " وفاء الأحرار " كثمرة من ثمار المقاومة ، بعدما أمضى أقل واحد منهم عشرين عاماً وما يزيد .

لقاء ألقيت خلاله العديد من الكلمات التي أشادت بنضالات وتضحيات الأسرى ، وضرورة العمل والنضال بكل الوسائل المشروعة والممكنة من أجل ضمان إطلاق سراحهم جميعا دون استثناء ،

فيما تطرق الأسير المحرر/ نهاد جندية في كلمة له بالنيابة عن الأسرى إلى أن رسالة الأسرى لكل القوى الوطنية والإسلامية هي دائماً وأبداً تجسيد وترسيخ الوحدة الوطنية ، التي بها وليس بدونها يمكن أن نحقق ما نصبو إليه .

ولم يكن موقف الأخ / " أبو العبد هنية " مختلف عن رسالتنا ورسالة الأسرى الذي عبر عنه في كلمته التي اختتم فيها اللقاء ، والتي خلت من أية كلمات حزبية أو عبارات فئوية ، كما ولم تتأثر بـ " الانقسام " وتأثيراته أو تبعاته ، وإنما تضمنت رسائل عديدة وكلمات كثيرة لطالما تمنينا سماعها ، وأهمها تأكيده على أهمية الوحدة وضرورة تحقيقها في هذه الأيام كضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى .

ومن ثم قدم الكوفية الفلسطينية و" درع الأقصى " درع الوفاء للأسرى المحررين كل باسمه ، كما وقدم دروع الوفاء والتقدير لكل من لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية ، وللحاجة أم ضياء الفالوجي ممثلة أهالي الأسرى وأم لأسيرين ينتميان لحركة فتح ، ولمسؤول ملف الأسرى في حركة فتح الأخ والأسير المحرر / تيسير البرديني .

واختتم اللقاء الذي استمر لقرابة الساعتين بمشاهد وصور لم تكن هي الأخرى عادية ، حيث حرص الجميع على اختلاف انتماءاتهم الحزبية والفكرية والسياسية على إلتقاط الصور التذكارية مع الأخ " أبو العبد هنية " ، على قاعدة أننا أبناء شعب واحد ، ومصيرنا واحد ، ونناضل من أجل تحقيق أهداف واحدة .

وأن " الأسرى " محط إجماع دوماً ، وقضيتهم تُجَمِّعُنا على الدوام و ( لا ) تفرقنا ، وأن حرارة معاناتهم في غرف السجون وزنازينها يمكن أن تذيب جليد " الانقسام " المرير ، وأن تشكل مقدمة لاستعادة الوحدة الوطنية ، وفاءً لهم ولتضحياتهم وللأهداف التي ناضلوا واعتقلوا وأفنوا زهرات شبابهم من أجل تحقيقها .

في الختام ندعو الله عز وجل أن يبشرنا في الأيام القليلة القادمة بما يسر قلوبنا ويخفف من معاناتنا ، وأن يبعد عنا شر ما يؤذينا ويضرنا ، وأن يكف عنا مصائب وآثار " الانقسام " المرير البغيض الذي أنهك قوانا ونهش جسدنا الفلسطيني ، واضعف قضيتنا ، فافقدنا قوة وحدتنا وأصبحنا أبعد مما كنا من تحقيق أهدافنا .

ملفات كثيرة تنتظر وحدتنا .. وآلاف الأسرى يقبعون في سجون الاحتلال بانتظار من يحررهم ، بالمقاومة أم بالمفاوضات ..!

عبد الناصر عوني فروانة

أسير سابق ، وباحث مختص في شؤون الأسرى

مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في دولة فلسطين

عضو اللجنة المكلفة بمتابعة شؤون الوزارة بقطاع غزة
21-8-2013

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت